الدستور
رغم أن نفي الإشاعات لا يتوقف، ويتم يوميا، فإن الإشاعات ايضا لا تتوقف، لا بل هي في تزايد. لانها تجد من يهتم بها، و لا يهمل ما يستحق الإهمال منها.
والسبب هو أننا نتلقى اشاعات الفاسقين والأجهزة الاستخبارية الأجنبية المعادية، فلا ندققها و لا نتحقق منها ولا نمتثل لأوامر رب العزة في قوله: «فَتَبَيَّنُوا». وبدل ان نتبين وندقق ونتحقق، نجنح عن وعي وقصد، الى خداع انفسنا واهلنا، فنصدق الإشاعات.
ونزيد إمعانا في الإعراض عن النواهي الربانية والقانونية والأخلاقية، التي تنهانا عن الغيبة، التي هي اقل ضررا وخطرا من تعميم الفاحشة، فنقوم بتوزيع الإشاعات وتعميمها وترويجها، بما تحمل من أكل لحوم الناس وأعراضهم، وظلم وكذب وتزوير وتحقير واغتيال سمعة، وانتقاص من شؤون البلاد والإنجازات والشأن الوطني ومهابة الدولة والروح المعنوية للأمة.
أظهر الرصد الذي نفذه مرصد الدستور انتشار الإشاعات ضمن ثلاثة محاور:
الأول الفيديوهات المفبركة. والثاني الصور. والثالث الأخبار الكاذبة.
وهنا عينة صغيرة من الإشاعات:
فيديو اختطاف سيدة من قبل سائق تكسي بعمان تبين انها زوجته التي هي على خلاف معه. وفيديو خلط البنزين بالماء. وفيديو وجود ورشة تعمل بصاروخ قص حديد، في غرفة مريض بمستشفى البشير. وفيديو تعرض سعودي للاعتداء والاختطاف والسلب في الأردن. وفيديو تركيب 230 كاميرا مخالفات سير، مخفية داخل سيارات.
واشاعة ان كل من أتم 18 عاما، ملزم بتقديم إقرار ضريبي على نموذج ثمنه 25 دينارا !!
نحتاج إلى أجهزة ضخمة عددا وعدة لملاحقة الإشاعات، قد تصل لاحقا إلى إنشاء وزارة. واذا أردنا زيادة التنفيعات، واطلاق يد «المحظي» في السفريات والتعيينات، فلتكن هيئة مستقلة جديدة.
لا يعقل أن ننفي كل الإشاعات، ولا نستطيع بالطبع. فنفي بعض الإشاعات السخيفة، سخف وخبال وتنبيه اليها وتعميم لها.
تشاجر موظفان فشتم أحدهما الآخر وقال فيه كلاما مؤذيا. وأصر على حقه في الاعتذار العلني امام جميع الموظفين ليوافق على الصلحة.
جمع المدير الموظفين وقف صاحبنا على كرسي، ليراه نحو 100 موظف وعامل في الشركة وقال:
اعتذر من زميلي لأنني قلت له انت كلب، وهو ليس كلبا كما ترون. وقلت له انت حمار، وهو ليس حمارا كما تلاحظون. وقلت له ان رائحة جسمه مقززة منفرة، لانه لا يتحمم الا بالأعياد. وهذا ليس صحيحا. فهو يتحمم بالأعياد ومعظم ايام الجمع، كما تشمون.
وقلت له انه يدعس على الصغير منكم. ويلعق حذاء من يعلونه موقعا. وانه يدخن من سجائركم. ولا يدفع ثمن الساندويشات التي تحضرونها له.
كان المدير والموظفون غارقين في الضحك، والرجل ممتقع الوجه، لأنه أدرك، أن من أوحى له بطلب الاعتذار قد ساقه إلى كمين مرسوم مدبر.