عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2020

فضائل ثورة الشام على مهنة الإعلام - أحمد زيدان

 

 الجزيرة - في أحد الأعداد الأخيرة لصحيفة الاندبندنت البريطانية وجدت مقالاً عن مجزرة دوما الكيماوية التي وقعت في السابع من إبريل/ نيسان من عام 2018 والذي يسعى الصحافي الصديق سابقاً روبرت فيسك ما وسعه الجهد والرصيد الإعلامي المستنزف اليوم لإبعاد الشبهة عن العصابة الطائفية في دمشق، فيذهب كعادة حسنين هيكل لاستحضار كل ما وسعه من استحضار الجن والإنس للبرهنة على الحقيقة التي يراها هو وحده، والتي عجزت قوى الأرض من الإنس والجن على إدراكها، فينقل عن ضابط قال عنه بأنه من قوات النيتو بالطبع لا ضرورة ولا حاجة لذكر اسمه أو رتبته أو صفته أو جنسيته، ما دام القارئ يقرأ لروبرت فيسك وأمثاله من أهل التشبيح.
 
يقول المجهول بالنسبة لنا كقراء، لكنه معلوم تمام المعلومية للسيد فيسك بأن أجزاءً من تقرير مجزرة دوما قد مزق، هنا تنتهي الحكاية على طريقة ظهور الأشباح فجأة ليختفوا كما ظهروا، ويُسدل الستار ليبدأ فيسك بإملاء فراغات ما تبقى وعلى طريقته التشبيحية بأن المقصود من كلامه التي ربما لم يقصده الضابط المفترض أن المجزرة كذب في كذب واتهام في اتهام لسيد المقاومة والممانعة التي لم يجمع على تأييده المتناقضات والمتعارضات أبداً فمن أقصى المقاومين والممانعين إلى سرطان الأمة كما وصفها أحدهم يدعمون الطاغية منذ تسع سنين، ومن أقصى اليسار في روسيا إلى أقصى اليمين في أميركا وما بينهما.
 
التشبيح الإعلامي لا حدود ولا جنسية له، وكلنا يتذكر تشبيح باتريك سيل للمقبور حافظ الأسد ولقاصره بشار من بعده، وتشبيحه ضد الثورة الشامية
طبعاً فيسك كصديقه عبد الباري عطوان الذي صدّع رؤوسنا وهو يطالب الأمة بالانتفاض والثورة والتحرر من العبودية، فما كان منه حين بدأت الثورة تثور وتنتفض إلى أن وقف مع من كان يطالبها بالانتفاض ضدهم، ويصطف مع قتلة الشعب السوري والمصري واليمني والعراقي وكل القتلة المأجورين المرتبطين بالخارج والمرتهنين للاحتلالات التي كان يعيش ويقتات عطوان وأمثاله على مهاجمتهم والنيل منه، ليذوب الثلج ويبان المرج، ويتبين أن عطوان وأمثاله ما كانوا إلاّ أبواقاً وأقلام مؤجرة تنتقل من كتف إلى كتف ومن شاشة إلى أخرى.
 
فيسك الذي ظل الإعلامي الغربي الوحيد مقيماً لعقود طويلة في بيروت دون أن يتعرض له أحد بأذى بينما سبقه إلى سجون المليشيات الطائفية  كل شرائح المجتمع الغربي التي آثرت يومها البقاء في بيروت تغطي الحرب اللبنانية من ديبلوماسيين وأكاديميين وصحافيين وخبراء وكتاب، ليفاجأ بعض زملائه باستدعائه على عجل إبان مجزرة حماة في شباط من عام 1982 ليكون الشاهد الأول والأخير على المجزرة فيدخل المدينة ويصور ويكتب عنها دون أن يحصل على هذا السبق أحد دونه أو غيره، ومن كان يظن أن هذه فريدة في عصره وعصر المقبور حافظ الأسد، لنتذكر كيف التقى مع بداية الثورة مجرم الحرب السورية الحقيقي اللواء جميل الحسن مدير المخابرات الجوية والذي كان قد أعلن عن استعداده لقتل مليون سوري وليذهب بعدها إلى محكمة الجنايات الدولية فيتحمل مسؤوليتها، أما أطفال الشام على مدى تسع سنين من البراميل المتفجرة والكيماوي في الغوطة وخان شيخون وعمليات الترانسفير الرهيبة التي لم يسبق للتاريخ أن سجلها، فلا تستأهل من فيسك مقالاً ولا خبراً.
 
التشبيح الإعلامي لا حدود ولا جنسية له، وكلنا يتذكر تشبيح باتريك سيل للمقبور حافظ الأسد ولقاصره بشار من بعده، وتشبيحه ضد الثورة الشامية، ولا بد من التعريج على صاحب التحقيقات الصحافية  سيمور هيرش التي كانت مميزة عن سجن أبو غريب و غيره، لنفاجأ بتحقيق سخيف يتهم فيه تركيا بالمسؤولية عن مجزرة الغوطة الكيماوية والتي لم يبق في هذا العالم بيت وبر ولا مدر إلاّ وقد عرف أنها من فعل العصابة الطائفية، لكن بالمقابل ثمة رموزاً إعلامية غربية وهي كثيرة لا تزال تقف مع ثورات الحرية والعدل والإنصاف وهي ليست محل موضوعنا اليوم، ما دمنا نتحدث عن الأصنام التي هوت.
 
لقد كانت فضائل ثورة الشام على الإعلام كبيرة فضحت أسماء ورموزاً، وهوت بسببها أصنامٌ إعلامية ضللت الأمة على مدى عقود، وبالتأكيد فإن فضائلها على مجالات وحيزات أخرى ليست بأقل من هذا الحيز، ونحن نرى كيف هوت رموزٌ نية فدعمت قاتلاً مأجوراً ضد شعبه، استدعى كل المليشيات الطائفية والاحتلالات الأجنبية لوأد أشواق شعب أراد الحرية بعد خمسين عاماً من القهر والاستبداد.