عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Oct-2019

ديرتنا الأردنية .. قطف الزيتون.. غناء ودعاء لخيرات الشجرة المباركة

 

عمان -الدستور - محمود كريشان - على امتداد مساحة الوطن.. من سهول إربد في حاضرتنا الشمالية، وسفوح الرمثا الحورانية أو جبال عجلون الشامخة والمفرق وروابي البلقاء ومأدبا وتلال الكرك وجبال الطفيلة، ومشارف معان ستجد اشجار الزيتون تزين تلك السهول والهضاب في رمزية وجدانية تؤشر الى مدى ارتباط الأردنيين بأرضهم وتعلقهم بهذه الشجرة المباركة.
طقوس متوارثة
ومع بدء موسم قطاف الزيتون ما تزال طقوس قطاف الزيتون في محافظات الوطن وقراه تحافظ على بعض مفرداتها التي اكتسبتها على مر السنين، حيث يتحول موسم القطاف إلى مناسبة يجتمع فيها الأهل والأقارب، للتعاون على جني المحصول، وسط احاديث وموروثات تعيد المجتمعين إلى تفاصيل دقيقة من عقود خلت، عاشها الآباء والأجداد وهم يتحدثون عن أهمية وخصوصية هذه الشجرة المباركة، وهو ما جعل من هذه الطقوس الاجتماعية بامتياز بأن تصبح جزءا لا يتجزأ من الموروث الفلاحي الشعبي الاردني.
ويعد موسم قطاف ثمر الزيتون بمثابة نزهة نقية في أحضان الطبيعة، تلم شمل الأسرة في جو يسوده الود والألفة وروح المحبة والتكافل، بالتشارك مع العاملين ممن يستقدمون للقيام بأعمال القطاف، إذ تقوم العائلات الريفية في بداية كل موسم، بجمع ما يلزمهم من اللباس والأدوات والمؤونة، تمهيدا للتوجه إلى حقل الزيتون، بغية الإقامة فيه طيلة فترة القطاف في اجواء كرنفالية عابقة برائحة الارض الطيبة.
وتبدأ عملية القطاف عادة مع أول هطل مطري، حيث تزداد نسبة الزيت في الثمرة بعد أشهر الصيف الحارة، وتتم الاستعانة خلالها بنوعين من العصي، الأولى عصا قصيرة وصلبة تستخدم لجني الثمار التي تطالها اليد، في حين أن الثانية عصا طويلة مرنة تستخدم لقطاف الثمار، من أعالي الشجرة التي لا تطالها الأيادي.
اتحاد المزارعين
ووفقا لمدير عام اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران، الذي بين لـ»الدستور» ان المزارعين أثناء عملية القطاف أيضا يقومون باستخدام أقمشة ذات مساحات مختلفة تفرش تحت شجرة الزيتون لتسقط الثمار المتطايرة عليها تسهيلا لجمعها فيما بعد، إضافة إلى استخدام قطعة بلاستيكية تشبه المشط تسمى الشفاطة، مع العلم أن كبار السن لا يفضلونها باعتبارها تضعف بنية الشجرة، وتؤثر على انتاجية المحصول في الموسم التالي بحسب رأيهم.
ويرى العديد من كبار السن في الزيت الذي تنتجه الآلات القديمة في المعاصر، أنه ألذ بكثير من الذي تنتجه الحديثة، حيث يقتطع صاحب المعصرة أجره بكمية من الزيت متفق عليها، كما يقوم أيضا بإدارة عملية بيع وشراء الزيت داخل المعصرة بين المزارعين وتجار الزيت المتواجدين بشكل دائم في المعاصر للتعاقد مع المزارعين لشراء الزيت منهم اولا باول.
امام هذا المشهد الاخضر تقوم الحاجة ام رياض خلال موسم القطاف بإعداد الطعام «الزوادة»  لزوجها وأبنائها وتتكون من منتجات الحقل والمزرعة كالبطاطا المسلوقة واللبنة والزيت والزعتر والبيض والجبنة والبرغل والعدس معتبرة موسم القطاف موسم خير وعطاء يتم انتظاره كل عام بفارغ الصبر، ولاسيما أن الأسرة تعتمد في معيشتها على إنتاج هذه الشجرة المباركة، التي تعتبر من الأنواع الأساسية في الريف الاردني.
غناء ريفي
وينهض غناء تراثي من بين حقول الزيتون، عندما يتسلى العاملون على قطاف ثمر الزيتون بترديد الغناء الريفي الطريف، مثل حث صاحب الحقل على اعداد الشاي لهم بترديد عبارات مغناة جاء فيها: هاتوا يا معلم.. هاتوا.. ابريق الشاي مع كاساتوا!!.. بالاضافة لترديد وصلات من الغناء الشعبي مثل: يا مرتكي على السيف سيفك جرحني.. والاغاني الشعبية الاخرى مثل  الدلعونا  و الميجانا  وغير ذلك من غناء يدخل الفرح الى القلوب النابضة بحب الارض الطيبة.
وبالطبع فإنه ومع نهاية كل يوم من أيام القطاف حسب المزارع مهنا تنقل الأكياس المملوءة بثمار الزيتون إلى المنزل ليصار الى تنظيفها من بقايا الأوراق من خلال غربال معدني مخصص لهذه الغاية لتنقل بعد ذلك إلى معاصر الزيتون على قاعدة المثل الدارج  من الشجر الى الحجر  ويقصد بها ثمر الزيتون نقله فورا بعد القطاف الى المعاصر.
وبعد الانتهاء من موسم قطاف الزيتون تبدأ الزيارات بين المزارعين والمباركات مستذكرين أيام القطاف واللحظات المتميزة فيه، ويستفسرون فيما بينهم عن كميات القطاف وانتاج الزيت وكيفية تسويقه ضمن طلبيات تذهب معظمها الى عمان.