عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jun-2020

الضم في الضفة آخذ في الابتعاد - بقلم: نوعا لنداو

 

هآرتس
 
المرة تلو الأخرى ذكر رئيس الحكومة نتنياهو في الأشهر الأخيرة تاريخ 1 تموز (يوليو) كموعد رسمي للإعلان عن خطة ضم المستوطنات في الضفة الغربية. ولكن كلما اقترب هذا التاريخ الهدف زادت علامات الاستفهام: حتى الآن لا توجد خريطة نهائية أو ضوء أخضر من الولايات المتحدة أو اتفاق بين الشركاء في الائتلاف، الليكود وأزرق أبيض. وحتى الاتصالات المضنية حول تمديد السنة الدراسية تبدو في هذه المرحلة واعدة أكثر من الاتصالات حول فرض القانون الإسرائيلي في المناطق.
مع ذلك، في الأسبوع الماضي ازداد التقدير في أوساط جميع الجهات ذات الصلة بهذا الأمر بأنه لن يتنازل عن جدول الأعمال مع امكانية القيام بخطوة مقلصة. تأييد أزرق أبيض لهذه الخطوة يتعلق بدرجة القدرة على عرضها كجزء من خطة سياسية أوسع بدعم أو بصمت دولي واقليمي، وربما حتى مقترنة ببادرات حسن نية للفلسطينيين، وليس كخطوة أحادية الجانب. وهذه مهمة مستحيلة تقريبا.
أحد لم يجبر نتنياهو على ذكر تاريخ دقيق كهذا، كل تأخير فيه سيعتبر على الفور وبالضرورة فشل. في هذه الحالة قام بتقييد نفسه لوحده تماما، بالضبط مثلما أوقف نفسه عندما سارع للوعد بالإعلان عن ضم أحادي الجانب فور طرح صفقة القرن في واشنطن في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي. منذ ذلك الحين فان سعي نتنياهو للضم تم كبحه وتبريده من قبل جارد كوشنر، وعن طريق انضمام غانتس للحكومة.
منذ أن تبين للأميركيين بأنه لا توجد امكانية لنجاح نتنياهو في تشكيل حكومة بدون خصمه غانتس، فانهم اشترطوا بصورة ثابتة الاعتراف بضم إسرائيل للمستوطنات بموافقة أزرق أبيض.
وفي الإدارة التي شرحوا فيها للخصمين – الشريكين منذ الأيام التي سبقت نشر الخطة بأنهم لن يستطيعوا تأييد هذه الخطوة المختلف فيها من ناحية دولية إذا لم تكن تحظى بدعم واسع، على الاقل داخل الحكومة نفسها في إسرائيل.
لذلك، في الأسابيع الأخيرة يعمل السفير الأميركي في إسرائيل دافيد فريدمان، المؤيد المتحمس للضم، كوسيط نشيط بين نتنياهو ورئيس الحكومة البديل ووزير الدفاع، غانتس، في محاولة للتوصل الى اتفاق على طبيعة وموعد الإعلان. في هذا الأسبوع جمع فريدمان نتنياهو وغانتس ووزير الخارجية غابي اشكنازي لمناقشة الموضوع. وحتى كوشنر ومستشاره آفي باركوفيتش الذي استبدل جيسون غرينبلاط وسفير إسرائيل في الولايات المتحدة رون ديرمر واليد اليمنى لفريدمان آريه لايتستون، شاركوا في هذه النقاشات بالتناوب. وحسب اقوال مصادر مطلعة على مضمون النقاشات فانه في هذه الاثناء لقاء واحد من بين هذه اللقاءات كان “جديا”.
نتنياهو اضطر الى الاعتراف أول من أمس في جلسة كتلة الليكود بأن الضم يتعثر في هذه الاثناء لأن الخريطة التي كان من المفروض أن يعمل عليها منذ كانون الثاني (يناير) طاقم مشترك من إسرائيل والولايات المتحدة غير جاهزة على الاطلاق. ولكن المشكلة ليست الخريطة والتاريخ، التي يركز عليها الجميع بشكل كبير.
غيابها هو بالاساس تعبير عن غياب خطة عمل. والسؤال المطروح الآن ليس هل ومتى سيكون ضم، بل ماذا يعني الضم أصلا بالنسبة لكل طرف من الاطراف. في اجابة على اسئلة في جلسة كتلة الليكود أضاف نتنياهو بأنه هو نفسه لا يعرف موقف أزرق أبيض بهذا الشأن.
ولكن “ربما” أنهم مع ضم جزئي يشمل غور الأردن والكتل الاستيطانية.
أقوال مشابهة قالها أمس نتنياهو ايضا في لقاء مع جنود احتياط في الجيش يؤيدون الضم. حيث قال لهم بأنه بسبب غياب الاتفاق في الحكومة فربما سيتم تنفيذ الضم على مراحل وليس دفعة واحدة.
واقوال مشابهة عن “نبضات” قالها نتنياهو في إيجاز للمراسلين في “بلير هاوس” في واشنطن بعد طرح خطة ترامب. ولكن منذ ذلك الحين لم يكن هناك أي نبضة.
تقريبا غير ممكن
في أزرق أبيض لم يقوموا أول من أمس بنفي أقوال نتنياهو، وايضا لا ينفون في محادثات مغلقة إمكانية فرض القانون الإسرائيلي، في اطار مقلص أكثر من الذي تسمح به نظريا خطة ترامب (تقريبا 30 % من اراضي الضفة).
كل شيء مشروط من ناحيتهم بشرط واحد يحرصون على التأكيد عليه بشكل علني وفي المحادثات المغلقة ايضا، وهو أن العملية لن تكون أحادية الجانب فقط، بل سيتم تنفيذها بقدر الامكان بالتنسيق مع المجتمع الدولي ودول المنطقة. ولمن يتساءلون كيف يمكن أن تكون موافقة دولية على خطوة لم تؤيدها أي دولة، فقد قالوا في أزرق أبيض بأنهم مستعدون لمناقشة السيناريوهات المختلفة التي تم وضعها على الطاولة، فقط اذا توافقت مع المعايير التالية: أي عملية لفرض السيادة يجب أن تكون غير منفصلة عن الموافقة على خطة السلام الأميركية كأساس للمفاوضات. العملية ستكون محدودة ومتوازنة مع الحفاظ على اتفاقات السلام القائمة والمستقبلية؛ فرض سيادة جزئية يجب أن يكون بموازاة بادرات حسن نية معينة للطرف الفلسطيني؛ اضافة الى ذلك، لن يكون ضم للفلسطينيين انفسهم.
أي أن القانون الإسرائيلي سيطبق فقط على الأرض التي يعيش فيها إسرائيليين أو لا يوجد فيها سكان على الاطلاق. ويطالبون ايضا في أزرق أبيض بأن يتم الاستماع الى مواقف جميع الجهات الأمنية والسياسية والاقليمية من تداعيات السيناريو الذي سيتم اختياره.
عشية الانتخابات الأخيرة أعلن غانتس بأنه سيؤيد فرض السيادة على الغور “بالتنسيق مع المجتمع الدولي”. وأول من أمس قال في مؤتمر منظمة اللجنة اليهودية الأميركي.
وفي لقاء مع المديرة العامة لهذه المنظمة في إسرائيل، مقدم احتياط افيتال لايفوفيتش، بأن “الحديث يدور عن خطة مهمة تعرض مقاربة واقعية للطريقة التي يمكن من خلالها بناء مستقبل مستقر في المنطقة، وأنا أنوي الدفع بها قدما بقدر استطاعتي، بالطريقة الأكثر مسؤولية. يجب علينا العمل على أساس الخطة وفعل ذلك بالتنسيق مع شركاء اقليميين وبالطبع مع شركاء محليين ومع اجماع في المجتمع الإسرائيلي ومع تنسيق والحصول على الدعم الكامل من الولايات المتحدة”.
يبدو أن الشروط التي يضعها أزرق أبيض للضم تحول المصالحة بينه وبين نتنياهو الى أمر غير ممكن تقريبا. مصالحة، كما قلنا، يفرضها الأميركيون في هذه الاثناء كشرط لدعمهم. وقد كرر نتنياهو، ضمن أمور اخرى، في جلسة كتلة الليكود أول من أمس بأنه لا ينوي أن يقدم كل خطة ترامب من أجل المصادقة عليها من قبل الكنيست والحكومة كدفعة واحدة تشمل الاعتراف المبدئي بفكرة الدولة الفلسطينية، بل هو سيقدم فقط خطوات الضم.
ورغم أنه آخذ في الظهور بأنه في 1 تموز (يوليو) لن يحدث أي شيء، فما تزال هناك امكانية للتوصل الى تفاهمات على اساس الخطة التي يصرون عليها في أزرق أبيض. مثلا، إذا تم ايجاد بادرة حسن نية للفلسطينيين في المقابل، ستسمح بعرض الخطوة في ضوء آخر على دول المنطقة وبعد ذلك ايضا على اللاعبين الدوليين الآخرين.
حتى وزير خارجية الاتحاد الاوروبي، جوزيف بوريل، أكد أول من أمس، الى جانب المعارضة الشديدة للضم، بأن الاوروبيين يؤيدون خطة ترامب كأساس لاعادة الطرفين الى طاولة المفاوضات.
وفي هذه الحالة، في أزرق أبيض لن يستبعدوا تماما أفكارا مثل ضم في غور الأردن وفي غوش عصيون أو في معاليه ادوميم. ومع ذلك، جميع الجهات المشاركة في النقاشات تؤكد على أنه لم يتم بعد مناقشة أي مكان محدد.
في الوقت الذي يأملون فيه في أزرق أبيض التوصل الى مصالحة تحول بصورة مدهشة الضم أحادي الجانب الى عملية سياسية، فان الاتفاق الائتلافي يسمح لنتنياهو بمحاولة تجنيد دعم أميركي لخطة مقلصة أكثر سيقدمها هو نفسه للتصويت، توجد له أغلبية.
هذا الأمر مرتبط فقط به وبالأميركيين. وفي هذه الحالة لن يحل أي شخص عقدة أزرق أبيض. ربما الفلسطينيون فقط، اذا وافقوا مع ذلك، على الجلوس حول طاولة المفاوضات.
في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي يحاولون في هذه الاثناء، بمشاركة روسيا، اقتراح هيئة لمناقشة الموضوع لن تكون فيها الولايات المتحدة هي المهيمنة، على أمل ارضاء الفلسطينيين وحضورهم. الأمر المؤكد هو أنهم جميعا، باستثناء نتنياهو، سيستفيدون من تأجيل بطيء ودائم للخطة.