عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Sep-2019

رابطة الكُتّاب الأردنيين.. غياب مشروع ثقافي واصطفافات سياسية قبل الانتخابات

 

 
 عمّان - الجزيرة - حسين نشوان - أمست الأزمة التي تعصف برابطة الكُتّاب الأردنيين التي تتحضر لانتخاباتها في 13 سبتمبر/أيلول الجاري من التعقيد للدرجة التي طالب بعض الأعضاء على صفحاتهم الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بحلها وإعادة تنظيم العضوية بسبب المشاكل التي تراكمت في السنوات الماضية لأسباب انتخابية.
 
ليست العضوية هي المشكلة الوحيدة التي تواجه رابطة الكُتّاب، وإنما هناك الأوضاع المالية والخلافات السياسية، وغياب المشروع الثقافي الذي تأسست الرابطة لأجله والأخطاء التي ارتكبتها الهيئات الإدارية المتعاقبة، بحسب إفادة الشاعر وعضو الهيئة الإدارية لعدد من الدورات السابقة حكمت النوايسة.
 
وإذا كان الجميع يدرك صعوبة الموضوع المالي ويبدي تعاطفه، فإن الموضوع السياسي بقي العقبة التي تتحطم على سفحها كل محاولات رأب الصدع بين منتسبيها.
 
ولم يغب الموقف السياسي عن الرابطة منذ لحظة التأسيس التي تمت بمبادرة من التنظيمات السياسية الفلسطينية في الأردن، والأحزاب السياسية التي رأت في الرابطة كيانا ورافعة لها للعمل بحرية في ظل أحكام الطوارئ وحظر عمل التنظيمات السياسية.
 
وانعكست الخلافات الأيديولوجية بين القوى الماركسية والقومية وتياراتها السياسية، في الصراع على قيادة الرابطة من خلال ثلاثة تيارات نقابية في الرابطة هي التجمع الديمقراطي، وتيار القدس والتيار القومي. 
 
وعمل الانقسام السياسي ومشكلات العضوية وصعوبة الأوضاع المالية على تعطيل الرابطة التي يوجه لها غالبية الأعضاء سهام النقد بأنها لا تنشط سوى عند الانتخابات، وأن الصراع السياسي داخلها غيّب المشروع الثقافي.
 
السياسة تفرق المثقفين
وتفاقمت الخلافات بُعيد الأحداث في سوريا التي قسمت الهيئة العامة إلى فسطاطين، أحدهما يجاهر بوقوفه مع النظام السوري انطلاقا من كونه "نظام ممانعة"، والآخر يقف مع الثورة ويصف النظام بأنه "ديكتاتوري وقاتل".
 
ويقول نائب أمين وزارة الثقافة الأسبق باسم الزعبي للجزيرة نت إن "المثقفين كما الشارع العربي انقسموا حول الأحداث من سوريا، وانعكس ذلك على القوى والاتجاهات السياسية المكونة للرابطة، وأصبح الموقف مما يحدث في سوريا حاسما في تحديد التحالفات والاصطفافات، لدرجة أنه غلب على التحالفات في القضايا الوطنية والعربية، وشكل شرخا في العلاقات بين القوى السياسية". 
 
ويرى النوايسة أن الخلاف صحي وطبيعي شرط ألا يصل حد الاحتراب والتكفير، أو التخوين، مما يدمّر أي تجربة ديمقراطية.
 
ويقترح الناقد والأكاديمي غسان عبد الخالق للجزيرة نت للخروج من عنق الزجاجة، "ضرورة العودة للمربع الأول الذي أنشئت الرابطة من أجله، وهو المشروع الثقافي الذي غاب أو كاد يغيب في خضم التعويض عن الضحالة الثقافية الفادحة بمزيد من الشعارات السياسية".
 
واستدرك عبدالخالق أنه يمكن تفهم الدور المزدوج للرابطة بوصفها حاضنة للسياسيين المثقفين أو المثقفين المسيسين في زمن الأحكام العرفية، لكن بعد أن أصبح العمل الحزبي قانونيا وعلنيا، فإن من العبث الاستمرار في الزج بالرابطة في مغامرات سياسية على حساب الإبداع الثقافي.
 
أما رئيس تحرير مجلة "أفكار" الصادرة عن وزارة الثقافة الناقد يوسف ربابعة، فيرى أن الرابطة "وصلت لمأزق صعب، وتحديدا بعد دخولها في صراعات حادة بعيدة عن المعيار الثقافي والإبداعي، وربما يكون الخروج من ذلك ليس سهلا".
 
وأدى الصراع السياسي الذي تخوضه التيارات بضراوة إلى حالة من التجييش التي وصل فيها عدد منتسبي الهيئة العامة إلى أكثر من ألف منتسب، ويتندر الأعضاء بالقول إن عدد أعضاء الرابطة "أكثر من كتاب الصين"، وهناك من ينتقد توظيف قبول العضوية وربطه بخدمة الانتخابات. 
 
تجييش انتخابي
ويرى الزعبي أن هذه الإشكالية "تثار فقط عند كل دورة انتخابية، ثم تطوى، محملا الهيئات الإدارية المتعاقبة المسؤولية عما آل إليه ملف العضوية". ويعترض النوايسة على معايير القبول التي لا يرهنها بالكم وإنما بالنوع، لافتا إلى أن "اللغط حول العضوية ناجم من الاعتراض على قبول كثير من الأعضاء".
 
وأوضح أن "المشكلة ليست في قبول العضوية، وإنما بالكتابة عن رداءة ما يكتب، أو جماله، وهذا هو الجدل المفقود لصالح الجدل (النميمي)، والحقيقة إن ما نحتاجه هو الجدل والنقد الحقيقي الذي يفرز الصالح من الطالح".
 
تراكم التحديات التي تقع بالجملة دفعت الشاعر راشد عيسى للتعبير عن اليأس بالإصلاح، وقال للجزيرة نت، إن "ثلاثة أرباع أعضاء الرابطة مصابون باليأس في أن تحقق الهيئة الإدارية الجديدة جزءا من حزمة أجندتها"، مستدركا (بتهكم) أتابع منذ سبعة وثلاثين عاما "بيانات مخلصة لتكرارها"، مشددا "ليس المهم من يفوز، المهم الفعالية الثقافية بالدرجة الأولى".
 
ويشاركه الرأي عبدالخالق الذي يرى أنه على الجميع إدراك حقيقة أن وظيفة الثقافة سياسيا تتمثل في التعبير الجمالي العالي عن الهم الجمعي، ولا تتمثل في الالتحاق بركب التعبيرات الأيديولوجية التي أكل عليها الدهر وشرب.
 
وعن الآفاق المحتملة للإصلاح يرى ربابعة أن التفكير في تشكيل اتجاه خارج التيارات التي باتت تحكم المشهد أمر قد يكون مفيدا، لكنه يحتاج مجموعة وازنة وقادرة على صناعة الفرق، ويشخص الزعبي صعوبة ذلك بأن "القوى السياسية لا تزال هي القوة الفاعلة في المشهد الانتخابي بالرابطة، ووجودها دليل آخر على أن محاولات بعض الأعضاء إخراج الرابطة من اهتمامها بالشأن السياسي محاولات لن تحظى بفرص النجاح. 
 
غياب المشروع الثقافي
يربط النوايسة ضعف النشاطات بغياب الدعم، معترفا بعدم وجود مشروع ثقافي واضح، ومن هنا اقتصر العمل الثقافي في الرابطة على الأنشطة المتنوعة، سواء أكانت المؤتمرات، وهي قليلة، أم كان على مستوى الفعاليات الجماعية والفردية، وهو دور تقليدي هزيل يمكن أن تقوم به أي مؤسسة ثقافية.
 
ويرى أن السبب هو غياب الدعم اللازم للرابطة، إذ لا تتلقى أي دعم إلا من وزارة الثقافة، وليس لها مقر دائم، وليس لها أي موارد أخرى غير اشتراكات الأعضاء التي لا تتجاوز أربعة وعشرين دينارا عن السنتين (نحو ثلاثين دولارا أميركيا).
 
ويقر مدير الهيئات الثقافية بوزارة الثقافة غسان طنش للجزيرة نت بوجود الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الرابطة منذ عشر سنوات، لكنه يوجه النقد للهيئة التي تضم شخصيات اقتصادية وأكاديمية ومستثمرين ومسؤولين سابقين، وتغيب مبادراتها بسبب عدم وجود مشاريع مقنعة لخطاب المجتمع المدني وإقناعه ليقدم لها الدعم لزيادة دخلها واستقراره.
 
وإلى أن تنقشع سحابة الصراع الانتخابي يوم 13 الجاري سيبقى العنوان الحاسم الذي يخوضه تحالف "القومي"، "والتجمع الديمقراطي" في مواجهة "تيار القدس" ليس المشروع الثقافي، بل الاصطفاف السياسي الذي يفاقم التأزم.  
 
المصدر : الجزيرة