عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Nov-2019

هل يدرك الآباء لماذا يسرق أبناؤهم؟

 

عمان-الغد-  كثير من الآباء لا يدركون لماذا يسرق أطفالهم، ويبدؤون بتطبيق العقوبات على الطفل، قبل التفكير بالأسباب التي دفعته لهذا التصرف، والسبب جهلهم بتطورات كل مرحلة عمرية للأطفال، فغالبية الأطفال بين عمري 4 و5 سنوات لا بدَّ وأنهم سرقوا مرة أو مرتين.
ومع هذا لا يمكن أن يعتبروا لصوصا، لأنَّهم لا يستطيعون بعد التمييز بين الخير والشر بشكل جيّد، وبين ما هو ممنوع ومسموح، ولا يستوعب الطفل معنى الملكية الخاصة بشكل واضح قبل بلوغه 6-7 سنوات، وعندها يجب التفكير بالأسباب التي تدعو الطفل إلى أن يسرق، قبل التفكير في عقوبته، لأنَّ تصرفه هذا ناقوس خطر ينذر به والديه أنه بحاجة إلى المزيد من الحب والاهتمام، أو أنه يعاني من توتر وقلق بحاجة للبحث عن أسبابه، قبل أن يعتاد السرقة، وتصبح متنفسا للضغط النفسي الذي يعانيه.
لماذا يسرق الأطفال؟!
 
حب التملك: الأطفال الذين لم يتجاوزوا سنواتهم الثلاث، لا يدركون مفهوم الملكية الخاصة، وعندما يعجبون بشيء يبادرون إلى أخذه علانية، ويعتبرون تصرفهم طبيعيا، وعندما يتم منعهم من أخذ ما يحبون يبادرون إلى أخذه خفية، مع عدم إدراكهم لمعنى السرقة.
الغيرة وحب الانتقام: عند الأطفال الأكبر سنا تكون السرقة تنفيسا لغضب الطفل أو غيرته من أحد زملائه أو أخيه الصغير، وفي بعض الحالات تكون بسبب عدم اهتمام الأهل بطفلهم أو انتقاما منهم على معاقبته بشدّة، فيلجأ للسرقة ليطفئ نار غيرته.
الحرمان: يسرق بعض الأطفال لأنهم جائعون، أو لأنهم يحسون بحرمان مقارنة بزملائهم، وخصوصا في المدرسة، فيلجؤون للسرقة لتعويض حرمانهم.
الخوف من العقاب: قد يلجأ بعض الأطفال للسرقة للتخلص من تأنيب والديهم، إن أضاعوا قلما أو دفترا، فيسرقون قلما مشابها لقلمهم من أحد زملائهم، ليتخلصوا من التوبيخ والعقوبة في البيت.
الشعور بالنقص: غالبا تكون بين المراهقين الذين يشعرون أنهم غير محبوبين بين زملائهم، أو يعانون إهمالا من الوالدين، فيلجؤون للسرقة كمتنفس وإن لم يكونوا بحاجة للمال، فقط لإثبات ذاتهم، وأحيانا ترتبط سرقة المراهق بالرغبة في تحدي القوانين وكسرها، والخروج على المألوف.
الخلافات الزوجية: المشاكل الزوجية أمام الأطفال التي تتعلق بالمال، تجعل الطفل في حالة عدم استقرار نفسي، خوفا من انفصال والديه بسبب المال، وربما تجعله يسرق ليخفف من أعباء أسرته المالية.
الدلال: تدليل الأطفال يجب أن يقف عند حدود معينة، فالطفل في عمر 6 سنوات يجب أن يعرف ما يحق له، وما لا يحق، واعتياده على الحصول على ما يريد بغض النظر عن الطريقة، يجعله يشرع السرقة لنفسه.
البيئة: بيئة الطفل المحيطة تلعب دورا كبيرا بإكسابه السلوكيات الحسنة كما السيئة، وقد يعتاد الطفل السرقة، لأنه رأى أمه تسرق من أحد المحال التجارية، أو لأنه عندما سرق أحد أشياء صديقه لم تنبهه أمه إلى مفهوم الحلال والحرام، ولم تطلب منه إعادة ما سرق لصديقه.
رد الآباء
رغم انزعاج الأبوين من حقيقة أن طفلهما جرب أن يسرق مرة أو أكثر، إلا أن انزعاجهما ليس مبررا لردات فعل عنيفة تجاه الطفل:
– في الأعمار الصغيرة بين 3 و4 سنوات يسود اعتقاد لدى الطفل أن كل ما يراه هو ملك له، ومن هذا المنطلق قد يمد يده ليتناول بعض الحلوى من المحل، أو يأخذ لعبة قد أعجبته، وعندما يواجه بالرفض والعقوبة، سيحس بالظلم، ويحاول في المرة المقبلة أخذ ما يريد بدون أن يراه أحد، لذلك فهو يحتاج لمن يشرح له بهدوء، وبشكل مبسط يتناسب مع فهمه، معنى الملكية.
– عندما يبلغ السابعة يستطيع أن يميز بشكل جيد بين ما يملكه وبين ما هو لغيره، ومن غير الحكمة سؤال الطفل بطريقة مباشرة إن كان قد سرق أو لا، فهذا يجعله في مواجهة مع الأهل، مما يضطره للهروب من الإجابة بالكذب، والأفضل أن يشرح للطفل مفهوم الحلال والحرام بوضوح.
– الكثير من الآباء يلجؤون كرد فعل إلى نعت الطفل بالسارق كلما أساء التصرف، وإهانته أمام إخوته وأصدقائه، ظنا منهم أن ذلك سيكون رادعا له في المستقبل، ولكن النتيجة ستكون عكسية تماما، وسيعود الطفل إلى السرقة انتقاما هذه المرة من والديه، وردا لاعتباره.
– يجب مساعدة الطفل على مواجهة فعلته بحكمة، وتعليمه أن الاعتذار أو دفع مصروفه ثمنا لما أخذه بدون حق، أمر سيجعله بطلا في عيون الآخرين، وليس العكس، كما أن تنمية روح المشاركة، وتعلم أن يرد لعبة أو كتابا استعاره من صديق له، سيعزز مفهوم الملكية الخاصة في ذهنه، ويتعلم احترام ممتلكات وحقوق الآخرين.
– من المهم أن يتعلم الطفل أن يكون رقيبا على نفسه، لا أن يراقب من الآخرين، لأنه هو نفسه سيقف أمام رغبته في امتلاك ما لا يحق له، ومرة بعد أخرى سينجح في وضع حدود لرغباته، وعندها يجب أن يشجع من الوالدين، ويشعر أنهما فخوران به وبسلوكه.
ويجب البحث عن أسباب تقف خلف لجوء الطفل إلى هذه التصرفات، وتجعله يندفع وراء رغباته؛ كأن يكون قد فقد الثقة في نفسه، أو يتعرض لقلق وضغوط نفسية، أو أنه بحاجة للإحساس بالحب والاهتمام، وقد تكون السرقة ردا على الغضب من انفصال الوالدين أو مشاكلهما، وقد تكون السرقة في سن المراهقة لأسباب عديده منها التدخين أو التباهي أمام الأصدقاء وتقليدهم. وعليه يجب مراقبة الأهل لأولادهم وسؤالهم عن الأشياء التي يحتاجونها.
رولا خلف
استشارية تربوية أسرية