معاریف
مثل كلیشیھ كرة القدم، ”نعیش من السبت الى السبت“، ھكذا ایضا سلوك حكومة بنیامین نتنیاھو
حیال حماس وغزة.
إذن مر سبت آخر بھدوء. نسبیا، بالطبع. ”فقط“ خمسة فلسطینیین شبان فقدوا حیاتھم بنار جنود
الجیش الاسرائیلي في المظاھرات على الجدار، التي اجریت احیاء لسنة على حرب الاستنزاف التي تدیرھا حماس – وبنجاح كبیر – ضد اسرائیل.
في الطرفین تنفسوا الصعداء واعلنوا عن النصر. اسرائیل، بمعنى، رئیس الوزراء بنیامین نتنیاھو ووزرائھ، ادعوا بسرور بان تعزیز القوات على الحدود – بحجم فرقة اخرى اضافة الى فرقة غزة – والتھدیدات بان ھذه المرة ”نحن جدیون ومصممون اكثر من أي وقت مضى“ خدعت حماس والجھاد الاسلامي ودفعتھم لان یلجموا العنف من جانبھم. اما في الطرف الفلسطیني فتباھوا بان تصمیمھم وكفاحھم المتواصل – الطائرات الورقیة الحارقة، البالونات المتفجرة، الارھاب اللیلي، القاء العبوات والمظاھرات على الجدار – خلقت كتلة حرجة تثني اسرائیل.
وحسب التقاریر في الجانب الفلسطیني فقد تحقق ھذه المرة تفاھم لتسویة اوسع من ”الھدوء
یستجاب بھدوء“. وعلم ان اسرائیل وافقت مرة اخرى على توسیع مجال الصید، زیادة نقل
البضائع الى القطاع والسماح لقطر بزیادة المبلغ الذي یحول الى غزة بنحو ثلاثة اضعاف – من
15 ملیون الى 40 ملیون دولا.
نتنیاھو، الذي یخشى من نتائج الانتخابات بعد ثمانیة ایام، فیصمت ولا یقدم تفسیرات على
عادتھ. وھكذا فانھ یساھم في ظاھرة یتلقى فیھا سكان الجنوب معلوماتھم من غزة ولیس من
حكومتھم ویفضلون تصدیق یحیى السنوار، زعیم حماس في غزة على تصدیق نتنیاھو.
كما یواصل نتنیاھو التصرف كحاكم وحید. فلا یجمع الكابینت السیاسي الامني، مثلما یطالب
وزیر التعلیم نفتالي بینیت – انتخابات سبق ان قلنا؟ – ویتخذ القرارات وحده، دون أن یأبھ حتى
برفاقھ وزراء اللیكود، الذین یحتقر معظمھم.
في صالح رئیس الوزراء یقال انھ یواصل خطھ الحذر، الذي غایتھ منع الحرب. وبالتأكید لیس
قبل اسبوع من الانتخابات. كما أن حماس لا ترید مواجھة عسكریة شاملة، لانھا تخشى من ان
تؤدي الحرب اغلب الظن الى سقوط حكمھا. سواء على ایدي الجیش الاسرائیلي أم على ایدي
الغزیین الذین في نھایة المطاف سیقومون ضده.
وھكذا، ما رأیناه في نھایة الاسبوع الماضي ھو مباراة مباعة. من جھة الجیش الاسرائیلي الذي
استعراض العضلات مثابة ”امسكوني“. من الجھة الاخرى حماس، التي عرفت بان حكومة اسرائیل لا ترید الحرب، ولكن ایضا لا یمكنھا أن تجلس مكتوفة الایدي اذا ما خرجت الاحداث عن السیطرة، وحرصت على أن تخفض جدا اللھیب وسمحت فقط بالتنفیس.
حتى متى؟ حتى المرة التالیة. فمنذ یوم امس رأینا أن غزة ستحرص على الا تنطفئ النار، كي
لا تنسى اسرائیل انھا توجد لھا مشكلة وانھ یجب مواجھتھا. المشكلة ھي ان حكومة الیمین غیر
معنیة او غیر قادرة على أن تحرك خطوات سیاسیة مع السلطة الفلسطینیة ومع حماس وسیاسة
نتنیاھو ھي مواصلة الوضع الحالي، الذي یشق الشعب الفلسطیني الى كیانین منفصلین – جغرافیا وسیاسیا.
من یساعد على تخفیض مستوى اللھیب ھم المصریون، الذین یصالحون ویتوسطون بین الطرفین المرة تلو الاخرى. لو كان ھذا منوطا بي لكنت منحت جائزة نوبل للسلام للجنرال كامل عباس، رئیس المخابرات المصریة، الذي ینجح سنة كاملة بوسائل عدیدة منع حرب شاملة على الحدود المثلثة لاسرائیل – غزة وسیناء، والسؤال ھو متى سیمل من ھذه اللعبة.