عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Mar-2023

المنظمات «الدولية».. في خدمة «سياسات» المعسكر الغربي و«هيمنته»!؟*محمد خرّوب

 الراي 

لم يكن إندلاع الأزمة الأوكرانية/24شباط 2022 الدليل الأول والوحيد على أن المنظمات الدولية بدءاً بالأمم المتحدة..جمعية عامة ومجلس أمن, وباقي الهيئات والمؤسسات التابعة لها مُروراً بتلك ذات الطابعً الإقليمي وليس انتهاءً بالقوات التي يعتمر أفرادها القُبعة الزرقاء وتُناط بها مهمة حفظ "السلام" في مناطق النزاع والحروب الأهلية. تم تكريسها لخدمة سياسات المُعسكر الغربي وخصوصاً الولايات المتحدة, على النحو الذي يتأكد يوماً بعد يوم عندما تُوظّفها واشنطن لاستصدار قرارات ضد خصومها أو تغطية لسياساتها الدولية, خاصة أن الأخي?ة كانت وما تزال "المُموّل" الأول لنشاطات هذه المنظمات (فضلاً عن نفوذها و"استضافتها" مقّرات تلك المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة، ناهيك عن البنك والصندوق الدوليين)، بما هما الأداة الأكثر تأثيراً في سياستها الدولية, الرامية الى إخضاع "الأصدقاء" قبل "الخصوم والمُتمردين" ما بالك اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان وغيرهما.
 
وإن كانت الأزمة الأوكرانية وبخاصة بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، قد كشفت بوضوح مدى تبعِية هذه المنظمات لواشنطن, تحت طائلة النبذ والعقوبات والاتهام بانتهاك حقوق الإنسان والعنصرية وغيرها من الاتهامات والمُصطلحات, التي لا تتورّع الإدارات الأميركية عن إلصاقها بأي دولة أو زعيم أو تنظيم أو حزب, يحاول اتخاذ سياسة مُحايدة حال عارضَ سياسات واشنطن أو انتقدها. وهو ما رأينا ترجمته في القرارات التي اتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في شأن أوكرانيا إدانة لروسيا وتنديداً بها.
 
هنا تأتي مُذكرة مُلاحقة الرئيس الروسي/بوتين التي أصدرتها "الجنائية الدولية" لتُسقِط ما تبقى من أقنعة تسربلت بها بعض المنظمات الدولية, زعم الساعون لإقامتها بعد التوقيع على ميثاق روما الأساسي، أنها ستكون العين الساهرة لمُلاحقة "الأفراد" الذين يرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، فإذا بها تتحوّل إلى دمية أُخرى تضاف إلى كمٍّ من الدُمى, التي حملت إلى جانب اسمها صفة "الدولية". أي "وعدوا بأن ستكون في خدمة العدالة الدولية, وليس العدالة الانتقائية أو المُسيَّسة أو العدالة بـ"منظار" أميركي.
 
عودوا إلى ما اتّخذته الولايات المتحدة من عقوبات ضد المنظمات الدولية التي انسجمت أغلبيتها مع القوانين الناظمة لها, مثل المنظمة الدولية للعلوم والثقافة/اليونسكو, عندما اتخذت قرارات (الحد الأدنى) ضد دولة العدو الصهيوني, حيث "انسحبت" واشنطن من عضويتها وأوقفت تمويلها حتى أوشكت على الإفلاس وإغلاق أبوابها, ثم عادت لاحقاً عودة مشروطة استطاعت من خلالها "ضبط" إيقاع هذه المنظمة المُتمرِّدة (في رأيها ورأي إسرائيل). والحال لم تختلف في مجلس حقوق الإنسان (التابع للأمم المتحدة), إذ طبَّقت السيناريو ذاته على نحو ضمن لها أغ?بية مُريحة لتمرير ما تراه من قرارات, وصولاً إلى حرمان روسيا مؤخراً من عضويته. لا تنسوا هنا قطع ترمب تمويل "الأونروا" لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين, وتهديده الإنسحاب من منظمة التجارة العالمية, لأن "الصين" أول المُستفيدين منها.
 
عودة إلى محكمة الجنايات الدولية.
 
"40" وزير "عدل" اجتمعوا أول أمس/الإثنين في لندن, لمناقشة "زيادة" الدعم للمحكمة الجنائية الدولية, مُباشرة بعد إصدار الأخيرة مُذكِّرة "اعتقال" بحق بوتين, لم يتردَّد نائب رئيس الوزراء البريطاني/دومينيك راب في القول: إننا مُتحدون على قضية واحدة، مُحاسبة مُجرمي الحرب على الفظائع التي ارتكبت في أوكرانيا, خلال الغزو الجائر وغير القانوني وغير المُبرر. (وتجاهل سعادته عن قصد أن اليوم الذي اجتمع فه الـ(40)وزيراً, صادف الذكرى الـ"20"للغزو الأميركي/البريطاني للعراق، حيث ارتكب فيه الغُزاة الانغلوساكسون جرائم حرب, كان من?العدالة مثول قادتها أمام الجنائية الدولية منذ فترة طويلة, خاصة أن المحكمة بدأت عملها رسميّاً قبل عام من غزو بوش/وبلير العراق في تموز2002).
 
ما يلفت الإنتباه أن الوزير البريطاني كما الأميركي ومعظم دول المعسكر الغربي, ينطقون باسم المجتمع الدولي (يقصِدون مجتمع الرجل الأبيض/الغربي وليس أي مجتمع آخر, سوى عند الحاجة إلى "أصوات" غير البيض في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية) إذ قال "راب": ستُواصل المملكة المتحدة إلى جانب "المجتمع الدولي" إمداد المحكمة الجنائية الدولية بالتمويل والأفراد والخبرة, لضمان تحقيق العدالة".. وقد التقت مع "رؤيته" نظيرته الفرنسية التي وصفت القرار بأنه في "مُنتهى الأهمية" لأنه – أضافت – يعني أن "أي" شخص مسؤول عن جرائم حرب أو جرا?م ضد الإنسانية "يجب" أن يُحاسب, بصرف النظر عن وضعه أو منصبه".
 
هكذا إذا وضعوا السيناريو وهم الآن بصدد تنفيذه, وليس مهما لديهم ما يُثرِّثر به مدعي عام الجنائية الدولية البريطاني/كريم خان، الذي جيء به لتنفيذ الأجندة الغربيّة مع التزامه عدم النظر بجدية إلى قضايا وملفات أخرى, كـ"النزاع" الفلسطيني الإسرائيلي, أو ملاحقة ارتكابات جيوش أي دولة غربية في أي مكان على كوكبنا.
 
فهل ثمّة قناعة لدى أحد بأن الذين يرطنون بحقوق الإنسان ويُصرِّون على ضرورة عدم السماح لأي مُرتكب بالإفلات من العِقاب، يعنون ما يقولون وقادرون على ترجمته عمليّاً؟ أم أنها سيتلعثمون وينثنون عندما يتعلق الأمر بارتكابات الرجل الأبيض المُشينة خارج "اوروبا وأميركا", وخصوصاً في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا؟.