عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Feb-2019

التربیة الإعلامیة متطلب إجباري! - حنان کامل الشیخ
الغد- جید جدا قرار وزارة التعلیم العالي، والذي اتخد مؤخرا بضرورة إدراج مساق التربیة الإعلامیة كمتطلب إجباري، للتخصصات كافة في الجامعات. وقد جاء القرار المتزن لیتوافق مع توجھات عالیة المستوى بضرورة الاھتمام بھذا الحقل التربوي الإعلامي المستجد، بعد أن طفحت على السطح ضرورات أخلاقیة وتربویة وقانونیة، استدعت البحث عن حلول لمشاكل الفوضى الإعلامیة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبارھا واحدة من مصادر الإعلام الحدیث سریعة التداول وقویة التأثیر.
لكن في الوقت نفسھ، یجب الالتفات إلى أن مفھوم ”التربیة الإعلامیة“ وإن جاء متسقا مع المعلوماتیة في قرار الوزارة، لیس واضحا ولا مشروحا بالشكل الكافي. حتى انھ في تفسیر المعنى ظھرت رؤیتان متوازیتان تشرحان المفھوم، وكل واحدة منھا تختلف كلیا عن الأخرى.
المدرسة الأولى في التفسیر، تعتقد بأن التربیة الإعلامیة تستند على إبراز دور الإعلام في التربیة. وھي مدرسة لیست جدیدة بالمناسبة، بل ھي واحدة من النظریات التي تحدد أدوار الإعلام التنمویة في إعداد الرأي العام، وتشكیل الحوار ومحددات التفاھم ما بین الأطراف. المحددات بمعنى الأخلاقیة والقانونیة والفكریة والعقائدیة.
ھذا الانحیاز للتفسیر ینحصر من وجھة نظري على الإعلام التربوي، المعد سلفا لتھیئة الوسیلة
الاتصالیة الإعلامیة، كي تكون طرفا في التربیة وزراعة المفاھیم والأفكار. ولا أعتقد بأن وزارة التعلیم العالي في الأردن، كانت تدفع باتجاه إقرار مادة التربیة الإعلامیة، كمقرر اجباري لتخصصات لیس لھا علاقة بالإعلام سواء في الحقول الأدبیة أو العلمیة، لأجل ھدف كھذا.
المدرسة الثانیة والتي أعتقد أنھا الأقرب في تفسیر معنى المادة، ھي التي نشأت معتقداتھا ومطالبھا مع انتشار وسائل التواصل، وسماحھا بفتح فضاءات واسعة شاسعة للحوار وإبداء الرأي لكل من یملك شاشة ولوحة مفاتیح، تتیح لھ الخوض في شتى الأمور والأخبار والآراء والتحلیلات، ما شكل حالة مقلقة من الفوضى غیر الخلاقة تحت عنوان ممارسة الحریات، والحق في التعبیر.
نحن بحاجة فعلا لمنھج مقوم یضع عجلات القطار السریع على السكة القویمة، تسیر بھا العربات بآمان وطمأنینة، دون أن تكون خائفة من الارتطام أو الاصطدام أو التوقف!
وأتصور أن یكون المنھج شاملا لتشریعات وأخلاقیات الإعلام، الناظمة للحقوق والداعمة للحریات بعیدا عن مخاوف التنمر الإلكتروني وانتشار الإشاعات والتطاول على الشخصیات.
الأمر الذي یتطلب أیضا إدراج تحلیل المحتوى ودراسة البیانات في وصف المادة المقررة.
وھي محتویات في غایة الدقة والأھمیة والحداثة، المطلوبة لتوجیھ الشابات والشباب إلى منطقة
نظیفة في الحوار والاختلاف وقبول الآخر ونشر الأخبار، عبر وسائلھم المتعددة في التواصل.
یبقى أن لا یتحول قرار وزارة التعلیم العالي إلى عنوان كبیر، یضیف إلى منجزات المؤسسة ومعالي الوزیر درجة إضافیة تستدعي التباھي والفخر. بل أن یكون الأمر جادا وحقیقیا وملزما ومدروسا من النواحي كافة، یترجمھ أداء قادر على إیصال المادة المقررة من قبل الأساتذة المكلفین بتدریسھا، والذین ھم أنفسھم بحاجة إلى ورشات تدریبیة، من قبل مختصین وطنیین من الإعلامیین والحقوقیین والتربویین، تنتج على إثرھا مخرجات تعلیمیة عملیة ولیست نظریة فقط، ترفع من مستوى المساق وتوصل أھدافھ المحددة بمھنیة وسلاسة.