الغد-هآرتس
بقلم: يوعنا غونين 25/3/2025
أحد الأمور المثيرة جدا للاهتمام في المظاهرات، سواء أكانت ضد الاحتلال أو ضد الانقلاب النظامي، هو رؤية كبار السن وهم يمشون بتصميم بين المتظاهرين، يقفون بأجسادهم الضعيفة أمام عصي رجال الشرطة، منتصبو القامة ويرفضون الانحناء، ويذكروننا جميعا بأنه إذا كانوا هم على استعداد للنضال، فإنه لا يوجد للشباب أي ذريعة للبقاء في البيت. قدومهم هو الدليل على قوة الروح الإنسانية وقدرتها على التغلب على المصائب، واختيار الأمل مرة تلو الأخرى بدلا من الاستسلام.
إذا كان الأمر هكذا، فإنه من غير المفاجئ أنه بالتحديد هؤلاء الأشخاص الذين يبعثون على الإلهام تحولوا في الأسابيع الأخيرة إلى هدف للهجمات المسمومة من قبل اليمين البيبي، المشبعة بالسخرية التي تثير الاشمئزاز من السن. هذه الظاهرة قادها كالعادة يانون مغيل، وهو شخص من طبقة الغرفة الكيميائية في مهرجان "بومبا ميلا"، الذي وصف قبل أسبوعين في برنامجه في الراديو من يعارضون نتنياهو بأنهم "يسار مختل عقليا" و"طبقة من كبار السن المجانين... الذين لا يعرفون ما الذي يحدث". تطور مثير في موقفه من الاحتجاج: من كراهية النساء (متظاهرات قبيحات)، إلى سحق كبار السن (يساريون خرفون).
لقد انضم بسرعة إلى احتفال التمييز على أساس السن أفضل اليمينيين في الإنترنت. حاني فايزر، مديرة قسم التواصل الاجتماعي لدى عميت سيغل، وامرأة خبيرة في إرسال الرسائل المسمومة، التي كتبت في الأسبوع الماضي عن الاحتجاج الكبير أمام منزل رئيس الوزراء: "يتجول حوله عدد من كبار السن اليساريين الضائعين. مطلوب من كل شخص فقد جده المجيئ لأخذه من شارع غزة". شاي غولدشتاين أطلق النكتة نفسها عن عجوز عندما أرفق فيلما لمتظاهرين في الطريق إلى القدس، بتعليق "حكومة إسرائيل مذنبة بلا شك، لأنه لو أنها اهتمت بنشاطات مناسبة في نوادي المتقاعدين، لكانت تجنبت كل ذلك".
عكيفا نوفيك في مقاله الفصلي المتباكي في موضوع "لماذا لم أنضم إلى الاحتجاج"، لاحظ الهجوم المنظم على كبار السن، لكنه كالعادة، فهمه بصورة مخالفة للواقع. "ليس صدفة أن يطارد نشطاء الليكود كبار السن الاشكناز بصورهم"، كتب نوفيك أول أمس في "هآرتس" "هذا حقا هو الاحتجاج نفسه منذ سنوات". عمليا، كبار السن تتم مطاردتهم لأنهم هدف سهل للإهانة والتحريض: الدمج بين الصورة الشعبوية لـ"نخبة الأفول" والضعف الجسدي، الذي ينتج المتعة السادية. وليس صدفة أن أصبح الأشخاص أصحاب الشعر الرمادي أهدافا لعنف الشرطة في الفترة الأخيرة. "لقد أخذوا العجوز الذي كان بجانبنا وضربوه بمتعة وابتسام وعنف هستيري"، هكذا شهد طبيب على عنف رجال الشرطة في شارع غزة في الأسبوع الماضي.
تقدير القوة واحتقار الضعفاء، من السمات التي تميز الحركات الفاشية. والاستهزاء من المتظاهرين كبار السن يمثل تدهور المجتمع الإسرائيلي إلى هاوية أخلاقية، حيث ينظر إلى الضعفاء وكأنهم عبء، والرحمة لهم بأنها حجر عثرة، أيضا إهمال المخطوفين والقسوة تجاه عائلاتهم تتغذى من البئر المسمومة: أي شخص يمس بصورة القوة الوطنية يتم محوه وسحقه واحتقاره. إن البيبية التي سيطرت على الخطاب العام تمجد السلطة والعنف، وتسخر من القيم الإنسانية مثل التضامن والمسؤولية المتبادلة، وتستخدم الكراهية كسلاح سياسي.
إن وصف المتظاهرين كبار السن بأنهم "أشخاص مجانين ضائعين"، وأنه يتم جرهم إلى المظاهرات من دون أن يعرفوا ما الذي يحدث حولهم، يهدف إلى تقزيم الاحتجاج ضد نتنياهو، لكن التمييز المسموم على أساس الجيل يكشف من فقد التواصل مع الواقع حقا: جحافل المعجبين برئيس الحكومة، الذين هم مستعدون لدوس كل قيمة والتخبط في كل المجاري من أجل إظهار الولاء للزعيم الأعلى. بفضلهم استطعنا أخيرا التقدم من اليهودية القديمة التي تتلخص بـ"احترم العجوز"، إلى اليهودية الحديثة التي تتمثل بـ"اضرب العجوز على وجهه، وبعد ذلك السخرية منه بسبب صورة له في تويتر وهو ينزف على الأرض".