عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jun-2020

الأرض تهتز.. بدأ الضمّ فعلياً - اليكس فيشمان

 

لا حاجة لانتظار الاول من تموز. فالضم بات هنا. كرة الثلج هذه تتدحرج منذ الآن، وتلحق الأضرار وتجبي الأثمان. فقد صعد رئيس الوزراء إلى شجرة عالية مع تعهد واضح ببسط السيادة على غور الأردن، والمنظومة الاقليمية، وبقدر ما المنظومة الدولية ايضا، تسير منذ الآن في ظله، وتبحث عن مؤشرات دالة وترد بما يتناسب مع ذلك.
في الاسبوع الماضي، نشب حريق في غور الأردن. بزعم الفلسطينيين، هكذا دمرت إسرائيل، عن قصد، نحو عشرة آلاف دونم من الارض الزراعيةـ كجزء من استعداداتها للضم. نشب هذا الحريق في اعقاب مناورة نارية خاضها الجيش الاسرائيلي في المنطقة، ولكن الحقائق لم تعد تهم. فالفلسطينيون مقتنعون بأنه في الشهر الاخير بدأت إسرائيل تسرع سياقات على الارض تمهيدا للضم، مثل بناء شبكات كهرباء، طرق ومياه إلى الغور. كما أن هدم المباني غير القانونية في منطقة أريحا، الاسبوع الماضي، ينضم، من ناحيتهم، الى سلسلة المؤشرات الدالة. السلطة «تسخن» السكان. والقطيعة التي أعلنتها ضد إسرائيل تستغلها ابواقها الاعلامية كي تصلح صورة اجهزة الامن، وتعرضها كمن تقف على رأس الكفاح الفلسطيني. ان قرار السلطة، الاسبوع الماضي، التوقف عن تلقي اموال الضرائب من إسرائيل جاء، قبل كل شيء، كي يزرع في الجمهور الفلسطيني ايضا احساسا بالضائقة الاقتصادية في ضوء السلوك الاسرائيلي. زعماء الضفة يعلنون عن معارضتهم للعنف، ولكن الى جانب ذلك يعدون الارضية لاشتعال الشارع. وهذه هي مجرد المثال الصغير في أزمة الضم، الذي يقلق فقط جهات معينة في جهاز الأمن. اما الجمهور الاسرائيلي فسيبدأ بالاهتمام بالضم اذا ما وعندما يندلع العنف.
المال الكبير الذي تبدأ إسرائيل بدفعه يجد تعبيره في اهتزاز المراسي الاستراتيجية التي بنيت لضمان قوتها ومكانتها في المنطقة. في مرسيين كهذين – العلاقة مع الأردن والتأييد ثنائي الحزب في الولايات المتحدة – عمقت الاحاديث عن الضم الصدوع. ومن ناحية تلك الدول المركزية في غرب اوروبا، التي تنتقد خطوات ترامب، فإن الضم هو جزء من السياسة الفاسدة للرئيس الأميركي. فالأوروبيون لا يتصورون أنه لم تجر في إسرائيل اي دراسة معمقة، مرتبة وجدية عن الضم وآثاره وان ليس لرئيس الوزراء حتى خريطة متفق عليها يمكنه أن يعرضها على احد ما كخطة للتنفيذ في بداية تموز. وهم يـأخذون نتنياهو على محمل الجد ويدخلون في «مزاج» التهديدات بالمقاطعة على إسرائيل وخطوات العقاب.
عمقت الاحاديث عن الضم منذ الآن الشرخ داخل المجتمع الاسرائيلي، حتى في اوساط المستوطنين انفسهم، وهو ينطلق على الدرب دون الاجماع اللازم لمثل هذه الخطوة التاريخية.
تدفع هذه الاحاديث الفلسطينيين ايضا الى طريق بلا مخرج. العقد الاخير في الضفة كان اقل عنفا بلا قياس مقارنة بالعقد الذي سبقه. هذه ليست صدفة. وقد اختار رئيس الوزراء عن وعي سياسة الوضع الراهن في «المناطق» باضافة «السلام الاقتصادي» الذي اتاح مستوى معيشة معقولا في الضفة، كما أن هذا هو السبب الذي جعل نتنياهو لا يوجه أبدا الجيش لإسقاط «حماس» في غزة كي لا يمس بالوضع الراهن الذي خدم إسرائيل في الجبهتين الفلسطينيتين. اما الآن فقد قرر نتنياهو تغيير الاتجاه، وكسر الوضع الراهن، واعلن عن الضم. وبدأت الارض بالاهتزاز.
عن «يديعوت»