عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Sep-2025

معلمات بين الحق والخوف.. شكاوى مؤجلة على منصة "حماية"

 الغد-هبة العيساوي

 في مدرسة بمنطقة ناعور جنوب عمان، جلست المعلمة ليان (اسم مستعار)، تفكر طويلا قبل أن تضغط على زر إرسال الشكوى عبر منصة "حماية" التابعة لوزارة العمل. 
 
 
ليان، المعروفة بالتزامها وحبها للتدريس، لم تتلق راتبها خلال العطلة الصيفية، برغم أن عقدها يشمل العام الدراسي كاملاً، تقول "أشعر بأن حقي ضاع، لكنني أخشى أن تعرف الإدارة بأنني تقدمت بالشكوى، فالنفوذ أقوى من الضمانات المكتوبة أحيانًا".
وعلى بعد كيلومترات قليلة، في مدرسة بمرج الحمام، تعيش "نور" (اسم مستعار) القلق ذاته، لكن لأسباب مختلفة،  إذ فوجئت بقرار إنهاء عقدها مع بداية العطلة الصيفية، بعد أن طمأنتها الإدارة بأن عودتها للتدريس مضمونة مع بداية الفصل الجديد.
وبرغم أن القانون، يمنحها حق الاستقرار الوظيفي، لكنها تشعر بعدم الاستقرار، فالوعد الشفهي لم يعد يكفي ليمنحها الشعور بالأمان، بل على العكس، باتت تخشى بأن تُسجَّل شكواها ضدها، وتتحول إلى سبب لحرمانها من العودة، فـ"كل شيء يبدو سريًا، لكن ما يقلقني أن تصل المعلومة بطريقة ما إلى أصحاب القرار".
سرية المشتكين وحمايتهم
وبرغم تأكيد وزارة العمل أن منصة "حماية" صُممت لتأمين سرية المشتكين وحمايتهم من أي ضغوط، لكن القلق يظل حاضرًا لدى معلمات مثل "ليان" و"نور"، اللتين وجدتا نفسيهما بين مطرقة الحاجة للمطالبة بالحقوق وسندان الخوف من نفوذ الإدارات.
وفي هذا النطاق، بلغ إجمالي عدد الشكاوى المقدمة لمنصة "حماية" في النصف الأول من العام الحالي 5428 شكوى. واحتلت شكاوى عدم دفع الأجور المرتبة الأولى بـ1911 شكوى، بنسبة 35 % من إجمالي الشكاوى، كما شملت الشكاوى الأخرى 334 شكوى اعتراض على إجراء قانوني من المؤسسة و295 شكوى لعدم منح شهادة خبرة.
وبخصوص شكاوى إيقاف العامل عن العمل، فقد بلغت 270، و225 تتعلق بإنهاء الخدمة لعقد غير محدد المدة، أو عقد شفوي و212 تخص إنهاء الخدمة لعقد محدد المدة، و61 اعتراضا على الخصم من الإجازات السنوية و52 لعدم توافر معايير السلامة والصحة المهنية، و35 شكوى لإجبار العامل على إجازة بدون راتب.
"حماية": تقديم الشكاوى سرية
الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الزيود، بين أن الوزارة تتعامل مع الشكاوى العمالية عبر مديرية التفتيش المركزية وأقسام التفتيش في مديريات العمل، بمسارين الأول عبر الجولات التفتيشية الدورية التي تنفذها فرق التفتيش على القطاعات الاقتصادية، للتأكد من مدى التزامها بأحكام قانون العمل دوالأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه، والثاني عبر استقبال الشكاوى المقدمة عن طريق "حماية"، وهي منصة أعدت للتعامل مع الشكاوى العمالية إلكترونيا، من دون حاجة العامل لمراجعة مديريات العمل أو الوزارة.
وأكد الزيود أن "حماية"، توفر خيار السرية عند تقديم الشكوى العمالية إذا رغب العامل المشتكي بذلك، كالشكاوى التي تصلح لأن تكون سرية، مثل تلك المتعلقة بعدم التزام المنشأة بالحد الأدنى للأجور أو عدم دفع الأجور أو تأخيرها، أو عدم دفع الأجر الإضافي، لكن الشكاوى في حالات محددة لا يمكن التعامل معها بسرية، كطلب العامل شهادة خبرة له من المنشأة التي كان يعمل بها، أو اتخذ إجراء إداري بحقه وحده دون غيره من زملائه بالعمل.
وأشار إلى أن المفتش عند استقبال الشكوى العمالية، يتواصل مع العامل المشتكي للتحقق من المعلومات التي أوردها في شكايته، وللوقوف على واقع الحال ومن ثم يجري التواصل مع صاحب العمل أو من ينوب عنه، للتأكد من الشكوى لتحصيل الحقوق العمالية للعامل دون ذكر اسم المشتكي، إذا كانت شكايته سرية، وإن تطلبت الشكوى تنفيذ جولة تفتيشية تنفذ على نحو مفاجئ.
وأوضح أنه في حال لم يتجاوب صاحب العمل مع إجراءات الوزارة، يتخذ الإجراءات القانونية بحقه وفقا لأحكام قانون العمل، لافتا إلى أن بعض الشكاوى التي ترد للمنصة لا تكون من اختصاص الوزارة، لكن مفتش العمل يرشد المشتكي لما يجب أن تتخذه من إجراءات.
وأكد الزيود، أن الوزارة زودت مفتشي العمل بكاميرات لتوثيق الجولات التفتيشية، مرتبطة بغرفة سيطرة فيها، لضمان سلامة الإجراءات وحق العامل وصاحب العمل، مشيرا إلى أنه لا يمكن إهمال أي شكوى عمالية أكانت من عامل أردني أو من عامل غير أردني.
شكاوى العمالية تثير الجدل
من جانبه، أوضح رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، أن قضية السرية في الشكاوى العمالية، ما تزال مثار جدل بين العمال. مبينا أنه خلال جائحة كورونا، أبدى مشتكون قلقهم، من أن معلوماتهم وصلت لأصحاب العمل، ما أدى لتعرض بعضهم للفصل أو العقوبات. 
وأضاف، انه برغم إعلان الوزارة حينها بأن نظام المنصة محكم وسري، ولا يطّلع على اسم المشتكي إلا المخوَّل بالنظر في الشكوى، لكن المخاوف ما تزال قائمة لدى بعض العمال.
وأشار إلى أن هذه القضية بحاجة لمراجعة أعمق وضمانات أوضح، بحيث لا تبقى هناك ثغرات أو شكوك لدى العامل بأن اسمه قد يُكشف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالاطمئنان لسرية الشكوى، شرط أساسي ليتمكن العامل من استخدام المنصة بثقة، دون الخوف من فقدان عمله أو التعرض لأي ضرر لاحق.