عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Jan-2019

سبعة شعراء يحلقون في فضاء العشق وينشدون للروح وتجلياتها

 الدستور-عمر أبو الهيجاء

تواصلت أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي (17)، حيث احتضنت بقصر الثقافة، أمس الأول، الأمسية الشعرية الثانية، وحفلت الأمسية بجمهور كبير من المحبين للشعر والمهتمين والإعلامين وضيوف المهرجان.
وصافح جمهور الليلة بعطر المعاني ودرر الكلام مقدم الأمسية الدكتور عمر الصديق مدير بيت الشعر الخرطوم، ممهداً مساحات عناق الشعر بين الجمهور والشعراء: راشد عيسى من «الأردن»، نجاة الظاهري «الأمارات»، حسن بعيتي «سوريا»، ومن السودان بحر الدين عبدالله، الشاذلي القرواشي «تونس»، عبداللطيف بن يوسف من «السعودية»، علي أبو عجمية من «فلسطين».
«أرادو له أن يكون ختاما، فجاءنا اليوم إماما».. هكذا ابتدر د. الصديق تقديم الشاعر الفلسطيني علي أبو عجيمة للجمهور ليستهل القراءات، فأم الأمسية وسافر مبحراً بالقصيدة «أنا المسافر أيامي لمن ذهبوا» ومن قصائده:
«غبارُكَ الآن/ يكفي الطيب والطرقا/ لتزدهي أرقاً أو تزدهي قلقا/ أنا وأنتَ خصيماً ما نخاصمهُ/ كمن يردُ إلى السرّاق ما سرقا/ أسميتني صنماً حُلواً تُهدمهُ/ وكنتَ تصنعُ مني التَمرَ والورقا/ وها وقفتُ بقربي والعصا سندي/ مثل الضرير ولكن من يراكَ يرى/ أخذتني لرياحي قلتُ آخذها/ معي وتأخذني في مرّة أخرى/ إلى حبيبي؛ إلى بيتي وأمزجتي/ إلى زمانِ الدُمى والليلِ والذكرى».
الشاعر الأردني راشد عيسى لأطم أمواج الحزن في شط الحب، معلنا إنكساره للعشق، في تماسك عنون بطولة عاشق تفاني للحب وأوفى للحبيب، ولم تغادر قصائده روابي العشق والوفاء، ومما قرأ:
«نصف طفل/ بيتُنا قبل ستين عاماً مغارةْ/ وما مِنْ أثاثٍ بها غيرُ قِدْرٍ/ نحيلٍ/ وصحنٍ عليلٍ/ وقنديلِ كازٍ ضريرٍ/ وشاةٍ فقيرةْ/ ونصفِ حصيرةْ/ وإبريقِ شايٍ، وصاعِ طحينٍ/ وموقدِ نارٍ، ودمعةِ أمي.. ونايِ أبي حين كان يداوي الحنينَ/ بشهقة لحنٍ صغيرةْ/ وكنتُ أنا مثلَ كلِّ طيورِ المهاجرْ/ أقدّمُ للريحِ في كل فجرٍ/ بشارةْ/ وأبحثُ عن قمحةٍ في حجرْ/ وحيناً أُنقِّرُ حبةَ حلوى تدَّلتْ/ على غفلةٍ من أيادي القمرْ/ ومن سوءِ حظي كبرتُ بلا سببٍ/ للكِبَرْ».
وتوالت القراءات حيث أسرجت الشاعرة الاماراتية نجاة الظاهري خيل حروفها وهيجت لواعج الحزن محذرة الجمهور بأن لا يخرجوا من القاعة بحزنها، وتبكي الظاهري أقدراها في قصيدتها «وهم» وتبث المكابرة على القلب حيث تقول: «لن أقنعَ القلبَ أنّ الحبَّ أقداري/ كي لا تمسَّ سهامٌ صدرَهُ العاري/ في كلّ يومٍ يرى فيه الهوى أملاً/ ما خابَ إلا كثيرًا، رغمَ إصراري/ تمرّني الريحُ، والأسفارُ واقفةٌ/ والعلّةُ: الخوفُ من مقصودِ أسفاري/ آتيهِ طوعًا، ولا يأتي طواعيةً/ يصدُّ صدَّ ظلالٍ بينَ أشجارِ».
أما الشاعر حسن بعيتي فجاء من سوريا إلى بقطوف من شذى، يغازل البحر والشعر، وفي قصيدة «حكمة» يقول:
«منْ حكمة البحر أن لا يقولَ لك الدُّرَّ/ قبل اجتهادكَ/ في فهمِ زُرقـتِه الواسعَـةْ/ ومنْ حِكمة النهر أن يقتفي كلَّ مُنحدرٍ/ مُسرِعاً مثل أعمارنا/ نحوَ غايته الشاسِعـَـةْ/ ومن حكمة الغيم/ أن لا يكرِّر أشكاله/ كلما فهمتْ نفسَها غيمةٌ.. غيّرتْ شكلَها/ ومن حكمة الريح/ أن تكتبَ الشعرَ لكنها/ لا تقول القصيدة إلا لتمحوَ ما قبـْـلـــَــها».
وعانق جمهور الأمسية الشاعر السوداني بحر الدين عبدالله بقصائد تنوعت بين حب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعشق (ليدا)، وتحية الوفاء للفيتوري، فأستهل قراءته من جناب النبي الكريم بقصيدته «العطارون»، ثم قصيدة «شُقرةُ الأعناب» واختتم بمقطع مزج بين التحية للفيتوري والتمني، فيقول في المقطع:
«لم أزل أشتهيك/ يا عصفوري/ هاطلاً بالحنين/ منذ عصورِ/ أعصِرُ الزيت/ مِنْ سنابل عينيك/ وأتلو على الزجاجة/ نوري/ بيدي/ عشبةُ الضياء تُغني/ للمسافات في جناحِ الطيورِ/ وأنا في اللحون محضُ غلامٍ/ قد تربّى على  يدِ/ (الفيتوري)/ (فاحفروا لي) متراً/ من الشعر أحيا/ وأهيلوا عليَّ/ رمل شعوري».
إثر ذلك قرأ الشاعر السعودي عبداللطيف بن يوسف مازجا بين الذكرى والجوى والخوف، ويقول في قصيدته «تؤطرني الذكرى»:
«أنا.. من أنا؟ في بلدةٍ لا تحبني/ أذوق سياطَ الخوفِ والكل ينظر/ وتفضحني عند التكلم لكنتي/ فكل غريب حين ينطق يحقرُ/ قريبة أحزاني.. وأمي بعيدةٌ/ ودمعي مفضوح ولو كنت أستر».
وجاء دور الشاعر التونسي الشاذلي القرواشي حاملاً قصيدته «الأسماء» من بحر الكامل، وقصيدة «الحداء» من بحر البسيط، و «نشيد الكائن الأول» من بحر الكامل التام، ومما قرأ: «أيقظت روحي وذي الصحراء نائمة/ ماذا سيجدي بي الترحال في الأفق/ الناس ناموا على دوح الدجى وأنا/ كحلت عيني غزال النور بالأرق».
إلى جانب الأمسية شهد الجمهور حفل توقيع ديوان (أنثى الغياب) للشاعر الأردني الراحل عاطف الفراية، وديوان (السندباد وديمومة الإبحار) للشاعر محمد الشهاوي شخصية المهرجان المكرمة، في أجواء حميمة عقب الأمسية التي نثر الشعراء عطر القصيد على أرجاء قصر الثقافة، وغازل جمهور الشعر القصيدة بالحضور المتميز.