عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Oct-2019

العقدة لا تبرر تغییر طریقة الانتخابات - نافون عمانویل
إسرائیل ھیوم
إن العقدة السیاسیة التي علقت فیھا إسرائیل في اعقاب الحملتین الانتخابیتین في 2019 ،تطرح مرة أخرى مسألة الحاجة إلى تغییر طریقة الحكم في إسرائیل، أو على الأقل تغییر طریقة الانتخابات. غیر أن استعراض التغییرات المقترحة، یبین أن نواقصھا تفوق فضائلھا.
یسعى الكثیرون الى تبني النظام الرئاسي، انطلاقا من الافتراض بانھ اكثر نجاعة واستقرارا من النظام البرلماني. ھذه الفرضیة مغلوطة. فالرئیس الذي یفقد أغلبیتھ البرلمانیة، مثلما یحصل في أحیان قریبة في الولایات المتحدة وفي احیان ابعد في فرنسا، یصبح مشلولا ولا یمكنھ ان ینفذ سیاستھ. في الأنظمة الرئاسیة التي ینتخب فیھا المشرعون حسب طریقة الانتخابات النسبیة، مثلما في معظم دول أمیركا الجنوبیة، فان الرئیس ملزم بان یحصل على تأیید أحزاب عدیدة كي یعمل على تشریع ما وعلى تنفیذ سیاستھ.
في المرات الثلاثة التي انتخب فیھا رئیس الوزراء في إسرائیل في انتخابات مباشرة، وان كان حسم واضح حقا، الا انھ لم یطرأ أي تحسن في قدرة الحكم، بل العكس: فالبطاقة المزدوجة – واحدة للحزب واخرى لرئیس الوزراء – الغت الحافز للتصویت لواحد من الحزبین الكبیرین، وھكذا زادت انشقاق الكنیست وتعلق رئیس الوزراء بشركائھ الائتلافیین. وعندما فقد ایھود باراك ائتلافھ في نھایة العام 2000 بقي بلا قدرة على الحكم؛ وانتخابھ المباشر اصبح غیر ذا صلة.
اقتراح آخر ھو تبني طریقة انتخابات اقلیمیة – غالبیة، الطریقة التي تمیل الى خلق حزبین كبیرین والشطب شبھ التام للاحزاب الفئویة، وعلیھ، تسمح لرئیس الوزراء بان یعتمد فقط على حزبھ وان یكون محررا من الضغوط الائتلافیة. فضلا عن ان ھذا الوصف لیس دقیقا (في بریطانیا یضطر رئیس الوزراء احیانا الى الائتلاف، مثل دافید كامرون في 2010 وتریزا ماي في 2017 ،(إذ ان قیود الطریقة الاقلیمیة – الغالبیة تفوق مزایاھا، فما بالك في مجتمع ممزق مثلما في اسرائیل. وبالذات لان الطریقة الاقلیمیة – الغالبیة تقصي جماھیر كاملة عن التمثیل – لان مرشحي الاقالیم فقط ممن یحصلون على عدد الاصوات الاكبر ینتخبون للبرلمان، فانھا تشدد التوترات الاجتماعیة وتشجیع على تحطیم القواعد. ”السترات الصفراء“ في فرنسا، مثلا، خرجوا الى الشوارع وشلوا الدولة وذلك ضمن امور اخرى لانھم لیس لدیھم تمثل مناسب، اذا كان تمثیل على الاطلاق، في برلمان یتحكم بھ حزب الرئیس ماكرون. كما أن اقصاء جماھیر كاملة، بعضھا متطرف، عن التمثیل البرلماني، یحفزھا على ”الاستیطان“ في واحد من الحزبین الكبیرین والتسبب بالتطرف في مواقفھما.
ھذه الظاھرة تتعزز في السنوات الاخیرة في دول مثل الولایات المتحدة وبریطانیا. ففي بریطانیا یسیطر الیوم على الحزب المحافظ مؤیدون البریكست الذین كانوا یعتبرون ذات مرة حفنة متطرفة، وصرف عن الحزب محافظون كلاسیكیون، بمن فیھم حفید ونستون تشرتشل. اما حزب العمال، الذي تمركز وكف في الواقع عن أن یكون اشتراكیا في عھد طوني بلیر، فقد احتلھ ماركسیون متطرفون. اما في الولایات المتحدة، فان معظم المرشحین الدیمقراطیین للرئاسة یتبنون افكارا كانت ذات مرة خارج الاجماع؛ في الحزب الجمھوري یوجد الیوم تأثیر غیر مسبوق للافنجیلیین ولمعارضي التجارة الحرة.
في اسرائیل نجد أن طریقة الانتخابات النسبیة ضروریة لخلق تمثیل مناسب لكل الجماھیر وللحفاظ على سلامة البیت. ھذه الطریقة وان كانت تمیل الى منح قوة ابتزاز للاحزاب الصغیرة، ولكنھا من جھة اخرى تخلق توازنات وكوابح، تكون احیانا ضروریة، حیال رئیس الوزراء. ھذه بصراحة لیست طریقة كاملة الاوصاف، ولكن المحاولة لتحسینھا في ظل رفع نسبة الحسم تبینت كخطأ، لان تقلیص عدد الاحزاب من خلال نسبة الحسم العالیة زادت بالذات قوة ابتزاز الاحزاب المتوسطة التي بقیت على الساحة. وذلك لانھ كلما كان عدد الاحزاب اكبر، بفضل نسبة حسم متدنیة بل وصفریة، تكون خیارات ائتلافیة اكثر تحت تصرف رئیس الوزراء، الامر الذي یجعلھ قابلا للابتزاز بقدر أقل.
ان طریقة الانتخابات في اسرائیل لیست معفیة من مواضع الخلل وھي تخلق احیانا عقدا سیاسیة.
ولكن الطریق للتغلب على الازمة الحالیة لا یكون من خلال اصلاحات اخرى، من شأنھا ان تنضم الى النوایا الطیبة التي تشق الطریق الى الجحیم.