عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Aug-2020

هل يبدو تفوق إسرائيل العسكري سبيلاً لحفظ استقرار الشرق الأوسط؟ - بقلم: اللواء احتياط عاموس جلعاد

 

إن اتفاق التطبيع بين إسرائيل وإمارات الخليج إنجاز تاريخي، واستراتيجي بل ودراماتيكي. فمنظومة متفرعة من العلاقات من تحت الطاولة ستصبح زواجاً علنياً. الإمارات دولة نوعية في جملة واسعة من المجالات، ومن المتوقع أن تستمد الدولتان منفعة عظيمة من إقامة العلاقات بينهما. لأبو ظبي، زعيمة اتحاد الإمارات، مفهوم أمني بالغ الأثر، أقيم على أساسه جيش وسلاح جو قويان، وأثبت هذا نفسه في جملة من الحملات العسكرية، بما في ذلك مناطق بعيدة عن إمارات الخليج. وتزودت الإمارات بمنظومات سلاح وطائرات هي من الأكثر تطوراً في العالم من إنتاج الولايات المتحدة، وتستخدم بنجاح في دائرة عمل واسعة.
 
تتقاسم إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك الإمارات، نظرة مشتركة تجاه إيران كعدو استراتيجي بل وجودي. فمن جهة، تستخلص إيران فضائل اقتصادية في علاقاتها الاقتصادية مع الإمارات، وبالمقابل لم يعد سراً أن إيران كانت تسرها السيطرة على الدول العربية على طول الخليج الفارسي لولا خوفها من جملة أسباب.
 
أما إسرائيل، التي تعد مدماكاً مركزياً في مفهوم الأمن القومي، فملزمة باستثمار جهد جبار في تطوير وتعميق علاقاتها الأمنية وغيرها مع الدول العربية. ونجاحها في هذا المجال جدير بالإشارة كما ويساعد على تركيز الجهود على التهديد الإيراني تجاه إسرائيل.
 
على أي حال، تتمتع إسرائيل باستقرار أمني غير مسبوق يستند إلى قوة الجيش الإسرائيلي وصورة القوة الأمنية العامة. أما الدول العربية فبعد أن جربت وفشلت في إبادة إسرائيل، فقد توصلت إلى الاستنتاج بأنه لا توجد إمكانية كهذه، ومن الأفضل التعاون معها في جملة من المجالات، وعلى رأسها الأمني والعسكري والسياسي.
 
ولكن حذار أن تنسى إسرائيل، ولو للحظة صغيرة، بأن تضعضع قوتها قد يسحب البساط من تحت أقدامها في المدى البعيد، وعليه فقد نشأ ارتباط مثير للاهتمام ومهم مع الولايات المتحدة التي تعهدت وتتعهد بحفظ التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. ويندرج هذا التعهد عميقاً في القانون الأمريكي الذي يلزم الولايات المتحدة بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. والمعنى العملي لذلك هو أن الولايات المتحدة تمتنع كسياسة، ملزمة بها حسب القانون، عن بيع منظومات سلاح متطورة وذكية للدول العربية حتى ولو ارتبطت إسرائيل بعلاقات سلام. وثمة مثال ملموس على ذلك، وهو طائرات “إف 35” التي تزود بها سلاح الجو في السنوات الأخيرة. ويدور الحديث في واقع الأمر عن منظومات قتالية ذكية ومتعددة الأبعاد تمنح إسرائيل تفوقاً ساحقاً إلى جانب عناصر قوة أخرى.
 
وعليه، فقد قررت الولايات المتحدة، علناً أيضاً، بأن ليس في نيتها بيع هذه الطائرات لدول عربية رغم الإغراء الاقتصادي لعمل ذلك (هذه طائرات غالية جداً). يُعرف في عالم الاستخبارات مبدآن؛ نوايا الطرف الأخير، وقدراته. فالنوايا معرضة لتغييرات سريعة، وأما القدرات المهددة فتبنى بمسيرة بطيئة، ولكن قد تصبح تهديداً جسيماً حين تخضع للتغيير. فمثلاً، كانت تركيا دولة شقيقة لإسرائيل، وهي اليوم خصم استراتيجي. وكانت إيران أيضاً صديقة، وهي اليوم عدو مرير وخطير. في مصر، سيطر الإخوان المسلمون فجأة على الحكم وكادوا يخلقون كتلة معادية مع تركيا ضد إسرائيل. لشدة الحظ، أنقذ الرئيس السيسي إسرائيل من تهديد استراتيجي واسع وعظيم.
 
في محادثات لي مع نظرائي العرب، الذين احترمهم جداً، سُئلت غير مرة: لماذا تعارض إسرائيل تعادل القوة بينها وبين الدول العربية؟ ولماذا تحرص على التفوق النوعي؟ وكان الجواب دوماً أنه كلما حافظنا على تفوقنا النوعي، يتعمق الاستقرار وحصانة السلام بيننا. لأسفي، هذا جوهر الشرق الأوسط!
 
إن الرسالة المركزية الناشئة عما قيل أعلاه، هي أن إسرائيل ملزمة بمنع بيع طائرات “إف 35” لأي دولة كانت في الشرق الأوسط وحفظ هذه القوة وما يشبهها لنفسها؛ هذه هي الوصفة لحفظ السلام والاستقرار على مدى الزمن في الشرق الأوسط.
 
 معهد السياسة والاستراتيجية IPS  25/8/2020