عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Apr-2020

لغة التوتير وعدوى الاستعراض* سامح المحاريق
الرأي - 
يعيش الجميع حالة توتر نتيجة الخوف الذي تشكله مخاطر العدوى الفيروسية والأعراض النفسية للحجر الصحي والآثار الاقتصادية المصاحبة له، والضغوطات موزعة بين الثري والفقير، ولا أحد يمكنه أن الإدعاء أنه يمتلك السبب ليعتبر نفسه استثناء، وأن الاحتياطات التي يتخذها ستشكل حماية له من هذه الخطر وخاصة بعد أن أصاب المرض الأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة، ورئيس وزرائها بوريس جونسون.
 
عادة ما يتقبل الناس الحالات الانفعالية عالية النبرة في مثل هذه الظروف، ومع ذلك يكون منسوب التسامح مرتبطاً بأفراد لا يدعون لأنفسهم أي حيثيات اجتماعية، ولا يتمنون على المواطنين أو الوطن بإسهامات ومشاركات وتضحيات، فنفس المقولة التي يمكن أن يتفوه بها أحد المارة في الشارع تصبح مستهجنة في حال أتت من شخص آخر، مثل نقيب لأصحاب مصالح خاصة أو مدير ومالك مؤسسة طبية.
 
في الأردن لا تنتهج الدولة أسلوب الجهة السيادية الذي يستخدم في بعض الدول الأخرى، ولا تتدخل الدولة في منافسة أصحاب المصالح الاقتصادية، ولا تتبع أيضاً أساليب التهديد الصريح أو المبطن، ولكن يبدو أن البعض يستخدم هذه المزايا بصورة خاطئة، ويعتقد أنه محصن ليوزع عصبيته وتوتره على الآخرين، ويقوم بممارسة التعالي والغطرسة!
 
نعترف بأن القطاع الخاص يعاني من أزمة كبيرة وعميقة، ولكن من يصرخون يعيشون في وضعية أفضل من غيرهم، وثم ما فائدة الصراخ أو التطاول، في المحصلة لا شيء، توجد دولة بكامل مفرداتها في مواجهة صعبة ومفتوحة، وكل دول العالم تتجه لفرض إجراءات خشنة وثقيلة، فما الذي يتوقعه بعض الممثلين لأصحاب القطاعات التجارية، وما فائدة استثارة مشاعر طبقية يعلم الأردنيون تماماً بأن معظمها لا تقوم على أساس حقيقي في دولة شهدت قبل فترة ليست بالبعيدة الإطاحة بشخصية ثقيلة لتصرفها بطريقة غير مقبولة حسب العرف الأردني مع أحد سائقي الحافلات.
 
توجد لغة هادئة ومتعارف عليها بين الأردنيين، ولم يشهد الأردن في تاريخه مثل هذه اللغة، ولا يلجأ لها قادة أو أفراد الأجهزة الأمنية، ولا القيادات المجتمعية على مختلف أطيافها تقبل أن تشيع هذه اللغة، وهي لغة غريبة ودخيلة، ويجب أن تتوقف، ومعها غزوات الاستعراض التي تستغل الوضع القائم وحساسيته وانشغال كامل الدولة ومؤسساتها لاحتوائه.
 
الأردنيون صابرون ولكن على الجميع أن ينتبه من اللحظة التي يمكن أن يتحول فيها الصبر إلى الغضب، والدولة محافظة في تصرفاتها وخطواتها ولكنها لن تقبل بإحراجها وتشتيت جهودها.