الغد
أبدعت الشقيقة قطر، عشية اليوم العشرين من الشهر الحالي، خلال افتتاح مونديال كأس العالم 2022؛ حيث رسمت صورة أكثر من رائعة أبهرت العالم كُله، وبشهادة كثيرين، صورة تدل على مدى التطور والتقدم الذي وصلت إليه، الممزوج بإرث عربي إسلامي، وعادات وتقاليد ورثوها أبًا عن جد، من غير خجل أو مُجاملة أو مُحاباة لأي كان.
الدوحة أوصلت رسالة للبشرية جمعاء، مفادها بأنها مُنظمة من الطراز الأول، وقادرة على تنظيم مُناسبات عالمية، بلا أي أخطاء أو تقاعُسات، فالمليارات من أبناء الكُرة الأرضية، شاهدت ما قدمته هذه الدولة، الصغيرة بمساحتها، الكبيرة بتفوقها وتطورها؛ إذ تقدمت، وبشهادة العدو قبل الصديق والشقيق، على دول كثيرة مُتقدمة علينا في كُل المجالات، فقط لأنها وضعت هدفًا نُصب عينيها وحققته.
في غمرة ذلك، كان مُنتخب الشقيقة السعودية، يرسم “جمالية” أُخرى، فنية وإدارية، أثبت من خلالها بأن بلاده والدول العربية الأُخرى، قادرة على مُقارعة الكبار، وقادرة أيضًا على تقديم أداء مُميز، وأسلوب لعب في غاية الروعة.. ففي مُنتصف نهار الثاني والعشرين من الشهر نفسه، كان الأشقاء السعوديون يضربون، وبكُل قوة، أركان المُنتخب الأرجنتيني، صاحب النجمتين؛ أي الحاصل على كأس العالم مرتين (1978، 1986)، في مُباراة حامية الوطيس، كانت الكلمة الأخيرة فيها لـ”الأخضر”.
السعودية أوصلت رسالة إلى دول العالم أجمع، بأن الخوف ليس من صفاتنا نحن العرب، وأثبتت بأننا لا نهاب أيًا كان.. إذ نستطيع القول إن السعودية اجتاحت لا بل احتلت الأرجنتين، في تلك المُباراة، حيث كان فيها مُنتخب بلادها يُقدم كُرة قدم مُتطورة، قادر على هزم مُنتخبات يخشاهم الكثيرون، ومُرشحون أقوياء للفوز بكأس العالم 2022.
هاتان حادثتان، كانت لهما ميزتان، لا يُنكرهما أحد، إلا من كان في قلبه حقد أو حسد، فالميزة الأولى تمثلت بإعادة الثقة للعرب بأنفسهم، وبأنهم جميعًا وبلا استثناء، قادرون على فعل الكثير، ويستطيعون ذلك، في حال توفرت الإرادة، والإخلاص، والانتماء، والعمل بروح الفريق الواحد.. أستطيع القول إنه تم إعادة الأمل لأكثر من ثلاثمائة مليون عربي، جُلهم كان قد وصل إلى مرحلة من اليأس والقنوط، إلى درجة أنه أصبح لديهم يقين بأننا كعرب لا نُشكل في مقياس الأُمم إلا صفرًا على اليسار.
أما الميزة الثانية لواقعتي 20 و22 تشرين الثاني 2022، فتمثلت بالاتحاد والوحدة اللذين أظهرهما مُعظم أبناء الشعب العربي من مُحيطه إلى خليجه، مع الأشقاء في قطر والسعودية، ليُعدونا مرة جديدة إلى تلك الأناشيد التي تنم عن الوحدة، وكان أبناء العرب جمعيهم يُغنونها في كل صباح، “بلادُ العُرب أوطاني.. من الشـام لبغدان، ومن نجد إلى يمـن.. إلى مصـر فتطوان”.
فبُعيد مُباراة السعودية والأرجنتين، أظهرت شوارع معظم مُدن الدول العربية، فرحة غامرة، ليس فيها رياء أو مُجاملة، بل كانت نابعة من القلب، مُعبرة عن شعور ينم عن حُب وولاء وانتماء لأبناء جلدتنا.. تمامًا كما كانت ردود الفعل مُشابهة بُعيد افتتاح “مونديال قطر”؛ إذ كان جُل العروبيين يتغنون بذلك الإنجاز، واللوحة الفنية المُتميزة، بلا أي تصنع.
تلك صورتان، لن ينساهما العرب أبدًا، فهما تدلان على أن الوحدة العربية كـ”القيامة آتية ذات يوم”، الوحدة قائمة وموجودة في أركان أجساد العرب كُلهم.. لكن يبدو أننا ننتظر من يُحييها من جديد، أو يطرق ذلك البرُكان الذي بداخلنا لينفجر سلامًا وعدلًا، وقبلهما قوة لا تُقهر.