عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jan-2020

لبؤات “مي تو” لا تهتم بتنكيل الفلسطينيات - بقلم: جدعون ليفي
 
هآرتس
 
إنهن لسن نساء، هن “ارهابيات”. لذلك، التنكيل بهن لا يثير أي اهتمام. في الوقت الذي فيه أي تعليق يتعلق بالجنس موجه لامرأة يثير ضجة كبيرة، فإن التعذيب اثناء التحقيق والاعتقالات العبثية للنساء لا يغضب أي أحد. وفي الوقت الذي يتم فيه تخريب حياة البعض بسبب قبلة أو عناق غير مناسب فإن تكبيل النساء لأيام في ظروف قاسية ومنعهن من النوم والاعتقال العبثي، هي امور سليمة لأنها تتعلق بنساء “ارهابيات”. حركة “مي تو” ذهبت أبعد من ذلك. احيانا بعيدا جدا واحيانا ليس بعيدا بما فيه الكفاية. هذه الحركة توقف عند معسكر عوفر وعند مراكز التحقيق في الشباك. فهي لا توجد هناك. وهناك مسموح التنكيل بالنساء من قبل سلطات الاحتلال. ولا أحد يقوم بالاحتجاج على ذلك.
لقد تم ادخال الى قاعة المداولات الكئيبة في المحكمة العسكرية في عوفر في الاسبوع الماضي السجينة خالدة جرار، عضوة البرلمان الفلسطيني غير القائم. هي لم يتم تعذيبها اثناء التحقيق معها، ولكن علامات الصعوبات التي مرت بها ظهرت عليها. مكبلة وترتدي معطفا رثا لمصلحة السجون ووجهها متعب بعد ثلاثة اشهر ونصف من التحقيق معها والاعتقال. المرأة التي تم اعتقالها عدة مرات في السابق بدون محاكمة في معظمها، متهمة بـ “تولي منصب في اتحاد غير مشروع”. جبل الاعلام لتوجيهات الشباك الذي اتهمها بقتل رينا شنراف ولد فأر على صورة اعتقال سياسي بتهمة “شغل منصب”. اسرائيل لا تكلف نفسها حتى اخفاء حقيقة أنها تعتقل معتقلات ومعتقلين سياسيين مثل اكثر الانظمة طغيانا.
جراء متهمة بأنها مسؤولة عن “النشاطات الوطنية والسياسية” للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وهو حزب يساري علماني لا يعترف الاحتلال بحقه في الوجود مثلما لا يعترف بحق الوجود لأي حزب فلسطيني، لأنها جميعها “تنظيمات ارهابية”. ايضا المدعون العامون في قضية جرار اعترفوا بأن ذنبها الوحيد هو نشاطها السياسي. للمداولات في عوفر جاءت فقط ثلاث اسرائيليات يستحققن التقدير، وذلك بسبب التعبير عن تضامنهن مع الناشطة النسوية الفلسطينية التي توجد في السجن. “مي تو”؟ منظمات نسوية؟ لا يوجد هنا.
مصير الطالبة في الاعلام ميس أبو غوش كان اسوأ. حسب اقوال والدها والمحامين فقد تم تعذيبها اثناء التحقيق. هي ناشطة طلابية ومعتقلة منذ نصف سنة. لائحة الاتهام ضدها تثير الرعب. ولكن عند قراءة بنود اللائحة يتبين أنها مضحكة. في المادة الاكثر خطورة، “حمل السلاح وحيازته وانتاجه”، تم اتهامها بملء زجاجتين من محطة وقود ووضع قطعة قماش فيهما لاستخدامها كزجاجات حارقة. هذه هي صانعة السلاح الكبيرة من مخيم قلندية.
التهم الاخرى هي تهم سياسية تماما. الاتصال مع العدو، مثلا، هو مشاركة في مؤتمر في لبنان حول حق العودة واجراء مقابلة مع قناة لحزب الله. المحامون يطلبون اجراء محاكمة مصغرة حول الوسائل العنيفة التي استخدمت ضدها، حسب ادعاءاتهم، في التحقيق. والدها قال إنه بصعوبة تعرف عليها في المرة الاولى التي قابلها فيها في المعتقل. وقد كان ذلك بعد فترة قصيرة من معالجة أحد السجناء، سامر العربيد، وهو في وضع حرج، في اعقاب التعذيب من قبل المحققين الذين كسروا له 16 ضلعا خلال 30 ساعة وأضروا بأعضائه الداخلية.
محامو أبو غوش قالوا إنها خضعت للتحقيق خلال ايام وليال وهي مقيدة بوضعية “الموزة” و”الضفدع” سيئة الصيت. ايضا هنا “مي تو” غير موجودة. من المحظور مداعبة امرأة خلافا لرغبتها، وهذا جيد. ولكن مسموح تقييدها والتنكيل بها في وضعيات جلوس قاسية. ولم يتم صلب أي من المحققين والمعذبين على عامود العار لنساء النضال النسوي مثلما يفعلن بملصقات القبل. ايضا المنظمات النسوية لم تنبس ببنت شفة: هن منشغلات بالنضال البطولي من اجل ضم الفتيات لسلاح الدبابات، من اجل تمكنهن باسم المساواة بين الرجال والنساء، من قصف غزة كما يخطر ببالهن مثل الرجال. ولكن في سجن الدامون تعتقل الآن عشرات النساء الفلسطينيات، البعض منهن معتقلات سياسيات وبعضهن تم تعذيبهن في التحقيق. فلماذا مصيرهن لا يثير غضب “مي تو”؟.