الشاباك لم یجب عن سؤالي ھل التھم الموجھة للمى خاطر في الخلیل عن نشاط مدني في حماس تبرر ھذا الاستثمار الكبیر لخبرة التنكیل لدیھ: عشرة من المحققین، ربط لمدة عشرین ساعة إلى كرسي قصیر، منع النوم والطبیب الذي أعطى مسكنات الآلام وبعدھا اعاد لمى خاطر إلى معذبیھا.
بسبب ضیق المجال استبعدت ھذا السؤال من المقال الذي نُشر أول أمس. لقد اكتفیت بسؤال آخر والذي لم یجب الشاباك علیھ أیضاً : ھل منع النوم والتقیید بأوضاع مؤلمة یعتبران تعذیبا وممنوعان حسب القانون؟ سؤال بلیغ، لأن ھذه النشاطات بالتأكید تعتبر كتعذیب، وحتى لیس ھنالك تبریر بأن الأمر یتعلق ”بقنبلة موقوتة“. وحتى لا یقترب من ذلك. ”الجنود لم یقوموا بتفتیش في البیت (أي دون أرز مكبوب وثیاب في أكوام مع كراسي مكسورة وتلفاز مھشم) كما یفعلون عندما تكون الشبھة ھي المشاركة في نشاطات مسلحة“، قال لي زوج لمى خاطر، حازم فاخوري عندما كانت زوجتھ ما تزال في السجن.
من أجل أن ألائم المقالة مع عدد الكلمات، ألغیت المزید من التفاصیل. الاختصارات تناسب النص ولكن أحیاناً تضر بھ، مثلما ھو الحال ھنا، ھل تم ایصال الشجاعة المطلوبة للصمود في الـ35 یوم من التعذیب والانفصال عن العالم؟ ھل التُقط منھا وجود زنزانة قذرة وتقیید طوال 10 و20 ساعة في الیوم عندما كان المحققون یحاولون أن یعصروا جیداً تھمة ما في تنظیم مظاھرة علنیة أو مشاركة في لجنة نسویة؟ وربما حتى 5000 كلمة لن تكفي، في مجتمع یتم تزویده بحمیة الكلام لأذرع الأمن.
الانفصال عن اي شخص لیس عدواً كان صعباً بشكل خاص، قالت خاطر. في الـ25 یوم تحقیق مرأت مرتین ممثلین للصلیب الأحمر و3 ُ مرات المحامي. ھذا سمح لھ برؤیتھا فوراً بعد اعتقالھا لو أن التھم ضدھا كانت خطیرة وأمنیة كان سیحظر علیھا الالتقاء بالمحامي لفترة طویلة. بعد لقاءاتھا معھم قالت: ”كان صعباً التفكیر بأنھم سیعودون للبیت للعالم المعتاد في حین أنني سأعود للتحقیق“.
أي تعود لربطھا بالكرسي المنخفض المدرسي لـ15 ساعة أخرى، تعود التھدیدات والإھانات ولصرخات محقق آخر في الشاباك.
وھنالك جملة أخرى اضطررت إلى شطبھا: بالتحدید التھدیدات (”لن نسمح لأولادك بالسفر للدراسة في الخارج“) والتنكیل بغلاف قانوني عزز إصرار خاطر لأن لا تقول ما طلب منھا الشاباك قولھ.
إذاً أنت تنتقم؟ سألت، والمحقق أجاب: ”الكل في إطار القانون“ كجزء من الضغط النفسي جعلوھا تشاھد فلم قصیر فیھ شوھد زوجھا یبكي بعد واحدة من تمدیدات اعتقالھا في المحكمة العسكریة. قالت للمحقق: ”زوجي لا یخجل من إظھار مشاعره، إن بكاءه فقط یزید من حبي لھ“.
فاخوري ھو من عائلة ثكلى: د. باروخ غولدشتاین من كریات اربع قتل في 1994 أخاه، حازم فاخوري، وكذلك 28 مصلیاً في المسجد الابراھیمي. عندما اعتقل الجنود خاطر، ابنھا ابن السنتین یحیى رآھا تخرج لابسة ثیابھا مع من ظن أنھم أناس عادیون، منذ ذلك الحین كلما تلبس من أجل الخروج من البیت ھو یخاف من أن تختفي ثانیةً. تفصیلان آخران تم شطبھما وتم إعادتھما ھنا.
في أي سجن كنت تفضلین أن تكوني- سجن السلطة الفلسطینیة أم السجن الاسرائیلي- سألھا أحد المحققین وانذھل لسماع أنھا تفضل السجن الفلسطیني. ”أنا في حوار سیاسي مع السلطة. ولكن ھؤلاء أبناء شعبي. من المفضل أن أكون في سجن فلسطیني على أن أكون لدى العدو، قالت. في مقالاتھا تنتقد السلطة ومحمود عباس. في التحقیق حرصت على ألا تنجر ”ولا تقول أمورا سیئة عن أبو مازن“ قالت. المحققون حاولوا جرھا إلى نقاشات سیاسیة أو دینیة عن الأقصى والھیكل الذي ُثبت تاریخیا أنھ كان ھناك قبل ذلك“، أو عن معارضتھا للاحتلال. لقد قالت لھم: أنا لست حرة ھنا، ولكن یبدو أنھا وجدت صعوبة في ألا ترد. ”لیس بیننا حتى نسبة 1 % من الأمور المشتركة، إذا كان في نظرك ھذا ھو الأمر الأكثر قداسةً فإن الأقصى لیس من حقنا“ ھي تقول إنھا قالت ذلك للمحقق ھي شعرت أن جزء من المحققین لیسوا متدینین، أحدھم سخر بیوم القیامة. ”قلت لھ أن العالم ھنا (على الأرض) لیس مھماً جداً بالنسبة لي، المھم ھو العالم الآخر الذي یأتي بعده“ الحكم الذي فُرض علیھا، 13 شھر سجن ھو بسیط جدا في سوق العقوبات للمحكمة العسكریة، ویشیر إلى بساطة المخالفة، فعلیاً سجنت لـ12 شھراً. لأكثر من عشر فترة سجنھا عذبھا شبابنا الممتازون في الشاباك في سجن عسقلان. ”مشاھد التحقیق والتعذیب لا تغیب عني“، قالت لي.
عندما نُقلت لسجن الدامون قالت لسجینات أخریات: ”للشخص الذي یعیش حیاتھ من أجل الحریة یصعب أن یكون سجیناً. زوجي لا یفرض علي شیئاً. لیس ھنالك من یجبرني على فعل شيء لا أریده، وفجأة أنا ھنا. لو لم أجرب التحقیق ما كنت لأستطیع احتمال السجن“.