عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Oct-2019

ثقـافـة التـطـاول - د. محمد طالب عبيدات

 

الدستور- ثقافة التطاول كانت دخيلة وغريبة علينا وأصبحت مع الأسف ركيزة للبعض لإبتزاز الآخرين والتشهير بهم، فوسائل التواصل الإجتماعي في متناول معظم الناس، والبعض يستخدمها كوسيلة سلبية للتطاول على الآخرين ورجمهم دون هواده لعكس ما بداخلهم من أمراض نفسية وسلبية وغيرها، بدلاً من الإيجابية بالعمل والحوار والتعامل والإنتاجية مع الأسف.
فالأصل أن تكون وسائل التواصل الإجتماعي منبراً محترماً للحوار وفهم الآخرين لا للتجني عليهم بغير حق أو إتهامهم جزافاً دون أدنى دليل أو بيّنة، وهذه الثقافة دخيلة على مجتمعنا المحافظ على موروثه القيمي والأخلاقي والإجتماعي.
فالجلوس خلف اللابتوب أو الهواتف الذكية كأدوات تكنولوجية حديثة لنفث السموم والحديث بالألغاز ودسّ السم بالدسم ينم عن تردّي منظومة القيم والأخلاق والتربية، ولذلك فللأسرة والمدرسة والمنابر الإجتماعية والدينية والشبابية والتعليمية وغيرها أدوار كبيرة في كبح جماح هكذا تصرفات رعناء وخروج عن المألوف.
فهنالك خيط رفيع يفصل بين الوقاحة عند البعض والصراحة، والأسوأ تبرير هذه الوقاحة بحجج واهية وكذب صريح، وهكذا نوع من التبريرات الواهية لا تمرّ على عاقل لأن صوت الحكمة يجب أن يعلو فوق الضجيج والسلبية والإندفاعية والغوغائية والفوضى.
وبعض شباب الجيل الحالي –مع الأسف- بات يخاف ولا يستحي، وهذه أصبحت ثقافة حتى عند جيل الشباب الذي نأمل منه أن يكون أداة التغيير وصانع المستقبل، ولذلك فالسجالات والردح أصبحت سمة عصرية، وخطورتها على الجيل القادم بسوء التربية حتماً سينعكس على المجتمع برمته والأجيال القادمة.
ولهذا  فتطبيق لغة القانون مع هؤلاء كقانون الجرائم الإلكترونية هو الفيصل للمساهمة في تربية السلوكات السلبية عند البعض، فمن لا يلتزم بالأخلاق يردعه القانون، لأن سيادة القانون يجب أن تسود ليشعر الناس بهيبة الدولة وسيادة القانون التي علينا جميعاً أن نحترم ونجلّ.
فالبعض يتبجّح بإسم الحريّة للتعبير عن رأيه من خلال الإساءة للناس، ولهؤلاء نقول أن هنالك فرق شاسع بين الحرية المسؤولة والحرية المنفلتة، لأن الحرية المسؤولة ولغة الحوار هما الطريق القويم للتعبير عن الرأي وإحترام الآخرين، ودعاة الفوضى خاسرون دوماً.
ولهذا فالمطلوب إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي لترسيخ القيم الإيجابية والحياء من الآخر والتسامح والمحبة ولغة الحوار ودعوات الإحترام والإستماع للآخر لا الممارسات السلبية والغوغائية والحرية على الغارب ولغة الإنفلات والرجم والإتهام الجزاف.
وأخيراً، فإن ثقافة التطاول دخيلة علينا وجاءت كنتيجة لعدم المواءمة بين التطوّر التكنولوجي المذهل وتحصين شبابنا، والمطلوب التعامل بإحترام وود وتسامح ووسطية مع الآخرين دون تطاول، فالناس سئمت لغة القذف والرجم والإتهام والتطاول لأنها تعبث في أمننا المجتمعي والأخلاقي وتفتك بالمجتمع وتعزّز أزمة الأخلاق عند البعض، ولهذا فمطلوب أن نجذّر لغة الأخلاقيات من خلال المنابر التربوية وغيرها وإلّا فلغة سيادة القانون هي الفيصل!
 * وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق  - رئيس جامعة جدارا