عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Apr-2020

كورونا يعيد الحقبة الشيوعية إلى ذاكرة الألبان الرمضانية

 

تيرانا-يستقبل عثمان خوجة (81 عاما) وعائلته شهر رمضان وهم في شقّتهم في تيرانا بسبب تدابير الإغلاق التي فرضت جرّاء تفشي فيروس كورونا المستجد، في أجواء تعيد إلى ذاكرتهم الحقبة الشيوعية عندما كانت ممارسة الشعائر الدينية تحمل خطر الموت.
وكحال العديد من دول العالم، خلت المساجد في ألبانيا، التي يشكّل المسلمون غالبية سكّانها، من المصلين، في حين قلّ عدد المقاعد حول موائد الإفطار عن العادة مع التزام كل عائلة منزلها في مسعى للحد من تفشي الفيروس.
وبالنسبة للأجيال الأكبر سنا، تعيد هذه الأجواء إلى الذاكرة الكيفية التي أجبروا من خلالها على إبقاء عقيدتهم حية سراً في العهد الطويل والقاسي للزعيم الشيوعي الراحل أنور خوجة الذي منع ممارسة الشعائر الدينية.
ويستذكر عثمان الذي يرتدي قبعة سوداء وسترة رمادية اللون بعد صيامه أول يوم رمضان في منزله، كيف “كان لزاما علينا الصلاة خلف جدران منزلنا خوفا من أن ينتهي بنا الأمر في السجن أو الحكم بالإعدام”.
وبعد عقود، تواجه ألبانيا “خطرا” من نوع مختلف.
وتقول مينير، زوجة عثمان البالغة من العمر 74 عاما، “خلال حقبة الشيوعية كان علينا الصيام سرا لأنه إن رآنا أحد فيمكن لذلك أن يكلفنا حياتنا، بينما اليوم نتعرض إلى خطر الموت من فيروس يمكن أن يقتلك”.
وتبنى أنور خوجة الشعار الماركسي بأن “الدين أفيون الشعوب” وأعلن ألبانيا أول بلد ملحد في العام عام 1967.
وخلال سنوات حكمه ال40، تم تدمير مئات المساجد والكنائس أو تحويلها إلى استخدامات أخرى، بينما حكم على العديد من الأئمة والقساوسة بالعمل سخرة أو توفوا في السجن أو لقوا حتفهم على أيدي كتيبة إعدام.
وفي المجمل، لقي 6000 آلاف شخص حتفهم من قبل النظام المرتاب لجرائمهم المزعومة التي تتراوح بين الخيانة أو السفر إلى الخارج أو ممارسة شعائر دينية.
كما أرسل عشرات الآلاف إلى السجون أو أجبروا على العمل سخرة في معسكرات اعتقال. وكان عثمان من ضمنهم.
وكشاب خلال ستينات القرن الماضي، أجبر عثمان على العمل في مقلع أحجار بعدما فر شقيقه من ألبانيا ما دفع السلطات للشك ببقية أفراد عائلته وأقربائه.
لكن العائلة حافظت على عقيدتها ومارست الشعائر الإسلامية سرا حتى سمح بفتح دور العبادة مجددا في 1990 قبيل سقوط الشيوعية.
ومنذ ذلك الحين، شهدت ألبانيا نهضة دينية حيث يعرّف أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 2,8 مليون نسمة أنفسهم على أنهم مسلمون، معتدلون في الغالب، بينما يدين 30 في المئة بالكاثوليكية والأرثوذكسية.
في العقود الأخيرة، احتفلت عائلة عثمان بوجبة الإفطار مع حوالى 20 شخصا على المائدة. لكن هذا العام، وصل العدد إلى سبعة، من بينهم الأجداد وابنهم أغرون وزوجته وأطفاله.
وقالت مينير وهي تحضر العشاء مع زوجة ابنها ريزارتا “أتمنى لو كانت هذه الطاولة كبيرة وأن يعج بيتي بالأصدقاء والأقارب”.
وأضافت بابتسامة وهي تنظر إلى كمية شهية من الأرز واللحوم والسلطات والخضروات المشوية والتمر، “الصيام أصعب عندما تكون في المنزل لأن كل ما تفكر فيه هو الأكل”.
وبعد الإفطار، يؤم عثمان ابنه وحفيديه البالغين من العمر 11 و13 عاما للصلاة في غرفة الجلوس.
واتبعت ألبانيا، التي باتت دولة ديموقراطية، معظم دول العالم في تقييد الحريات الفردية بشدة لمكافحة الفيروس الذي أودى بحياة ما يقرب من 30 شخصا.
لكن التكنولوجيا الحديثة تخفف من الشعور بالوحدة.
وقبل تناول وجبتهم، أمسك أفراد عائلة عثمان الهواتف المحمولة للتحدث مع أقاربهم الآخرين عبر الفيديو.
وقال أغرون “بفضل التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي أصبحنا أقرب إلى أصدقائنا أكثر من أي وقت مضى”.
وأضافت والدته “الصحة هي الأهم إذ لا يزال بإمكاننا احترام جميع الشعائر والممارسات الدينية في الأسرة”.( أ ف ب)