عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Mar-2019

الاختیار الأخلاقي - د. ارئیل بیكار
معاریف
 
تتركز حملة الأنتخابات على سؤال مبدئي واحد: ما ھي ھویة الدولة؟ الیمین السیاسي، الذي سن
قانون القومیة، یسعى لأن یعرف إسرائیل كالدولة القومیة للشعب الیھودي. القانون لا یذكر على
الاطلاق الحقوق المدنیة لمن ھم لیسوا من ابناء القومیة الیھودیة، وھكذا یشدد الفجوة بین كون
إسرائیل دولة یھودیة وبین كونھا دیمقراطیة. وامام ھذا المعسكر تقف عدة احزاب تسعى لأن تعدل قانون القومیة بروح وثیقة الاستقلال.
حین نصل إلى صندوق الاقتراع علینا أن نتذكر بأننا نصوت على الصورة الاخلاقیة للدولة.
كي نوضح ذلك یجب أن نعود إلى المبادئ الاساس: إسرائیل ھي دولة یھودیة ودیمقراطیة. فھي في نفس الوقت الدولة القومیة للشعب الیھودي والدولة الدیمقراطیة لكل مواطنیھا – یھودا وغیر یھود. ھذا الخلیط من الفكرتین یبسط في وثیقة الاستقلال. فھدف الوثیقة ھو ”اقامة دولة یھودیة في بلاد إسرائیل، ھي دولة إسرائیل“، ولكنھا تقرر بأن دولة إسرائیل ”ستقیم مساواة حقوق اجتماعیة وسیاسیة تامة لكل مواطنیھا دون فرق في الدین، العرق والجنس؛ ستضمن حریة الدین، الضمیر، اللغة، التعلیم والثقافة“.
كیف نشأ التوتر بین ”الیھودیة“ و ”الدیمقراطیة“؟ ھا ھو تفسیران محتملأن. ھناك من یعتقدون انھ أن یكون المرء یھودیا معناه ان یكون مختلفا ومنفردا عن الشعوب الاخرى وثقافتھا، وبالتالي على الدولة الیھودیة ان تؤدي یھودیتھا وان تفضل مواطنیھا الیھود. من جھة اخرى، ھناك من یرون في الیھودیة دینا شریعة وعبادة، وقلقون من ان یمس تعریف إسرائیل كیھودیة بالحریة الممنوحة لھم من جانب الدیمقراطیة. ومن أجل رؤیة قیمتي الیھودیة والدیمقراطیة بأنھما تكملان الواحدة الاخرى، او على الأقل كقیمتین غیر متناقضتین، مطلوب فھم آخر للمفاھیم.
في المجال الدیمقراطي الامور اكثر وضوحا. فوثیقة الاستقلال لم تستخدم كلمة الدیمقراطیة
بصراحة ولكنھا ثبتت المضامین المركزیة للدیمقراطیة وفي مركزھا ”مساواة الحقوق المدنیة وحریة الدین، بل ان دولة إسرائیل نصت بالقانون حمایة كرامة الأنسان وحریتھ. ولكن ما ھي الدولة الیھودیة؟ رغم ان الوثیقة تذكر كلمتي یھود ویھودیة مرات عدیدة، الا انھا امتنعت عن تعریف ما ھي الیھودیة. الدولة الیھودیة ھي اولا وقبل كل شيء الدولة القومیة للشعب الیھودي.
التعبیر الاوضح عن ذلك ھو قانون العودة، الذي یمنح حق التوطن الفوري لكل یھودي وابناء عائلتھ. ھكذا حفظت الاغلبیة الیھودیة في إسرائیل، التي تسمح بوجودھا كالدولة القومیة للشعب الیھودي بشكل دیمقراطي. إسرائیل ھي دیمقراطیة لكل مواطنیھا، دون صلة بدینھم او بفكرھم الوطني، ولكنھا الدولة القومیة فقط للشعب الیھودي. إسرائیل ھي دولة یھودیة في عدة جوانب مھمة اخرى تكمل كونھا دیمقراطیة.
اللغة العبریة، اللغة القدیمة للشعب الیھودي ھي لغة رسمیة في إسرائیل. الرزنامة المقررة لایام
العمل والاجازة تؤشر إلى العطل والمواعید الیھودیة. قانون ساعات العمل والراحة یسمح لكل یھودي بحفظ السبت حسب طریقھ. ھذه ھي تعابیر مھمة تسمح بوجود مجال عام تظھر فیھ القیم الیھودیة التقلیدیة مع افكار یھودیة جدیدة ومؤثرة على الثقافة والمجتمع.
ھذه القیم تكمل القیم الدیمقراطیة ولا تمس بالقیم الاساس لحریة الفرد والمساواة القانونیة. في
الدولة الدیمقراطیة لا یحتمل اكراه دیني كما لا یحتمل اكراه ضد الدین؛ في الدولة الدیمقراطیة لا
یمكن منح الحقوق من الدولة فقط للمواطنین الیھود بسبب كونھم یھودا. في الدولة الدیمقراطیة لا یمكن أن یكون مصدر صلاحیات لا یتبع مجلس النواب.
ان ھویة إسرائیل كدولة یھودیة ودیمقراطیة ھي المفتاح لوجودنا ھنا كمجتمع واحد، كبشر، كیھود وكإسرائیلیین. علینا أن نعلم، نشرح ونقنع معظم الإسرائیلیین بأن ھذا الامر ممكن من ناحیة عملیة وجدیر من ناحیة اخلاقیة.