عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Nov-2025

دعوات لتجريم الضرب التأديبي وتعزيز حماية الأطفال

 الغد-هديل غبّون

 تلقت أوساط اجتماعية وأسرية وحقوقية في البلاد صباح أمس، بحالة من الهلع والغضب، كشف مديرية الأمن العام عن مقتل طفلة تبلغ من العمر 6 أعوام على يد والدها بعد تعرضها "للضرب الوحشي" في إحدى مناطق البادية الشمالية، وسط تجدد مطالبات بإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات الأردني التي "تشرّع الضرب التأديبي" للأبناء".
 
 
وتزامن وقوع الجريمة التي تم إيقاف مرتكبها في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل بتهمة "القتل القصد"، مع اليوم العالمي لمنع الاستغلال والإيذاء والعنف ضد الأطفال الذي يصادف 18 من تشرين الثاني "نوفمبر"، وكذلك يوم الطفل العالمي الذي يصادف 20 من تشرين الثاني "نوفمبر". 
وليست هذه الحادثة الأولى هذا العام، فقد شهدت المملكة عدة حالات قتل مروعة لأطفال، من بينها وفاة طفلين بعد إلقائهما في سيل الزرقاء في كانون الثاني "يناير"، ومقتل طفلة من مواليد 2023، بعد سكب والدها المياه الساخنة عليها في محافظة إربد في آذار "مارس" الماضي.
وتعالت أصوات حقوقيين مجددا، حول المخاوف من تخفيف العقوبات على الجناة في هذا النوع من الجرائم الأسرية، والاستفادة من امتيازات إسقاط الحق الشخصي قانونيا. 
في الأثناء، قالت مديرة الإعلام والمناصرة في مؤسسة إنقاذ الطفل الأردن، نادين النمري، في اليوم العالمي للوقاية من الإساءة على الأطفال، أطلعتنا وسائل الإعلام بخبر وفاة طفلة في السادسة من عمرها ضربًا على يد والدها. 
وأشارت، إلى أن جهود المناصرة بذلت على مدار سنوات للدعوة إلى إلغاء المادة 62 من قانون العقوبات، والتي تبيح ضرب الأبناء وكذلك تشديد عقوبة الضرب المفضي إلى موت وإلغاء إسقاط الحق الشخصي بها أسوة بالجرائم الجنسية.
وتنص المادة 62 من قانون العقوبات على أن "التأديب من الأفعال المباحة، وهو الذي يوقعه الوالدان على أبنائهم بما لا يسبب لهم أي إيذاء أو ضرر، وفقًا لما يبيحه العرف العام".
كما يشدد قانون حقوق الطفل الأردني رقم 17 لسنة 2022 على حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإساءة، حيث تنص المادة 20 على أن "للطفل الحق في حمايته من كافة أشكال العنف أو إساءة المعاملة أو الإهمال أو الاستغلال أو الاعتداء على سلامته البدنية أو النفسية أو الجنسية أو احتجازه، وتتخذ الجهات المختصة الإجراءات الوقائية اللازمة لذلك"، فيما تحظر المادة 21 تعريض الطفل لأي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال.
ويشير حقوقيون إلى أن مواجهة العنف ضد الأطفال تتطلب أكثر من مجرد تجريم الضرب التأديبي؛ فهي تشمل التوعية والوقاية، وتوفير الحماية والدعم القانوني والاجتماعي، والتدخل الفوري عند اكتشاف أي حالة إساءة. كما يؤكدون على ضرورة الإبلاغ عن العنف، خاصة في الحالات التي يوجد فيها سجل سابق لدى الجهات المختصة مثل إدارة حماية الأسرة، لضمان عدم إفلات الجناة من العقوبة.
من جهتها، قالت الباحثة في معهد تضامن النساء زهور غرايبة، إن البيانات المتوفرة حول جرائم القتل الأسرية في الأردن خلال الأعوام الأخيرة، تكشف نمطًا متكررًا وخطيرًا يستهدف النساء والأطفال داخل الأسرة، حيث وقع خلال عام 2024 25 حادثة نتج عنها 32 ضحية، بينهم أربع طفلات، بينما شهد عام 2023 27 جريمة راح ضحيتها 25 شخصًا (16 إناث و9 ذكور). وتشير مؤشرات عام 2022 أيضًا إلى أن 60 % من ضحايا القتل الأسري كنّ من النساء والفتيات، و40 % من الأطفال والطفلات.
أما النصف الأول من العام الجاري 2025، بحسب غرايبة في حديثها"، فقد سجل ارتفاعًا لافتًا بنسبة تقارب 20 % مقارنة بالعام السابق، مع وقوع 12 جريمة أسفرت عن 15 ضحية، ما يدل على اتجاه متصاعد في بشاعة الأساليب وتعدد الضحايا داخل الحادثة الواحدة.
وقالت غرايبة "هذه الجريمة الأخيرة بحق طفلة الست سنوات، تعكس الحاجة الملحّة لتعزيز آليات الرصد والتدخل المبكر داخل الأسر التي تظهر فيها مؤشرات خطر، خصوصًا أن العديد من الجرائم تسبقها أنماط عنف متكرّر كان يمكن التدخل لوقفها قبل أن تتحول إلى قتل".
ورأت الغرايبة، ضرورة وأهمية مراجعة المادة 62 من قانون العقوبات التي تُستخدم لتبرير "التأديب"، بحسب تعبيرها، وذلك رغم أنها تتجاهل الأضرار النفسية والسلوكية العميقة التي يتعرض لها الأطفال، وهو ما يعجّل تعديلها، والأفضل إلغاؤها كخطوة أساسية ضمن أي جهود وطنية للحد من العنف داخل الأسرة". 
وأضافت: "حماية الأطفال مسؤولية مشتركة، والوقاية المبكرة والتشريعات الواضحة قادرة على إنقاذ حياة كان يمكن ألا تُفقد".