عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Oct-2019

القضاء على الفساد بالطريقة الإندونيسية

 

 
افتتاحية - «كرستيان سيانس مونيتور»
تظهر الاحتجاجات الجماهيرية التي قام بها الشباب قبل فترة وجيزة من أجل إنقاذ وكالة لمكافحة الفساد أن واحدة من أكثر دول العالم فسادًا قد تشهد تغييراً كبيراً في المواقف العامة.
قبل فترة وجيزة، احتج عشرات الآلاف من الشباب في إندونيسيا في أنحاء مدن رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. وقد تمثل هدفهم الرئيسي في منع محاولة أقدم عليها المشرعون من أجل إضعاف اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد. وتعتبر هذه الوكالة الاستقصائية أكثر كيانات الدولة موثوقية نظرا لنجاحها في إدانة المئات من المسؤولين الفاسدين منذ عام 2002. كما أن تحقيقات اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد تستهدف في الوقت الراهن العديد من المشرعين الحاليين.
وتعد هذه المظاهرات الطلابية الأكبر من نوعها منذ عام 1998، عندما نجحت احتجاجات مماثلة في اسقاط حاكم مستبد واستعادة الديمقراطية في هذه الدولة التي تقع في جنوب شرق آسيا. إن حجمها الهائل، إلى جانب حقيقة أن الآلاف من المتظاهرين طلبة في المدارس الثانوية، يعد إشارة إلى أن الشعب في واحدة من أكثر الدول فسادًا قد يكون في طريقه أخيرًا إلى اقتلاع ثقافة الرشوة العميقة الجذور. لقد شارك العديد من الشباب الإندونيسي في البرامج التعليمية التي أتاحتها اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد بغرض تعليم الصدق والنزاهة. ومن بين الأمثلة على ذلك، إصدار كتاب شهير للأطفال في مرحلة ما قبل سن المراهقة بعنوان «أنا طفل صادق».
لقد درس العلماء المختصون بمكافحة الفساد منذ فترة طويلة كيف يمكن للبلدان إبطال الممارسات الفاسدة التي تنتقل من جيل إلى آخر. وتتمتع إندونيسيا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 270 مليون نسمة، بميزة كونها قريبة من سنغافورة وهونغ كونغ، وهما البلدان اللذان قام فيهما المسؤولون بتغيير المواقف العامة خلال جيل واحد من أجل الوصول إلى نظام حكم نزيه.
وينصب تركيز الاحتجاجات على الرئيس جوكو «جوكوي» ويدودو، وهو زعيم شعبي لديه القدرة على نقض القانون الجديد الذي من شأنه أن يحيد فعالية اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد. لقد تولى منصبه في عام 2014 وتمت إعادة انتخابه في شهر نيسان الماضي على وعد بإحداث «ثورة عقلية»، والتي تشمل تغيير المواقف بشأن الفساد. إنه يدعم الإجراء الجديد ولكنه يدعي أنه يمكنه أيضًا حماية اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد. إن الخبراء المعنيين بالشأن الاندونيسي في حيرة من أمرهم إزاء حقيقة دوافعه.
لقد كشفت دراسة حديثة أن الرشوة تمثل عشرة بالمائة من تكاليف الإنتاج في إندونيسيا. كما يفسر الفساد أيضًا التشريع المتراخي لمزارع زيت النخيل الجديدة. إذ يغطي معظم أنحاء إندونيسيا حاليًا ضباب دخاني من حرق الغابات بغرض زرع أشجار نخيل جديدة.
في وقت مبكر من عملها، اكتشفت اللجنة المستقلة للقضاء على الفساد أن العديد من الإندونيسيين ليس لديهم أي معرفة بكلمة «النزاهة» أو معناها. إذا كانت الاحتجاجات تحمل في جعبتها أية إشارات، فقد يكون ذلك في طريقه إلى التغير. قد تكون إندونيسيا في يوم من الأيام نموذجًا لكيفية التخلص من طرق الفساد.