عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Mar-2019

لا أحد یرید حرب غزة الرابعة.. لکنها بالطریق - ملمان یوسي
معاریف
 
كان في ھجمات سلاح الجو على غزة أمس جدید مقارنة بالماضي. فلم تھاجم فقط اھدافا تقلیدیة للذراع العسكري لحماس بل وكانت ایضا محاولة لضرب مسؤول كبیر في المنظمة، اي العودة الى سیاسة الاحباطات المركزة. وحسب تقاریر من القطاع، فقد ضرب ایضا مكتب رئیس حماس اسماعیل ھنیة الذي لم یكن فیھ بالطبع.
اما سبب الھجمات فھو الصاروخ الذي اصاب منزلا في موشاف مشمیرت في الشارون وتسبب باصابة سبعة اشخاص. ھذه الاصابة، مثلما ھو ایضا رد الجیش الاسرائیلي، الذي یتضمن تجنیدا جزئیا للاحتیاط، نشرا لبطاریات القبة الحدیدیة، نقل لوائي مدرعات ومشاة الى غلاف غزة، فتح الملاجئ والاستعدادات في بلدات الغلاف، یمكنھا ان تكون اشارة البدایة لحرب غزة
الرابعة.
ولكنھا لیست محتمة. رئیس الوزراء بنیامین نتنیاھو لن یعود من واشنطن الى الیوم. وھو ما یزال غیر معني بحرب شاملة مع غزة، وبالتأكید قبل اسبوعین من الانتخابات. ولكن من شأن الحرب ان تنشب لان للتصعید منطق خاص بھ، لا یكون للطرفین دوما سیطرة علیھ. وللدقة، فانھما یخافان التحكم بالمسیرة، خوفا من ان یبدوا ضعیفین.
الفرضیة الاساس ھي أن حماس، بل والجھاد الاسلامي، لا یریدان المواجھة. فحتى الیوم خاضا حرب استنزاف البالونات الحارقة، الطائرات الورقیة المتفجرة، احراق الحقول، المظاھرات على الجدار وبین الحین والاخر اطلاق صواریخ والقاء عبوات ضد قوات الجیش الاسرائیلي.
ولكنھما یعرفان بان نتنیاھو واسرائیل لا یریدان مواجھة شاملة ویستغلان فترة الانتخابات للسیر على الحافة ولخطوة صغیرة وتصعیدیة اخرى.
في الاسبوعین الاخیرین اطلقت صواریخ بعیدة المدى ثلاث مرات – الى بئر السبع، الى غوش دان والى مشمیرت. وفي المرات الثلاثة، كان تفسیر / التبریر الذي قدمتھ حماس والجیش الاسرائیلي ھو أن عملیات الاطلاق تمت بالخطأ وان الصواریخ، التي نصبت في مواقع حماس، اطلقت عقب عواصف برق ورعد شغلت اجھزة الاطلاق. حتى لو كان ھذا صحیحا، ویوجد حول ھذه المسألة علامة استفھام كبیرة، فانھم في الجیش وفي القیادة السیاسیة یعرفون بانھ من الصعب بیع ھذه الحجة للجمھور.
وعلیھ فكل شيء منوط في واقع الامر بقیادة حماس. فاذا ردت ھذه بقوة شدیدة على ھجوم سلاح
الجو الذي بدأ امس، باطلاق عشرات الصواریخ على الغلاف وما وراءه حتى غوش دان وشمالا، فستفتح دائرة سحریة بھجوم جوي، اطلاق صواریخ وھلمجرا. وبالتأكید اذا وقع مصابون في الطرف الاسرائیلي، فلن یكون لنتنیاھو مفر غیر اصدار الامر
الذي لم یرغب حتى الان في اصداره، بالدخول البري. ھذه ھي طبیعة التصعید.
ما الذي حصل في الجرف الصامد؟ اسرائیل، التي عثرت ودمرت معظم الانفاق التحت أرضیة، نجحت في أن تسحب من ایدي حماس سلاحا استراتیجیا. ولكن رغم الحصار المشترك الذي تفرضھ اسرائیل ومصر على غزة، وان كانتا تقلصان تھریب الصواریخ والوسائل القتالیة الاخرى الى غزة، فقد أثبتت حماس بانھ ما تزال لدیھا قدرة صاروخیة لا بأس بھا.
بعض من الصواریخ ھي للمدى البعید، مثل ذاك الذي اصاب مشمیرت. وھذه الصواریخ من انتاج ذاتي، بمساعدة العلم من حزب الله ومن ایران. والتقدیر ھو أنھ لدى حماس والجھاد بضعة الاف من الصواریخ لمدى حتى 40 كیلو متر وبضع عشرات اخرى حتى 30 – 80 كیلو وعدد مشابھ لمدى 100 كیلو متر واكثر. ھذه صواریخ غیر دقیقة وصیانتھا متردیة ولكنھا ھي ایضا یمكنھا أن تلحق ضررا جسیما، ولا سیما في الاصابة المباشرة.
مع كل التقدیر للتكنولوجیا ولقدرة القبة الحدیدیة، محظور أن ننسى بان لھا نقطة ضعف. لیس لدى اسرائیل ما یكفي من البطاریات (حتى لو قسمت الى وسائل اطلاق) لتغطیة كل المجال من غزة وحتى الخضیرة (حتى ھناك یمكن، الى ھذا الحد أو ذاك، ان تصل الصواریخ من غزة).
اضافة الى ذلك، فان مدى الاعتراض الاقصى للقبة الحدیدیة ھو حتى 50 – 60 كیلو متر ومن الصعب علیھ أن یعترض قذائف الھاون للمدى القصیر من 5 – 7 كیلو متر.
لقد كان یمكن لھذا التصعید أن یمنع لو كانت حكومة اسرائیل بلورت استراتیجیة سیاسیة – امنیة
شاملة. اساسھا یجب أن یكون باستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطینیة لتعزیز قوتھا بین الجمھور الفلسطیني حیال حماس. ولكن نتنیاھو غیر معني بذلك. ففي لقاء لكتلة اللیكود قبل نحو
اسبوعین قال صراحة ان من یعارض اقامة دولة فلسطینیة ملزم بان یؤید نھجھ تجاه غزة.
وھكذا اتضح الامر. رغم انھ لم یقل صراحة بانھ تراجع عن تأییده لفكرة الدولتین، فان نتنیاھو
معني بشق الشعب الفلسطیني الى كیانین، في الضفة وفي غزة، كي یصفي عملیا الدولة الفلسطینیة الموحدة.
لغرض تحقیق ھدفھ، فان نتنیاھو مستعد لان یمنع تحویل نصف ملیار شیكل من الاموال التابعة للسلطة الفلسطینیة وفي نفس الوقت أن یدفع اموال الخاوة لمنظمة حماس – وكل ھذا كي یحقق
ھدوءاً مؤقتا.
ولكن حتى لو لم نتدھور الى حرب شاملة، مثلما قد یكون ممكنا التقدیر من بیان الجھاد الاسلامي، الذي یتوقع الوساطة المصریة، فان المشاكل الاساس لن ترحل الى اي مكان.
نتنیاھو غیر مستعد لان یتخذ الخطوة الاضافیة التي كان یمكنھا أن تحقق اتفاق وقف نار أو تسویة بعیدة المدى مع حماس. كل ما علیھ أن یفعلھ ھو أن یتخذ قرارا شجاعا یقول انھ مقابل موافقة حماس على مثل ھذه الخطوة ستوافق اسرائیل على اعمار جذري وشامل لغزة كي یتحسن مستوى معیشة السكان ورفاھھم.
ولكن الحكومة ترفض الموافقة على ذلك، طالما لم تتحقق صفقة تبادل للجثث والاسرى. ومثل
ھذه الصفقة لیست ممكنة الا اذا استجابت اسرائیل جزئیا لمطالب حماس، وحررت مئات المخربین. اما نتنیاھو، الذي سبق أن وافق على ذلك في اعقاب صفقة شالیط (حرر اكثر من الف مخرب) لا یفكر حتى بتكرار خطأه. وھكذا فان كل شيء عالق.