عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Feb-2019

رحلَة لم تكتَمِل: محطات على طريق المقاومة

 

المؤلفون أبو علاء منصور
الكلمات المفتاحية المقاومة الثورة فلسطين احتلال
غلاف كتاب رحلة لم تكتمل: محطات على طريق المقاومة
شراء الكتاب [المتجر الإلكتروني]
قائمة الموزعين المعتمدين
 
أبو علاء منصور (محمد يوسف)
من مواليد قرية بلعين في قضاء رام الله في عام 1949. عضو قيادة القطاع الغربي في حركة فتح، ومسؤول الحركة في وسط الضفة الغربية خلال الإنتفاضة ألأولى في عام 1987، وقيادي في انتفاضة الأقصى في عام 2000، وأمين سر الحركة في رام الله والبيرة بين عامي 1997 و2005. له عدد من المؤلفات، منها بلعين في المقاومة الشعبية، وانتفاضة المقهورين، وعلى ضفاف النهر، والمراهقة.
 
صدر عن سلسلة "ذاكرة فلسطين" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب أبو علاء منصور (محمد يوسف) رحلة لم تكتمل: محطات على طريق المقاومة. الكتاب يروي تجربة واقعية، وهو ثري بالأسماء والوقائع والأماكن والتواريخ، لكنّه ليس كتابًا توثيقيًا ولا تأريخيًا، يختار فيه أبو علاء منصور ثلاث محطات للحديث عنها، هو بطل اثنتين منها، وشاهد على الثالثة. يعرض مرحلة دوره القيادي في الإسناد الخارجي للأرض المحتلة منذ أواسط السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات، ثمّ تجربته داخل الأرض المحتلة، ودوره القيادي في مرحلة انتفاضة الأقصى وما قبلها، والفترة الوجيزة بعدها. وتقتصر المرحلة الثالثة على الأشهر الستة الأولى من الهبّة التي اندلعت في خريف عام 2015، وكان فيها مراقبًا ومحلّلًا.
 
هدير الذكريات
يتألف هذا الكتاب (399 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من ثلاثة فصول. في الفصل الأول، هدير الذكريات، يورد أبو علاء منصور صورًا من تجربته في لجنة التنظيم 77 التابعة لحركة فتح خلال الأعوام من 1977 إلى 1988. يتذكر أبو علاء منصور المطران هيلاريون كبوجي الذي نقل السلاح بسيارته للمقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة من لبنان عبر معبر الناقورة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ولجنة التنظيم 77 التي دفعت ثمنًا باهظًا لاقتصار عملياتها على عبوات شعبية انفجر بعضها بمُصنِّعيها، وعبوره النهر إلى الأردن واعتقاله عامين في سجن المحطة في عمّان، وغرف العصافير التي تضم عملاء أسقطتهم المخابرات الإسرائيلية في حبائلها بعد اعتقالهم، وفيها أفضى أبطال بما افتخروا أنّهم أعجزوا محققيهم عن انتزاعه منهم تحت التعذيب، وتجربته قائدًا لمعسكر فرز المتطوعين العرب في الدامور بلبنان بعد اجتياح 1978 الإسرائيلي لجنوب لبنان.
 
كما يتذكر لقاءه بزهرة القيسي، التي تزوجها: "في مغامرتي التي استمرت ستة أشهر في الأردن، كتب لي القدر أن أتعرّف إلى زوجتي زهرة القيسي. تردّد والدها كثيرًا قبل أن يوافق على اقتراني بها. ليس سهلًا على والد أن يلقي بمصير ابنته بين يديّ شاب في مهب الثورة. صمّمت على الاقتران بزهرة، ووجدت من يزكّيني عند والدها". تزوجها بوثيقة مزوّرة، "وحين أنجبتْ طفلنا البكر علاء وجدنا أنفسنا في ورطة. كيف نستخرج له جواز سفر ووالدته مسجّلة عزباء في جواز سفرها؟ وأنا والده، جواز سفري محجوز لدى المخابرات الأردنية، وليس لديّ وثيقة أخرى".
 
من خط الأثر إلى لجنة الوسط
يتذكر أبو علاء منصور في هذا الفصل أيضًا خط الأثر الذي أقامته قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود غرب نهر الأردن والذي ظلّ اجتياز عقبة كأداء أمام الفدائيين الداخلين إلى الأرض المحتلة، والطالب المسيحي في الجامعة الأميركية جورج ثيودوري الذي كان يضطر للصلاة مع رفاقه المسلمين منعًا لأي ثغرة أمنية، واستشهاده في عام 1979 في عملية تفجير محطة الباصات المركزية في تل أبيب، وانسحاب المقاتلين الفلسطينيين من بيروت بعد اجتياح عام 1982. يقول: "خرج مقاتلو الثورة من بيروت فتيتَّم الفلسطيني والوطني اللبناني، لكنّ جذور الثورة عميقة في الوجدان. استأنفت المقاومة الوطنية اللبنانية عملياتها العسكرية، ووُلد حزب الله".
 
يتكلم على تفاقم الغضب في صفوف مناضلي فتح، وفي أوساط الثورة عمومًا، وتعاظم المطالبة بمحاسبة الفاسدين المسؤولين عن سقوط الجنوب اللبناني، والانشقاق في حركة فتح، وعلى علاقته بأبو جهاد حتى اغتياله في تونس في عام 1988، وتجربته مديرًا لمكتب عباس زكي الذي عينه المؤتمر العام الخامس لحركة فتح في تونس في عام 1989 مسؤولًا عن الانتفاضة في الأراضي المحتلة.
 
يكتب أبو علاء منصور: "تسبّبت الأعوام التي فصلت بين خروج الثورة من لبنان واندلاع الانتفاضة، وما ترتّب عن انشقاق حركة فتح بفساد وتراجع منسوب التضحية، وحين اندلعت الانتفاضة ولج معظم قادة اللجان العسكرية في القطاع الغربي بابها. رأى المخلصون فيها فرصة لتجديد روح الثورة، وهناك من وجدها مشروعًا للثراء".
 
يتذكر أبو علاء منصور أيضًا عمله في لجنة الوسط مع مروان البرغوثي وكمال ياسين وناديا الخياط وعبلة طه وأحمد عبد الهادي وحسن اشتيوي وعبد الحميد البابا وراضي جابر، ولقاءه أبو عمار وعلاقته المتوترة به.
 
اصطادوا الصقر
محور الفصل الثاني، اصطادوا الصقر، انتفاضة الأقصى في عام 2000. يتذكر أبو علاء منصور عودته إلى فلسطين بعد اتفاق أوسلو في عام 1996، ومروان البرغوتي ومعاناته مع الصراعات الداخلية في فتح، ولجنة إقليم رام الله والبيرة التي كان أبو علاء منصور أمين سرها، والتي أرادت أن تشكّل أنموذجًا في التوحد والجدية، وأن تنفتح على الجميع، وأن تنأى عن المحاور والصراعات، وأن تبتعد عن أي نشاط ذا طابع استعراضي، وألا تشكّل مظلّة للفاسدين.
 
يتذكر أبو علاء منصور اندلاع انتفاضة الأقصى. يكتب: "أشعل دخول أريئيل شارون إلى ساحات المسجد الأقصى انتفاضة. التقط أبو عمّار إشارة التحرّك الشعبي، وتقدّم مروان البرغوثي لقيادة الجموع في الميدان. توالت الحوادث وتطاير الشرر. جاءت الشرارة الكبرى في المشهد المروّع لإعدام الطفل محمد الدرة في أحضان والده. لم يشفع له أنينه البريء، ولا صرخات استغاثة والده المرعوبة. انتشر خبر الجريمة على شاشات الفضائيات، فانفجر الفلسطينيون غضبًا. وجاء الردّ الإسرائيلي وحشيًا كالعادة، وصبّت دماء الشهداء زيتًا على نار الثورة الملتهبة. هبّ فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948، فتصدّت لهم الشرطة الإسرائيلية وقوات حرس الحدود بوحشية، سقط ثلاثة عشر شهيدًا في يومين، وجُرح المئات. هزّت الحوادث وجدان الفلسطينيين من الأعماق. أعادت تسليط الأضواء على حقيقة الاحتلال، وفضحت خديعة أوسلو".
 
انخرط أبناء فتح في الانتفاضة، فوجدت أجهزة الأمن الفلسطينية نفسها إزاء مهمة معقدة، أضحى عناصرها ممزّقين بين ماضيهم النضالي وواقعهم الراهن. في إحدى الصحف، قرأ مقالة على شكل نصيحة موجّهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي باراك، تتضمن رقم هاتف مروان البرغوتي: "إن أردت وقف العنف اتصل بهذا الرقم".
 
من ملجأ إلى آخر
يتذكر أبو علاء منصور يوم قصفت الأباتشي الإسرائيلية مكتبه، والعمليات التي نفذتها المقاومة، في مقابل تمسك السلطة الفلسطينية بوقف إطلاق النار، واندلعت اشتباكات بين حماس والشرطة الفلسطينية في غزة. يقول: "اعتقد بعض المستنكفين عن المشاركة في الانتفاضة أنّ المواجهة كانت أعلى من الحدّ المطلوب لتحسين شروط التفاوض مع الاحتلال، وهناك من التبس عليه الأمر فآثر أن يحيّد نفسه، وربما هناك من وجد أنّ ثمن المواجهة أعلى ممّا يمكنه أن يدفعه. (...) كانت كل خسارة باستشهاد قائد ميداني أو اعتقاله أو مطاردته خسارة كبرى".
 
بحسبه، لم تُولد كتائب شهداء الأقصى بقرار فوقي، ولم يجرِ تبنّيها رسميًا من حركة فتح. طبيعة النشأة وقسوة المعركة لم تسمحا ببناء هيكل نظامي لها. ظلّت تقوم على المبادرات الفردية والاجتهادات الشخصية. وكل من لديه همة في فتح أو من خارج الفصائل، حَسَبَ نفسه تلقائيًا عليها، جمع الهدف والفكرة نخبة ثائرة على طريق المقاومة.
 
يتذكر أبو علاء منصور اجتياح رام الله في عملية "السور الحامي"، واختباءه ومروان البرغوتي في أحد المستودعات، وانتقالهما إلى أحد المنازل، ثم افتراقهما، واعتقال الاحتلال مروان البرغوتي، والفراغ الذي تركه هذا الاعتقال في قيادة الانتفاضة.، ثم تنقله مطاردًا بين منازل الأصدقاء، والمخاطر التي أحاقت به، إلى أن انسحب الإسرائيليون من طرف واحد من قطاع غزة في عام 2005، فخرج من دائرة التخفّي، وبادر إلى بناء إطار يضم أمناء سرّ أقاليم فتح في الضفة الغربية، محاولًا ردم ما يمكن من حفرة الفراغ التي خلّفها اعتقال مروان البرغوتي.
 
عجز الكبار
في الفصل الثالث، عجز الكبار، يتذكر أبو علاء منصور الأشهر الستة الأولى من الهبّة/الانتفاضة التي اندلعت في خريف 2015، ويورد قصصًا من بطولات شبانها وفتياتها. يكتب: "حين يعجز الكبار؛ الفصائل، الدول والمؤسسات الرسمية، يتقدّم الصغار لحمل الراية. لم يلبِّ اتفاق أوسلو ما تطلّع إليه الفلسطينيون، وتسببت الأجواء التي رافقت تطبيقه بتوفير بيئة لنمو بذرة الثورة الكامنة في الصدور، لم تفلح خطة دايتون وثقافة الهزيمة في كبت هذه الروح طويلًا، ها هم أطفال أوسلو يتقدّمون الصفوف. لا سبيل للعجز. هذه هي رسالة هبّة/انتفاضة السكاكين".
 
أخافت انتفاضة السكاكين إسرائيل، فقال رئيس جهاز الموساد السابق إفرايم هليفي في معرض تقويمه للهبّة الجارية: "لو كان هذا الهلع الإسرائيلي موجودًا في عام 1948 لما قامت دولة إسرائيل". وينقل أبو علاء منصور عن أحدهم قوله: "فتح لم تتخذ قرارًا بالمشاركة مع أنّ أغلبية الناشطين في المواجهات فتحاويون، حرّكهم انتماؤهم العميق. مصلحة الصغار في التحرّر، أمّا نحن الكبار فيقودنا الراتب، نتماهى مع مواقف السلطة بغض النظر عن ماضينا النضالي. حين كنّا في جيل أبنائنا طوردنا واعتُقلنا".
 
وبحسبه، كتب محلل في صحيفة معاريف: "المقلق في موجة السكاكين أنّه لا يوجد من نتهمه، السلطة الفلسطينية تستمر في التنسيق الأمني، وحماس لا تطلق الصواريخ من غزة. هذه هي إحدى الانتفاضات الأكثر استفزازًا من بين تلك التي عرفتها إسرائيل. لا يوجد خلفها تنظيم أو قيادة، لا يوجد نموذج لمنفذي العمليات، لا توجد وصفة فعالة للعقاب (...) لقد تحوّلت إسرائيل إلى دولة مُسيطَر عليها من الاحتلال".
 
براميل بارود
يصف أبو علاء منصور في هذا الفصل أطفالًا فلسطينيين يلعبون لعبة الكبار: "فتية يتوزّعون على فريقين يفصل بينهما حاجز من أغصان الزيتون، مشهد يحاكي مواجهة لشبّان فلسطينيين مع جنود الاحتلال. بعض الصبية يحمل دمى تشبه بنادق الجنود، آخرون يتسلّحون بمقاليع وبعضهم ملثّمون. ثمانية أشبال تتراوح أعمارهم بين الثالثة والرابعة عشر. تساءلت في داخلي وأنا أرقب انفعالهم: بأي أدوات سيقاتل هؤلاء في الانتفاضة الآتية؟". كان هؤلاء يصورون شريط فيديو لينشروه على يوتيوب.
 
ويورد الكثير من قصص البطولة التي أبطالها صغار. ينقل عن أحد أصدقائه: "أفزعني ابني - خمسة عشر عامًا - حين قال لي قبل أيام: ’أريد أن أذهب إلى القدس لأطعن جنديًا‘. أقفلت أبواب البيت كلها ووضعت المفتاح في جيبي قبل أن أنام. استيقظت على حركة، نهضت فوجدته ربط حرامات على الشرفة وحاول النزول. الشباب براميل بارود".
 
كانت انتفاضة السكاكين والدهس، بحسب أبو علاء منصور، مختلفة عما سبقها، وهذا يظهر في توصيف الإسرئيليين لها. مثلًا، كتب بن كسبيت في صحيفة معاريف: "(...) أين العدو؟ في كل مكان. أين قيادة العدو؟ في موقع فيسبوك. هذه حرب ضدّ عدو معدوم الوجه، المراتبية، مواقع القيادة، أو مراكز القوة. عدو يقرّر ما يفعله، ويرتجل. حرب لا يمكن الانتصار فيها. الحلّ هو قانون الإبعاد. هذا سيحلّ المشكلة بالتأكيد. أبعد يتسحاق رابين، في حينه، إلى لبنان المئات من رجال حماس. هل رُدعوا؟ هل تراجعت حماس ووضعت سلاحها؟ لا".