عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2020

الإعلام الأردني.. مؤامرة على الدولة*بلال حسن التل

 الراي

الإعلام سلاح من أسلحة الدول، ومكون من مكونات قوتها الناعمة، التي تخوض بها معاركها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن خلال هذا السلاح استطاعت دول أن تحجز لها مكاناً على خارطة الأحداث، كما استطاعت أن تفرض مشاريعها السياسية وغير السياسية. ولكنها لم تستطيع أن تفعل ذلك إلا بعد أن توفر في إعلامها شرط أساسي هو الإعلامي المؤمن بالدولة وبمشروعها، وبما تقوم به، مدافعاً عن مواقفها وخططها ومصالحها العليا، فعند المصالح العليا للدول تسقط كل الشعارات وكل المفاهيم، بما في ذلك مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان،?وقد رأينا كيف كان الإعلاميون الأميركيون، وغيرهم من الأوروبيين يتنقلون في دبابات جنود بلادهم أثناء حرب الخليج، رغم أنها كانت قوات غازية منتهكة لحقوق الإنسان ولسيادة الدول، لكنهم رجحوا مصالح أوطانهم على ماسواها من شعارات.
 
عند الأوطان لابد من وقفة للتحدث عن مكون من مكونات الإيمان بالدولة هو المواطنة، والتي لا تأتي باكتساب الجنسية، لكنها حالة وجدانية مبنية على موروث ثقافي، مرتبط بتاريخ وجغرافيا الوطن، وبمنظومته القيمية وبالولاء لدولته، وهذه كلها يجب أن تتوفر بالإعلامي الذي يعمل في إعلام الدولة والدفاع عن مشروعها، وهنا تبرز أهمية بناء العقيدة الإعلامية للدولة، التي يجب أن يتربى عليها العاملون في إعلامها، فبدون عقيدة إعلامية يؤمن بها الإعلامي، يتحول إلى مرتزق يعمل في خدمة من يدفع أكثر، والتجربة الأردنية خير مثال على ذلك، فقد خا? الإعلاميون الأردنيون الذين كانوا يعملون في الإعلام الأردني المكتوب والمسموع والمرئي ذات زمن كل معارك الدولة الأردنيين، وبشروا بكل مشاريعها وخططها وحشدوا الرأي العام الأردني حول دولته. كان ذلك قبل أن يتحول الإعلام في بلدنا عند الكثيرين إلى مجرد مشروع تجاري، ليصبح الإعلام الأردني معضلة تبحث عن حل منذ سنوات، دون أن نصل إلى نتيجة، فلماذا؟.
 
الجواب على هذا السؤال يكمن في أننا نضع العربة قبل الحصان في قضية الإعلام الأردني، وأول ذلك أننا نهتم بالوسائل والأدوات، ونهمل المضمون، فبعض المسؤولين الأردنيين مبهورين بما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، ويريدون توظيفها لخدمة الدولة الأردنية، لكنهم يسيؤون استخدامها فتأتي النتائج عكسية، وبعضهم يهتم بالكاميرا والميكروفون، لكنهم ينسون تأهيل من يقف خلفهما، وهؤلاء وهؤلاء ينسون وسيلة مهمة لم ولن تفقد أثرها وتأثيرها في الناس، أعني بها الكلمة المكتوبة وصحافتها، التي خاضت كل معارك الأردن في الأزمنة الصعبة، قبل أن ته?ل رغم الحاجة الماسة إليها وهذا خلل خطير لايزيد عنه خطورة إلا عدم اهتمامنا بمضامين وسائل الإعلام الأردني، أي بالخطاب الإعلامي للدولة الأردنية، الذي يترجم أهدافها ومواقفها وسياستها، فقد ضاع هذا الخطاب فيما يشبه المؤامرة على الدولة الأردنية لتجريدها من أسلحتها وأولها الإعلام، فسيطر الهواة على القرار الإعلامي، وأخطر منه تسلل الكثيرين من الذين لا يؤمنون بالدولة الأردنية إلى مفاصل إعلامها، فأضعفوه بل وفكفكوه ومازالوا، ليجردوها من أهم أسلحتها وأخطرها وللحديث بقية.