الراي
لا يغيب عن ذاكرة ملايين العرب ما قاله مسؤول ايراني كبير قبل سنوات، إن ايران تسيطر على أربع عواصم عربية، وذلك يكشف بوضوح أطماع نظام الملالي البوليسي في التوسع والهيمنة على المشرق العربي.
ذلك أن هذا النظام يمارس أبشع أنواع القمع والارهاب ضد الشعب الايراني أولا، ولا أظن أن هناك نظاما سياسيا في العالم حتى في كوريا الشمالية، يعتمد في استمراره بالحكم على الترهيب والقتل، ودليل ذلك وجبات الاعدام التي ينفذها هذا النظام منذ تسلم الحكم في ايران عام 1979، ودليل ذلك أن عدد الإعدامات المسجلة في هذا العام 2025، وصل إلى رقم غير مسبوق حيث بلغ "2038" شخصاً بضمنهم 61 أمرأة، بينما بلغ عدد من أعدموا خلال الفترة بين 13 الى 17 كانون الأول – ديسمبر الحالي 62 سجينا بينهم 3 نساء، ولدي عشرات الأسماء المشمولين بوجبات الاعدام تضيق هذه المساحة لذكرهم!.
وهذه تقارير ومعلومات موثقة من داخل ايران، تصدرها أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة "مجاهدي خلق"، أكبر قوة معارضة لها ملايين المؤيدين والمناصرين في الداخل، ولا يغيب عن الأذهان المجزرة التي ارتكبها نظام الملالي عام 1988، التي شملت اعدام نحو 30 ألف سجين غالبيتهم ينتمون الى منظمة مجاهدي خلق، وهو ينتهج أساليب الإعدام والتعذيب ضرورة لبقائه في الحكم.
وتشكل تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان دليلا دامغا على جرائم نظام الملالي، ویوم 18 دیسمبر/کانون الأول الحالي 2025، دانت الجمعیة العامة للأمم المتحدة، من خلال قرار، الانتهاك الجسیم والواسع والممنهج لحقوق الإنسان من قبل النظام الإیراني، وهو القرار الثاني والسبعون للأمم المتحدة ضد انتهاك حقوق الإنسان في إیران.
مشكلة النظام الايراني أنه محاصر بالأزمات الداخلية والخارجية، ويحاول أن يمنع انفجار غضب الشعب وإسقاط نظامه من خلال تكثيف القتل والإعدامات، بينما يعاني شعبه من الفقر والحرمان، في الوقت الذي ينفق مليارات الدولارات في محاولات التوسع، وأدواته في ذلك تشكيل وتسليح وتمويل الميليشيات الطائفية، في العديد من دول المشرق العربي.
في 16 كانون الأول/ديسمبر 2025، ألقى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي خطابًا خلال لقائه مع القائمين على «مؤتمر شهداء محافظة البرز»، كما نشره موقعه الرسمي للمرشد.
والخطاب لا يحمل رسالة طمأنة، بل يشبه إنذارًا داخليًّا بارتفاع منسوب الخطر على «رأس المال البشري الأيديولوجي» للنظام، في لحظة تستعدّ فيها إيران لمواجهة أزمات أشدّ، في الداخل والخارج معًا، ويلاحظ أن الخطاب يلمح الى انهيار نموذج «التضحية بالنفس من أجل النظام» لدى الأجيال الشابة، وارتفاع كلفة الولاء في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، والحرب الأخيرة بين اسرائيل وايران، بمشاركة اميركية لتدمير المفاعلات النووية، وهنا ينبغي التأكيد على النفقات الهائلة التي يبعثرها النظام على مشروع نووي يسبب قلقا للمنطقة كلها، والأرجح أنه يسعى من خلاله لانتاج اسلحة نووية يستخدمها النظام لترهيب العالم العربي أولا!.
ان القيادة الايرانية تخشى من جفاف "خزان البشر المستعدين للموت" دفاعًا عن النظام، وثمة قلق حقيقي في قمة النظام، من انهيار الرصيد الأيديولوجي لا سيما في أوساط الشباب!.
مشكلة النظام الملالي أنه لا يزال يتمسك بايدولوجية دينية، لفرض سيطرته على الشعب الايراني أولا في زمن فشلت فيه المشاريع الايديولوجية وأصبحت من الماضي، وثانيا لتصدير هذه البضاعة الفاسدة للخارج، عبر أساليب ارهابية مدانة من مختلف دول العالم لعل أهمها انتاج الميليشيات الطائفية، بل أن النظام الذي أقيم على أساس طائفي، ينظر للشيعة العرب نظرة دونية، كما عبر عن ذلك الخميني بوضوح في كتابه "كشف الأسرار" صفحة 78، حيث اعتبر "الشيعة الأيرانيين بالخلص والباقي غير خلص، بل حثالة الشيعة وكذلك اليهود أنهم شبه العرب"!، بمعنى أنه ساوى بين الشيعة العرب واليهود!.
وبذلك تتضح الصورة بان هذا النظام، طالما ان الخميني ساوى بين العرب واليهود، فانه في الحقيقة لا يختلف عن دولة الكيان الصهيوني ويمكن اعتبارهما وجهان لعملة واحدة، فنظام الملالي ينظر للشيعة العرب باعتبارهم قربان ايران على مذبح المحرقة الاقليمية، وهو يقوم بدور تخريبي يستهدف العرب بالدرجة الأولى، ويتاجر بالقضية الفلسطينية باعتبارها ورقة للاستثمار السياسي! بل إنه لايزال يعيد طرح أحقية إيران "ضم البحرين"، كما كشفت التصريحات الأخيرة لحسين شريعت مداري، مدير صحيفة كيهان والمقرّب من المرشد الإيراني علي خامنئي!.
ان الحل الوحيد أمام النظام الايراني، يكمن في الابتعاد عن عقلية الهيمنة على جيرانه العرب، والاندماج بمحيطة بطريقة تصالحية سلمية، والتركيز على التنمية وحسن الجوار، والكف عن هدر المليارات على التسلح المبالغ فيه بمختلف أشكاله.