عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Mar-2019

عند غیاب الولایات المتحدة - فرایلخت تشیك
ھآرتس
 
للحرب الأھلیة السوریة تداعیات مختلطة على إسرائیل. من جھة الجیش السوري، التھدید الذي
تدرب مقابلھ الجیش الإسرائیلي خلال عقود، انھار وأصبح لا یشكل تحدیا كبیرا، باستثناء الدفاع الجوي بصورة جزئیة. ولا توجد الیوم دولة في المنطقة قادرة على شن حرب ضد إسرائیل، تحسین دراماتیكي في وضعنا الاستراتیجي.
في المقابل، إلى الفراغ الذي تركھ تفكك سوریة دخلت عناصر اخرى. الخطر ھو أن تنتھي الحرب الأھلیة بسیطرة داعش على سوریة تم احباطھ من قبل المجتمع الدولي برئاسة الولایات المتحدة. فعلیا داعش تركز في الاساس على اعدائھ السنة وعلى الدول العظمى، وبصورة متناقضة، إسرائیل كانت أقل قلقا من صعود داعش.
احتمالیة ثانیة خشیت منھا إسرائیل أكثر وتحققت بالفعل، كانت أن الحرب الأھلیة انتھت بسیطرة
إیران على سوریة، وفي ھذه الحالة أیضا روسیا. الانباء الجیدة ھي أن سوریة كما یبدو اعید تشكیلھا من جدید كدولة، سوریة مقسمة كانت ستكون وسادة مریحة جدا لتدخل إیران وحزب الله، دون أن تكون ھناك أي جھة قادرة على ضبطھا.
من الواضح أن الاسد غیر معني بأن یكون خاضعا لسیطرة إیران أو روسیا، لكنھ اضطر إلى ارضائھم لعدم وجود خیار آخر، من خلال محاولتھ أن یبقي لنفسھ مجالا للمناورة. روسیا، العنصر القوي في سوریة الآن، حظیت بعقود لمدة خمسین سنة لمطارات وموانئ في سوریة.
من ناحیة روسیا، التي تركز كل جھودھا لتجدید مكانتھا كدولة عظمى وعلى التنافس مع الولایات المتحدة، فإن الحرب الأھلیة في سوریة مكنتھا من تجدید نفوذھا الاقلیمي وأن تكون الدولة العظمى الرائدة في المنطقة.
من ناحیة إیران، السیطرة في سوریة ھي المفتاح لخلق ”ھلال شیعي“ یمتد من اراضیھا ومرورا بالعراق وسوریة ولبنان وانتھاء بالبحر المتوسط، وبذلك تأسیس وجود عسكري دائم على الحدود مع إسرائیل. قدرتھا على تحقیق ھذه الاھداف تم تقییدھا حتى الآن من قبل القوة الأمیركیة المقلصة المتمركزة في شرق سوریة، والھجمات الإسرائیلیة التي احبطت حتى الآن جھودھا. تمركز إیران في سوریة سیشكل تغییرا خطیرا في میزان القوة الذي لا تستطیع إسرائیل تحملھ تماما، وحتى لیس بثمن المواجھة.
المشكلة ھي أن إسرائیل تلعب لعبة دفاعیة وتتوقع أن تخسر في المعركة اذا واصلت إیران جھودھا. ھناك حدود لما یمكن تحقیقھ من مھاجمة قافلة ومنشآت. حتى لو نجحت إسرائیل في 99 في المائة من جھود الاحباط – الامر غیر الواقعي – فإن إیران ما تزال تستطیع أن ترسخ وجودھا في سوریة. أیضا بناء المخزون الضخم لـ 130 ألف صاروخ لحزب الله في لبنان، استغرق عقودا.
في ظل ترامب وفي ظل سلفھ، فإن الولایات المتحدة تخلت فعلیا عن الساحة السوریة وابقتھا لروسیا وإیران. سیاسة الادارة الأمیركیة في الشرق الاوسط، اذا كان ھناك شيء كھذا، یتم النظر الیھا من قبل اللاعبین الاقلیمیین كسیاسة غیر شاملة وغیر ناجعة.
ترامب كما یبدو سیبقي في سوریة وجودا عسكریا ما. ورغم ذلك، إسرائیل تجد نفسھا متعلقة الآن بروسیا، العنصر الوحید القادر على تثبیت الوضع في الشمال ومنع التدھور نحو مواجھة مع إیران في سوریة وحتى بشكل مباشر. حتى ھذه الاثناء استطاعت روسیا أن تقوم بھذا الدور الضابط بصورة جزئیة، سواء بسبب محدودیة تأثیرھا على سوریة وإیران أو بسبب تفضیلھا لاستخدام الطرفین الواحد ضد الآخر.
حتى اسقاط الطائرة الروسیة في ایلول كان یبدو أن روسیا تمنح إسرائیل یدا حرة للعمل ضد إیران وحزب الله في سوریة. إسرائیل تدعي حقھا منذ ذلك الحین في مواصلة العمل في سوریة بصورة دفاعیة عن نفسھا، ولكن عدد الھجمات قل بصورة كبیرة. اضافة إلى ذلك روسیا لم تف بتعھدھا بإبعاد القوات الإیرانیة وحزب الله 60 إلى 80 كم عن حدود الجولان.
ولا نرید الحدیث عن طلب إسرائیل وھو الخروج الكامل من سوریة. فعلیا، قوات إیران وحزب الله تندمج في الجیش السوري وحتى أنھا تسیطر على وحدات كاملة. عند غیاب الولایات المتحدة فلیس لإسرائیل أي خیار سوى السعي إلى المساعدة الروسیة من اجل منع الاشتعال.
اذا واصلت إیران محاولاتھا لترسیخ وجودھا العسكري في سوریة رغم جھود الاحباط الإسرائیلیة، ربما ستكون ھناك حاجة إلى التصعید ومھاجمة اھداف ذات أھمیة للنظام السوري.
بدءا بالأھداف العسكریة وبعد ذلك لأھداف للنظام. اذا لم یساعد حتى ذلك فإن إسرائیل ستضطر إلى فحص مھاجمة اھداف مشابھة في إیران. لا شك أن الامر یتعلق بتصعید خطیر، لكن من الافضل القیام بذلك الآن بدلا من تأجیلھ للمستقبل. عندما تكون إیران قادرة على اجتیاز العتبة النوویة. یمكن الأمل بأن التھدید بالمھاجمة سیحرك روسیا والمجتمع الدولي من اجل الضغط على سوریة وإیران لتغییر سلوكھما.
إن تفكك سوریة اثبت حكمة الإسرائیلیین الذین حذروا اثناء المفاوضات في التسعینیات وفي سنوات الالفین أن الاتفاق مع إیران المقترن بالتنازل عن ھضبة الجولان سیعتبر ”توقیعا على الجلیل“. التفكیر بأنھ یمكن أن نجد انفسنا امام جھود تمركز إیران وحزب الله في سوریة بدون الجولان، یجب أن یقلق كل من یعز علیھ أمن الدولة وكذلك أیضا احتمالیة اتفاقات سلام.