عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Oct-2019

فأما الیتیم فلا تقهر - د.أحمد یاسین القرالة

 

الغد- شاركت الأسبوع الماضي على إحدى الإذاعات الأردنیة في حملة للتبرع لقرى الأطفال SOS، وقد استغربت جداً من بعض الخلاف الذي یدور حول جواز جمع التبرعات لھذه المؤسسات التي ترعى الأطفال فاقدي السند الأسري وتتولى تقدیم الدعم المادي والنفسي لھم، بحجة أن ھذه مؤسسات أجنبیة، والتبرع لمثلھا یؤدي إلى تشجیع ظاھرة الأطفال مجھولي النسب ویزید من عددھم.
وأنا أعتقد أن ھذا الكلام غیر دقیق؛ لأننا الأولى برعایة ھؤلاء الأطفال وحفظ كرامتھم وصیانة ً إنسانیتھم التي أمر بھا دیننا الكریم، فھم أبناؤنا ابتداء ً وانتھاء ّ ، وعلینا أن نشكر وأن نتعاون مع كلِ من یسعى لمساعدتھم وتخفیف معاناتھم التي لا ذنب لھم فیھا ولم یكونوا شركاء في صناعتھا، وإنما  ھم ضحایا جرائم مركبة وثمرة مرة لتصرفات آثمة، وقد قلنا في أكثر من مرة أنھ لا یجوز تحمیل  ذنب لم یفعلوه، فھذا مجاف للعدالة الإلھیة َ ھؤلاء الأطفال وزر ذنب لم یقترفوه وتحمیلھم إثمَ ویتناقض مع صریح نصوص الدین وأقوال علمائھ.
ولما كانت الأسرة ضرورة من ضرورات الحیاة الإنسانیة نظراً لطفولة الإنسان الطویلة وللخدمات َّ العظیمة التي تقدمھا لأفرادھا، فإن حرمان ھؤلاء الأطفال منھا یعقد مشكلتھم ویضاعف من معاناتھم، ویحولھم إلى مواطنین غیر أسویاء ناقمین على المجتمع والدولة؛ لذا كان توفیر الأسر البدیلة لھم ھو الوسیلة الممكنة التي تعوضھم عن شيء من حنان الأسرة وتمدھم ببعض من خدماتھا وتوفر لھم شیئاً من احتیاجاتھم، فكانت قرى الأطفال ھي التي تولت ھذه المھمة وإیجاد البدیل.
َّ إنھ مما لا شك فیھ لدي أن رعایة ھؤلاء الأطفال والتبرع لھم لتوفیر الحیاة الكریمة التي تلیق بكرامتھم الإنسانیة وتصون لھم آدمیتھم، قربةٌ إلى الله تعالى وصدقة جاریة لمن قام بھا؛ لقولھ وأشد معاناة وأكثر بؤساً منھ؛ لأن الیتیم فقد أباه ولكنھ لم یفقد الدعم الأسري والسند المالي من حالاً أنسبائھ وأقاربھ، أما ھؤلاء فلا نسب لھم ولا قرابة، والیتیم قد یكون مالكاً للمال وھؤلاء لا مال لھم؛ لذا فھم أولى بالرعایة والعنایة من الیتیم وأشد احتیاجاً منھ.
َمن یستقرئ النصوص الشرعیة یجدھا تدعو إلى الرحمة، لیس بالإنسان وحده بل بكل ما فیھ روح؛ َّ النبي َّ علیھ الصلاة والسلام: فقالوا یا رسول الله وإن لنا في ھذه البھائم لأجراً، فقد سأل الصحابةُ فقال: في كلِ َ كبد رطبة أجر، وفي الحدیث دخلت امرأة النار في ھرة؛ لأنھا عذبتھا، ودخلت امرأة بغي (زانیة) الجنةَ في كلب؛ لسقایتھا لھ، فكیف إذا كانت الصدقة والمعروف للإنسان الذي أكرمھ  الله تعالى وجعل ھذا الوجود بما فیھ لخدمتھ ومنفعتھ؟.