عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2022

توظيف البؤس الإنساني.. بين التسريب والتضليل* د. فايز بصبوص

 الراي 

ليس مستغرباً على الكيان الصهيوني أن يجعل من إعلامه الرسمي والمدني واجهة لسياسة (فرق تسد) في تعامله مع الآخر، وهي سياسة تعتمد على الفتنة والتفريق وإشعال الحرائق، وهو ليس نهجاً يمارس كدبلوماسية، فيما يخص دول الإقليم إنما هو سلوك مستدام منذ أن صُنع هذا الكيان في المنطقة.
 
الأمثلة كثيرة جداً منذ توظيف بؤس الامبراطورية العثمانية «الرجل الضعيف»، مروراً بتوظيف بؤس اليهود في محارق النازية الهتلرية، وصولاً إلى هذا اليوم والذي يوظف البؤس الناجم عن الازمة الروسية–الأوكرانية من أجل تطوير مكتسباته المشبوهة على كل الأصعدة، وخاصة في تغوله على الشعب الفلسطيني والإسراع غير المسبوق في إنجاز مشروع التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، موظفاً الانشغال الدولي في الازمة الاوكرانية الروسية وايضا من خلال توظيف البؤس الناتج عن ازمة الربيع العربي وارتداداتها مرتكزاً في كل منطلقاته من جوهر ال?يدولوجية الصهيونية القائمة على الاقتلاع والاحلال ومراكمة إنجاز مكتسبات مشوه على أرض الواقع،
 
إن أحد أهم أشكال ذلك الإتجار ببؤس الآخرين هو ما يقوم به هذا الكيان من خلال ماكينته الإعلامية ونفوذه الدولي والإعلامي من أجل توظيف ذلك لما يطلق عليه تسريبات سياسية، وهي بالحقيقة لا يمكن أن تكون تسريبات، إنما هي عبارة عن تضليل حقيقي يستهدف من خلاله ضرب كل مشاريع التعاون المشترك والتكامل بين الدول العربية والوقوف ضد سياسة التشبيك التنموي والتي هي استراتيجية ملكية لمواجهة تحديات العصر.
 
فكان رد الاحتلال الصهيوني على مشروع التشبيك الملكي القائم على أي ائتلاف، أو تحالف عربي اقتصادي أو سياسي أو عسكري هو بانتهاج سياسة التضليل والتشويه واعتبار بعض الاختراقات التطبيعية بهدف التشويه، وكي يعطي انطباعاً بأن هناك خطراً استراتيجياً على كل دول المنطقة بما فيها «الكيان» نفسه، يتمثل في الجمهورية الإسلامية الايرانية وهذا يتطلب حلفاً عسكرياً ضد طهران، وبدأت التسريبات والخزعبلات تجوب وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، بأن هناك اتصالات من أجل تشكيل حلف إقليمي في المنطقة يقوده الكيان الصهيوني للوقوف أ?ام الخطر الإيراني المزعوم.
 
من هنا جاء رد جلالة الملك في لقائه الأخير على أن الأردن ينشد التشبيك والتعاون الاقتصادي والتكامل التنموي بين الدول العربية، حتى لو أدى هذا التشبيك إلى تشكيل نواة للتكامل البيني لكن هذا التكامل أو التحالف يجب ان يعتمد أسساً في التشكيل يكون الكيان الصهيوني خارجه تماماً.
 
أي مراقب عن بعد يعرف تماماً أن تلك المكتسبات الإعلامية المشوهة هي نتيجة طبيعية لما يدور في داخل الكيان الصهيوني من أزمات سياسية، وخلافات بين أقطاب المؤسستين العسكرية والأمنية.
 
من هذه الزاوية جاء نفي وزير الخارجية أيمن الصفدي في لقائه مع قناة الجزيرة حين أكد بأنه لا يوجد هناك أي مشروع عسكري أو حلف شرق أوسطي عسكري الطابع، وأن كل ذلك هو مجرد تضليل لا أكثر، الصفدي نوه أيضاً إلى أن اللقاءات (العربية العربية) تمهد لتوحيد المواقف في اجتماع جدة القادم، والذي سيحضره الرئيس بايدن، وأن الحراك الدبلوماسي الأردني ينطلق من بعده الإنساني والعروبي والوحدوي، والذي يضع القضية الفلسطينية كأولوية على جدول اعمال اجتماع جدة، ولا يوجد هناك من شغل شاغل للقيادة الهاشمية سوى إعادة البوصلة إلى جوهر الصراع?وعدم الاستقرار في المنطقة والذي هو نتيجة طبيعية لسياسة الاحلال والتهويد والاقتلاع القصري للشعب الفلسطيني من ترابه الوطني.
 
المحزن تماماً أن يكون هناك «أبواق» محلية تنتظر بشغف أي تسريبات صهيونية هدفها التفريق بين الدول العربية، ومحاولة زعزعة الاستقرار الداخلي وحصانة جبهتنا الداخلية، لتبرز كأنها العارفة العالمة في خبايا الأمور..
 
أستطيع القول أن كل الضجة الإعلامية التي كُنت قد أشرت إليها في مقالات سابقة، كان مصدرها الكيان الصهيوني، وخاصة بعد تفاقم أزمة الحكومة الصهيونية الداخلية التي أدت إلى حل «الكنيست» فرئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق يريد ان يبعث برسالة الى خصومه السياسيين.
 
وصدقوني أن إسرائيل لا يمكن أن تقتنص أي مكتسب داخلي أو خارجي، إلا من خلال المتاجرة ببؤس الآخرين.