عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Feb-2019

المعمر الجبور.. یأسره الشوق للماضي ویتغنی بتفاصیل الزمن الجمیل

 

معتصم الرقاد
عمان–الغد-  ارتسمت التجاعید التي خطتھا ید الزمن على وجھ المعمر أمین فلاح قعید الجبور، وغزا الشیب شعره لینقل حكایات بتفاصیل مشوقة وعلى طبق من ذھب لحیاة تجاوزت القرن، بكلمات مفعمة بالمواعظ والحكم تتوالى كـسیل جار على مسامع المتلقي.
عاش المعمر الجبور مراحل زمنیة مختلفة في قریة الفیصلیة/ شرق عمان، ومر بمحطات متعددة عبر 100 عام، لتصبح حیاتھ دروسا وتجارب تستحق أن تروى.. لا یمل من الحدیث عنھا وتكرار سردھا، كلما سنحت لھ الفرصة بذلك.
یروي الحاج الجبور لـ“الغد“ بدایات حیاتھ التي عاشھا في كنف والده في بیت الشعر، وقد بدت على وجھھ علامات الشوق والحنین لتلك الذكریات، ویصفھا بـ“أجمل حیاة“، حیث بساطة العیش یغلفھا محبة الناس وتكاتفھم مع بعضھم بعضا.
عمل الجبور مع والده في تربیة الأغنام والجمال، وعاش حیاة مرت كـ“لمح البصر“ كما یصفھا، فعلى الرغم من أن الإنسان یحب الحیاة ومھما تقدم بھ العمر یزداد تمسكا بھا، إلا أنھ مؤمن بأن لكل شيء نھایة، و“أخذ الروح“ أو ”العزیزة“ كما ینعتھا، ھي نھایة الحیاة.
یصف الحاج الجبور أن الفقر كان منتشرا في منطقتھ، على غرار القرى والمناطق الأخرى، فكان بعض الناس یموتون جوعا، إلا أن تربیة والده الأغنام والتجارة بھا، كانت تسد حاجاتھم ومتطلباتھم.
ویضیف الحاج ”عمل الأھالي في المنطقة بتربیة الحلال والمواشي والزراعة المحدودة، ولكن للأسف، كانت الغالبیة تترك الأراضي ”بورا“ خوفا من نھب الأغنام“.
وبین الحاج الجبور ”حفظت في أول أیام عمري في الشباب بدایات من القرآن الكریم، وكنا نسكن في قریة ”التربة“ وقد أطلق علیھا العام 1968 اسم ”الفیصلیة“، وسكنھا الأھالي من الأقارب والمعارف الذین لم یتجاوز عددھم 10 بیوت شعر“.
ویقول: ”تزوجت العام 1942 من رفیقة دربي، التي توفاھا الله قبل 7 أعوام، وكانت مراسیم الزواج حینھا قراءة الفاتحة بوجود شاھدین، وأنجبنا ثلاثة أولاد ذكور ھم سندي في الحیاة“.
ومن طرائف ما یروي الحاج الجبور ”عندما بدأ الناس بالتحدث عن اختراع السیارات والطائرات، ووصفت بأنھا ”شيء یطیر.. یحمل الناس بالجو.. وشيء یحمل الناس على الأرض ویركض“، وحینھا، كنا نضحك من كلماتھم ولا نصدقھم، ونسأل: ھل لھذا الشيء الذي یحمل الناس ویطیر ویركض على الأرض روح؟ یردون بـ“لا“، وعلیھ نجیب ”ھاظا الحكي كذب“، ولم أصدق قصة السیارة حتى ركبتھا“.
ویذكر المعمر الجبور بأنھ حج أكثر من مرة على الجمال، ویحرص على صیام الشھر الفضیل كاملا كل عام، ویعتقد بأن قلة تناول الطعام أفضل لجسمھ، ومن أكلاتھ المفضلة: ”السمن البلدي والحلاوة والحلیب والزلابیة“، مؤكدا أنھ یستطیع السیر بشكل جید، كما أنھ یرى الأشیاء بوضوح ولا یشكو من ضعف في بصره أو سمعھ، ویضحك ساخرا بأن الأیام لم تخلف لھ سوى سنین في فكھ العلوي.
وحول الفرق بین الیوم والأمس، یجیب بحسرة: ”أمس كان فیھ بعض الجھل، لكن بھ الأمان، والیوم مليء بالعلم.. لكن بھ الخوف وغیاب الأمان“.
ینتھي الوقت سریعا عند الحدیث مع الحاج الجبور، ذاكرتھ محملة بتفاصیل الزمن الجمیل، یھتم بتوضیح الأحداث أو الحیاة الیومیة التي عاشھا، ینقلھا بكل دقة، ویصحح للمتلقي إن فھم المعنى المقصود ”بشكل خاطئ“.