عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Aug-2020

متى يسأل العربي لماذا لا يسمح له باقتناء طائرات “إف- 35” ومسموحة لإسرائيل؟ - بقلم: جدعون ليفي

 

هذا واقع مجنون يفوق كل خيال: دولة صغيرة جداً تعتمد على فضائل دولة عظمى، تملي على هذه الدولة العظمى والأقوى في العالم، وكذلك على دول قوية أخرى في الغرب، لمن يبيعون السلاح ولمن لا يبيعونه.
 
الكونغرس الأمريكي سن قانوناً خاصاً يلزم الولايات المتحدة بالتشاور مع الدولة التي تقع تحت رعايتها، كما يبدو إسرائيل، قبل التوقيع على صفقات سلاح في الشرق الأوسط.
 
تلك حقائق لا تصدق: الكونغرس الأمريكي سن قانوناً خاصاً يلزم الولايات المتحدة بالتشاور مع الدولة التي تقع تحت رعايتها، كما يبدو إسرائيل، قبل التوقيع على صفقات سلاح في الشرق الأوسط. بكلمات أخرى: حق فيتو.. فيتو لإسرائيل على أمريكا وليس العكس. في العام 1994 مثلاً، وافق رئيس حكومة إسرائيل إسحق رابين بلطف منه على الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لبيع طائرات إف16 للإمارات العربية المتحدة. وفي العام 2020 كان النقاش هل وافقت إسرائيل على مصادقة للدولة التي ترعاها لبيع طائرات إف35 لدولة الإمارات، التي تقيم سلاماً مع إسرائيل. كان الاستغراب شديداً. لماذا يسألون إسرائيل أصلاً؟
هل هذه هي إسرائيل وهذه أمريكا؟ من هي الدولة العظمى ومن هي الدولة تحت الرعاية؟ من أين ولد جنون النظم هذا الذي تستطيع فيه إسرائيل إفشال صفقات سلاح بين دول أخرى؟ غواصات ألمانية لمصر؟ تحتاج إلى مصادقة إسرائيل. وعندما وقع السلام بين إسرائيل ومصر، فما زالت دولة النيل معلقة بنوايا حسنة لإسرائيل كي تسمح لألمانيا ببيعها غواصات.
بهذا القدر هي قوة اللوبي الإسرائيلي واليهودي في واشنطن، وبهذا القدر هي قوة إسرائيل ونفوذها في ألمانيا. صفقة طائرات ايواكس مع السعودية في 1986: 5 طائرات مراقبة أمريكية لدولة بعيدة عن إسرائيل، وحليفة مهمة للولايات المتحدة، أصبح موضوع حملة ضغوط هائلة من قبل اللوبي لإفشال الصفقة. وكانت النهاية أن قرر الرئيس رونالد ريغان ما كان يجب أن يكون مفهوماً ضمناً، وهو: لا. “ليس من شأن دولة أخرى أن تدير السياسة الخارجية الأمريكية”، قال الرئيس وباع خمس طائرات للسعودية. ليحفظنا الله.
بدأ هذا بالصيغة العبثية التي وضعها شمعون بيرس، “لن تكون إسرائيل الدولة الأولى في إدخال سلاح نووي إلى الشرق الأوسط”. ومنذ قال ذلك – حسب منشورات أجنبية بالطبع – وإسرائيل لم تعد الأولى، بل الأخيرة. ومسموح لها فقط التزود بالسلاح الفتاك. ليس هناك بالطبع مسألة أخلاقية – سلاح نووي هو سلاح غير أخلاقي في أي دولة – ولا ينبغي أن نلوم إسرائيل على نفوذها العظيم جداً.
 
لا يمكن لإسرائيل الادعاء بأن جيرانها يحبون السلام. وإذا كان الأمر كذلك فإلام يستند الحق في منع دول أخرى مما هو متاح لها وبدون قيود؟
 
حسب إسرائيل، هي التي لها الحق في التسلح بكل سلاح ممكن وغير ممكن في العالم، وهي تطالب الدولة الفلسطينية المتخيلة، التي لن تقام مكلقاً، بنزع سلاح كامل مسبقاً. لماذا تكون فلسطين منزوعة السلاح وإسرائيل لا؟ من سفك دماء أكثر ومن يعرض الآخر للخطر أكثر، إسرائيل أم الفلسطينيون؟ ومن شن حروباً أكثر؟ لا يمكن لإسرائيل الادعاء بأن جيرانها يحبون السلام. وإذا كان الأمر كذلك فإلام يستند الحق في منع دول أخرى مما هو متاح لها وبدون قيود؟
اسم اللعبة هو الحفاظ على “التفوق النوعي” لإسرائيل، حتى على دول ليس لها أي احتمال في المحاربة ضدها في أي وقت، وكذلك على دول عدوها هو أيضاً عدو إسرائيل، مثل الإمارات. هل ستطلق دبي طائرتها المتملصة ضد إسرائيل؟ يقولون قد يتغير النظام هناك يوماً ما. وماذا لو تغير النظام في إسرائيل؟ من يضمن أن لا يقوم هنا حاكم يريد في يوم ما احتلال الشرق الأوسط كله؟ هذه أسئلة ممنوع مناقشتها تقريباً. من حق إسرائيل أن تفعل كل ما في استطاعتها لمنع سلاح عن غيرها، ولكن ليس بالإمكان تجاهل سؤال هل سيفيد سلوك عدائي وابتزازي كهذا إلى الأبد. يجب على أحد ما في شوارع دبي أو في شوارع القاهرة أن يسأل ولمرة واحدة: لماذا مسموح لإسرائيل طائرات “إف35” ولنا غير مسموح؟ إن هكذا سؤال يظهر اليوم سؤالاً غريباً.
 
 
هآرتس