عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jan-2021

هل صفات ترامب الشخصية تفسر سلوكه؟*د. موسى شتيوي

 الغد

عادة ما يتم تجاهل الصفات الشخصية في تفسير سلوكيات القادة والزعماء السياسيين وقراراتهم. بالتأكيد، سلوكيات القادة تكون محكومة بمجموعة عوامل أيديولوجية وفكرية ومصلحية واعتبارات استراتيجية. العامل النفسي دائمًا موجود في سلوكيات القادة ولكنه في العادة يكون عاملًا ضمن مجموعة من العوامل الموضوعية التي تُضعف تأثيره وتهذبه ولكنها لا تلغيه تمامًا.
لكن هناك حالات في التاريخ السياسي يطغى بها الجانب الشخصي على العوامل المؤسسية والاعتبارات الي يفرضها الموقع نفسه على سلوك الرؤساء. وبالرغم من أنها حالات نادرة إلا أنها تكون مؤثرة جدًا.
بداية، دونالد ترامب لم يأت من رحم الحزب الجمهوري بالمعنى السياسي؛ أي أنه لم ينخرط بالحزب مبكرًا ويتدرج في المناصب السياسية في الحزب قبل ترشحه للرئاسة الأميركية. لا بل إن انتماءاته السياسية تأرجحت بين الحزبين الرئيسين وأحياناً كان يُصنف نفسه مع أحزاب أخرى، ولكنه أعلن انتماءه للحزب الجمهوري في العام الذي سبق ترشحه للموقع. معظم حياة ترامب كانت بعالم الأعمال والصفقات والتحايل على القانون وغيرها من السلوكيات ولكن طبيعة أعماله كانت تنطوي على تواصل مع الجمهور ولديه شهرة إعلامية وشعبية كبيرة وخاصة لدى الطبقة العاملة. ترامب يمثل الشخصية التقليدية الأميركية القوية والكاريزماتية التي مكنته من القيام بسلوكيات خارجة عن المألوف والقانون وبالوقت نفسه كان قادرًا على إقناع الناس بصواب مسلكياته.
كذلك، كان ترامب نرجسيًا ويتمتع بالشعور بالعظمة أو لديه ما نسميه «الأنا المتضخمة»؛ هذه الصفة يمكن ملاحظة نتائجها على ادعاءاته المستمرة بأنه لا يوجد أحد يفهم أكثر منه في أي موضوع بالمناخ أو الطب أو أي موضوع آخر. هو دائمًا من وجهة نظره يعرف أكثر من غيره لدرجة أنه خلال فترة إدارته كان الأقل اعتمادًا من الرؤساء الأميركيين على مراكز البحث والتفكير. تضخم الأنا لديه كان يشعره أنه دائما على صواب.
ترامب كان سلطويا في علاقته مع الجميع سواء الذين يعملون معه أو حتى بعلاقته مع زعماء العالم الآخرين، وصفة السلطوية هذه كان يمارسها بأعلى الدرجات في عالم الأعمال ولا يتورع عن قمع أو إيذاء الآخرين الذين يعارضونه أو يعارضون مصالحه.
لكن من أكثر السلوكيات فظاظة في فترة رئاسته كان التنمر على السياسيين الآخرين من زعماء الدول أو السياسيين الأميركيين. كلنا يتذكر كيف كان يتعامل مع بعض الزعماء العالميين والعرب، فقد كان يثير الاشمئزاز لدرجة وقاحة تلك السلوكيات.
إضافة لذلك، فقد كان ترامب عنصريًا وقوميًا انعزاليًا فهو ينظر نظرة دونية للمرأة والسود والأجانب ولا يتورع عن الإفصاح عن ذلك بتصريحاته وسلوكياته لا بل أكثر من ذلك حيث تم ترجمت عنصريته إلى سياسات داخلية وخارجية.
كل هذه الصفات جعلت منه رئيسا يتصرف بطريقة بلطجية مع كل من يخالفه ولا يتورع أن يخالف القانون في تحقيق أهدافه ورؤيته ضاربًا بعرض الحائط بكل القيم والمعايير وحتى القوانين الدولية والأميركية.
هذه الصفات مجتمعة جعلته يفكر بأنه «سوبرمان» وأنه لا يمكن هزيمته، ولذلك فهو لم يتقبل الهزيمة من قبل جو بايدن لأنه كان ينظر إليه نظرة دونية ويصفه بأسوأ الصفات. قبل أن تبدأ الانتخابات قال إنه إذا لم ينجح فإنها ستكون مزورة، وبالتالي لم يعترف بالهزيمة وحاول تغييرها لصالحه.
لقد صدم ترامب العالم بتصرفه بعد خسارته ومحاولة الانقلاب عليها وحاول أن يغير النتيجة بطرق غير قانونية وغير شرعية مستندًا الى فئات عنصرية متطرفة وبالقوة.
لقد طغت الصفات الشخصية لترامب على مسلكياته خلال فترة حكمه، لكن المؤسسات الديمقراطية لم تسمح له باختطاف صناديق الاقتراع وبات من شبه المؤكد نهايته السياسية.