عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Dec-2025

الصهاينة يفقدون سرديتهم ويخرجون عن الأطوار

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كاتلين جونستون* - (نشرة كاتلين) 19/11/2025
تكشف سورة غضب هستيرية لكاتبة خطابات سابقة في البيت الأبيض كيف أجبر سفك الدماء الذي تمارسه إسرائيل في غزة الصهاينة على لعب دور المدافعين الصريحين عن الإبادة الجماعية.
 
 
أدلت كاتبة خطب أوباما السابقة، سارة هورويتز، ببعض من التصريحات الكاشفة للغاية خلال ظهورها في "الجمعية العامة لاتحادات يهود أميركا الشمالية" مؤخرًا. وعبرت هورويتز عن إحباطها من الطريقة التي يرفض بها اليهود الشباب والأصغر سنًا الحجج المؤيدة لإسرائيل بسبب مشاهد المذبحة وحمّامات الدم التي يرونها في غزة.
وقالت هورويتز: "نحن الآن نتصارع، كما أعتقد، مع فجوة جديدة بين الأجيال هنا، وأظن أن هذا يحدث بشكل خاص لأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الآن مصدرنا الإعلامي الأساسي".
وأضافت: "في السابق، كانت الأخبار التي يحصل عليها المرء في أميركا تأتي من الإعلام الأميركي، وكان المصدر إعلامًا سائدًا إلى حد كبير؛ وكما تعلمون، لم يكن هذا الإعلام يعبر بشكل عام عن آراء شديدة المعارضة لإسرائيل. كان عليك الذهاب إلى مكتبة غريبة نوعًا ما لتعثر على مصادر الإعلام العالمية أو الإعلام الهامشي".
"لكن لدينا اليوم وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل الوسيط العالمي؛ خوارزمياتها يشكّلها مليارات الناس حول العالم الذين لا يحبون اليهود كثيرًا. وهكذا، بينما لم يكن الشاب في التسعينيات ليجدوا على الأرجح ’قناة الجزيرة‘ أو شخصًا مثل نيك فوينتس، فإن تلك الوسائط اليوم هي التي تجدهم؛ وهي تجدهم على هواتفهم".
وتابعت هورويتز: "إنه أيضًا هذا النوع من ’وسائط ما بعد-الكتابة"؛ نصوص أقل فأقل، وفيديوهات أكثر فأكثر".
"وهكذا لديك ’تيك توك‘ الذي يحطم عقول شبابنا طوال اليوم بفيديوهات عن المذبحة في غزة. وهو السبب في أن الكثيرين جدًا منا لا يستطيعون إجراء محادثة عاقلة مع اليهود الأصغر سنًا، لأنه أيًا كان ما نحاول قوله لهم، فإنهم يسمعونه من خلال هذا الجدار من المذبحة. وإذن، أنا أريد تقديم بيانات ومعلومات وحقائق وحجج، وهم يرون شيئًا واحدًا فقط في عقولهم: المذبحة. وأنا أبدو كشخص فاحش".
ومضت هورويتز لتقول إن التعليم عن الهولوكوست بدأ يأتي بنتائج عكسية، لأنه كان يعطي الشباب الانطباع الخاطئ.
وقالت: "كما تعلمون، أعتقد -للأسف- أن الرهان الذكي نفسه الذي وضعناه على تعليم الهولوكوست ليخدم كتعليم عن معاداة السامية في بيئة الإعلام الجديدة، أعتقد أنه يشرع في الانهيار بطريقة ما، كما تعرفون، لأن تعليم الهولوكوست ضروري تمامًا، لكنّني أعتقد أنه ربما بدأ يربك بعض شبابنا حول معاداة السامية".
"إنهم يتعلمون عن نازيين ضخام أقوياء يلحقون الأذى بيهود ضعفاء هزيلين، فيفكرون: أوه، معاداة السامية تشبه العنصرية ضد السود، أليس كذلك؟ الرجال البيض الأقوياء ضد سود ضعفاء بلا قوة. وهكذا، عندما يشاهدون طوال اليوم على ’تيك توك‘ إسرائيليين أقوياء يلحقون الأذى بفلسطينيين ضعفاء هزيلين، فليس مستغربًا أنهم يفكرون: أوه، أعرف الدرس من الهولوكوست: عليك أن تقاوم إسرائيل. عليك أن تقاتل الأقوياء الذين يؤذون الضعفاء".
يا إلهي. ثمة الكثير لمناقشته هنا.
من المدهش والفاتن رؤية كاتبة خطب سابقة للبيت الأبيض تقدم العديد من النقاط التي ظل المناهضون للصهيونية يؤكدونها لسنوات، لكنها تستخلص منها المعنى المعاكس تمامًا:
• إرث الإعلام السائد دائمًا ما أخفى الآراء المناهضة لإسرائيل -وكان ذلك جيدًا.
• وسائل التواصل الاجتماعي منحت الفلسطينيين القدرة على كشف الحقيقة حول انتهاكات إسرائيل -وهذا سيئ.
• الناس لم يعودوا ينخدعون بالدعاية الصهيونية لأنهم رأوا المذبحة وحمام الدم في غزة بأعينهم -وهذه مشكلة.
• الناس الذين تعلموا من تعليم الهولوكوست أن الإبادة جريمة، يطبّقون الدرس نفسه على الإبادة في غزة -وهذا يعني أنهم "مرتبكون".
لا تنكر هورويتز الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل، لكنها لا تحدد الفظائع الإبادية على أنها المشكلة. إنها تقول بصراحة إن المشكلة هي أن الناس أصبحوا يحصلون على المعلومات والوضوح الأخلاقي حول تلك الانتهاكات. الفظائع ليست خطأ؛ الخطأ هو رؤية الفظائع وتسميتها باسمها.
أحب الطريقة التي تشكو بها هورويتز من أنها تبدو "فاحشة" لأنها تحاول تقديم حجج تبرر الهولوكوست في غزة أمام أشخاص شاهدوا سفك الدم في الإبادة الجماعية. أعني، نعم. من البديهي أن يبدو المرء فاحشًا إذا حاول أن يقنع شخصًا بأن لقطات فيديو تعرض المجازر، والأطفال المشوهين والأجساد الهزيلة هي في الواقع مبررة ومقبولة.
لا يمكن أن تقف أمام كومة من جثث الأطفال وتبرر قتلهم ثم تشتكي عندما يتجاهل الناس مناورتك الدعائية الزائفة ويواصلون النظر إلى الأجساد الصغيرة. إن هذا يشبه أن تقتل عائلة كاملة ثم تقول للشرطة: "لكنكم لا تستمعون إلى أسبابي لقتلهم"! إن الشرطة تفعل الشيء الأخلاقي والطبيعي بينما تكون أنت الفاحش.
هناك مقطع منتشر لهذه الثورة على "تويتر"، وكنتُ فضولية إزاء معرفة ما إذا كانت هورويتز قد قالت شيئًا بعد نهاية المقطع والذي قد يجعل كلامها أقل هولًا، ولذلك ذهبت لأتأكد من الفيديو الأصلي على قناة "اتحادات يهود أميركا الشمالية" في "يوتيوب". والجواب: لا. لم يحدث أي تحسُّن.
مضت هورويتز لتقول إن الناس مخطئون في تطبيق دروس تعليم الهولوكوست على المعارضة لجرائم إسرائيل الإبادية، لأن الهولوكوست كان ألمانيا النازية التي ألقت باللوم على اليهود في كل مشاكلهم، بالطريقة نفسها التي يعتقد فيها الناس أن إسرائيل هي مصدر كل مشاكل العالم اليوم.
ثم تأسف هورويتز للطريقة التي "أعاد بها اليهود الغربيون تخيّل اليهودية كدين على النمط البروتستانتي" من أجل الاندماج في المجتمع الغربي بدلًا من الحفاظ على هوية قوية مخلصة لدولة إسرائيل.
وقالت هورويتز: "المشكلة أننا لسنا مجرد دين. نحن أمة. حضارة. قبيلة. شعب. ولكن قبل كل شيء نحن عائلة. فإذا كنت شابًا نشأ في أميركا ويعتقد أن اليهودية دين مشابه للبروتستانتية، فإن السبعة ملايين يهودي في إسرائيل يكونون فقط شركاءك في الدين. وهكذا، إذا نظرتُ إلى شركائي في الدين ووجدتهم لا يمارسون ديني القائم على العدالة الاجتماعية وبعض القيم النبوية، فما الذي يربطني عندئذٍ بهم؟".
"لكنّ هذا خطأ تصنيفي"، تقول هورويتز. "ليس السبعة ملايين شخص في إسرائيل مجرد شركائي في الدين. إنهم أشقائي. لكنني أعتقد أنك إذا فكرتَ بهم فقط كأشخاص يشتركون معك في الدين، فسيكون من السهل الانزلاق إلى معاداة الصهيونية. لن يكون لديك بالضرورة ذلك الرابط بهم".
ما تقوله هورويتز هنا هو أن على اليهود في كل العالم أن يكونوا أوفياء لإسرائيل مهما فعلت -ليس لأن هذا موقف أخلاقي أو حقيقي، بل لأن ذلك هو المكان الذي يكمن فيه ولاؤهم.
لا أعرف كيف قد تفكر، يا قارئي العزيز. ولكن إذا كان أشقائي يقتلون مدنيين، فسوف أصبح عدوهم على الفور. لن أدافع عن أخي إذا كان يطلق النار على الأطفال في الرأس كما يفعل قناصة الجيش الإسرائيلي في غزة، بل سأشعر بمسؤولية خاصة لوقفه -بالضبط لأنه أخي. إن الإبادة الجماعية لا تصبح مقبولة فجأة وبشكل سحري لأن مرتكبيها هم "إخوتك" إلا إذا كنت شخصًا بلا ضمير.
من المذهل كيف يفقد الصهاينة أعصابهم ويخرجون عن أطوارهم بسبب فقدان إسرائيل السيطرة على السرد خلال العامين الماضيين. وقد أصبحنا نراهم أكثر فأكثر وهم يقولون صراحة ما كان يُقال سرًا، بينما يحاولون بشكل محموم التحكم في الإدراك والتلاعب بالعقول حول العالم.
ثمة أشياء كثيرة كانت مخفية وشرعت الآن في العثور على طريقها إلى الضوء.
 
*كيتلين جونستون Caitlin Johnstone: كاتبة وصحفية أسترالية مستقلة، معروفة بمقالاتها النقدية التي تتناول الإعلام الغربي، والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، والدعاية الإمبريالية. تركز كتاباتها على كشف التلاعب الإعلامي الجماهيري، وفضح السياسات الاستعمارية الجديدة، وتنتقد النخب الحاكمة الغربية، سواء من الأحزاب الليبرالية أو المحافظة. وهي صوت بارز في نقد التغطية الإعلامية السائدة، خاصة في قضايا مثل الحرب في الشرق الأوسط، والصراع في أوكرانيا، وقمع الحريات الإعلامية.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Zionists Coming Un-Spun