عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jun-2022

ماذا يريد السعوديون منا؟*بلال حسن التل

 الراي 

زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي استدعت إلى الذاكرة عدداً من الجلسات الحوارية التي شهدتها قبل جائحة كورونا والتي كان السفير نايف بن بندر السديري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن طرفاً رئيساً فيها، في ممارسة غير مسبوقة على مستوى الدبلوماسيين العرب العاملين في بلادنا، الذين يتصفون في معظم الأحيان بالإنعزالية عن المجتمعات التي يعيشون فيها والاكتفاء بالعلاقات البروتكولية الجافة، وهي قاعدة كسرها السديري راسماً صورة جديدة للدبلوماسية العربية، تتسم بالانفتاح والقدرة على الحوار، غير أنني لاحظت أنه في كل الحوارات التي شارك فيها أن الحديث يدور حول محورين، أولهما التأكيد على العلاقات الثنائية المتينة والتاريخية بين البلدين الشقيقين، وثانيهما ماذا نريد نحن من السعودية؟ حيث يتم التأكيد على الجوانب الاقتصادية، مع طلب رعاية السعودية للقوى البشرية الأردنية التي تعمل هناك، خاصة في مرحلة ما بعد كورونا، وقد أثارت هذه الحوارات في نفسي سؤالاً هو: ألا نفكر نحن بماذا يريد منا الإخوة السعوديين، وما هو دورنا في تطوير العلاقات بين بلدينا؟.
 
ماهو مؤكد أن الإخوة السعوديين لا يحتاجون من احد لمساعدات مالية، فقد منّ الله عليهم بما يغنيهم عن الجميع في هذا المجال، جراء الثروة النفطية التي أحدثت ثورة جوهرية في طبيعة العلاقات بين الشعوب، وفي موازين العلاقات بين هذه الشعوب، وقبل ذلك في طبيعة حياة الشعوب التي منّ الله عليها بالثروة النفطية، وهنا يكمن مربط الفرس للإجابة على سؤال ما الذي يريده الإخوة السعوديين منا؟ ذلك أن المجتمع السعودي شهد خلال العقود الماضية الكثير من التطورات على كل الصعد، فقد تخرج عشرات الآف من الشباب السعوديين من أهم وأعظم الجامعات في العالم، بعد أن حصلوا على أعلى الدرجات العلمية في مختلف التخصصات، ناهيك عن أضعاف هؤلاء من الشباب السعودي الذي تخرج من الجامعات السعودية، وهذا التطور في التعليم رافقه تطور اقتصادي وثقافي وإعلامي وقبل ذلك تطور اجتماعي، مما يحتم على كل من يريد أن يتعامل مع السعوديين أن يفهمهم، فهل بذلنا جهدا لمعرفة التحولات الثقافية في السعودية؟ وما هي معلوماتنا عن المبدعين من المثقفين السعوديين؟ وهل بذلنا جهوداً لفهم حجم التطور الاجتماعي في المجتمع السعودي وإلى أي حد يخدم هذا التطور حالة التماثل الاجتماعي بين البلدين، ومن ثم هل ناقشنا التحديات المشتركة التي تواجه المجتمعين الأردني والسعودي؟ وهي تحديات متنوعة في طليعتها تحدي التطرف والإرهاب.
 
لنفهم ذلك كله صار علينا مراجعة النظرة التقليدية التي كانت سائدة عن المجتمع السعودي في ستينات القرن الماضي، فالمجتمع السعودي اليوم غيره بالأمس، وصار من الواجب على كل من يريد أن يتعامل معه أن يبذل جهداً لفهمه، فالفهم هو ما أعتقد ان الإخوة في السعودية يريدونه منا لأن هذا الفهم يقود إلى التفهم, ثم إلى التفاهم الذي يفضي إلى المساندة وحماية الظهر والخاصرة.