عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Dec-2025

هجرة إيرانية نحو الخليج!* حمزة عليان
الجريدة -
هجرة سكان من طهران إلى بلدان الخليج العربي بسبب ندرة المياه لم تعد «مزحة»، وأقرب مسافة إلى الكويت لا تزيد على 800 كم تأتي بعدها البحرين ب 900 كلم.
 
لماذا هذا التحذير؟: قبل سنوات كتبت مقالات، كغيري من المحللين، عن خطر قد تواجهه منطقة الخليج العربي يتمثل بهجرة السكان من إيران نتيجة للتصحر وحالات الجفاف، اليوم نسمع من رئيس الدولة مسعود بزشكيان تصريحاً خطيراً أشبه بإنذار: «لقد فشلنا بإدارة الدولة، وها هي طهران بسكانها البالغ 15 مليون نسمة لم تعد قادرة على العيش والبقاء بسبب ندرة المياه».
 
الواقع أن الجفاف طال العراق وسورية ولبنان ووصل إلى اليونان، وهذا عائد بنسبة كبيرة إلى تغيّر المناخ، هناك مصاعب وتحديات تواجه دولاً متشاطئة تشترك بنهر واحد على رأسها، غياب التنسيق والتفاهم، تعلو فيها الصراعات جيو السياسية على ما عداها من قضايا مصيرية كالاستفادة المشتركة من المياه.
 
وفي ظل عصر تغيّر المناخ اتبعت ثلاث دول في غرب إفريقيا وما يخص نهر السنغال، نموذجاً مغايراً لما هو قائم في المنطقة العربية، عملت على تقاسم المنافع بشكل كامل بعد أن أقامت وكالة تشغيل مشتركة للسدود ومحطات الطاقة، وتقاسمت الكهرباء والمياه بالتساوي، كما يقول خبير المياه عماد سعد.
 
إيران تنتظر الفرج المؤقت من السماء، وإذا هطلت الأمطار فستكون جرعة موسمية، لكنها لن تحل المشكلة حتى لو فكروا في جلب المياه من بحر الخليج، فكلفة كل متر مكعب نحو 119 دولاراً أميركياً، وهذه مبالغ خيالية ليست بمقدور النظام الحالي تحملها في ظل العقوبات والعجز المالي المزري.
 
التلويح بنقل سكان العاصمة طهران جرس إنذار أحدث حالة من الخوف والفزع، لذلك من غير المنطقي تشبيهه بحالة جزر المالديف المعرّضة للغرق، وهم يطلقون الصيحات تلو الأخرى بالبحث عن «وطن بديل وآمن»، بسبب تغيّر المناخ، المسألة هنا لها وجه آخر يتمثل بسوء إدارة ملف المياه، وبتقادم شبكات المياه، وببنى تحتية متهالكة، وعدم كفاية فعالية السدود التي أخذت تعاني نقصاً في خزاناتها التي تنتج الكهرباء.
 
هذه ليست مجرد أزمة مياه إنما هي حالة إفلاس مائي، وحجم الضرر لم يعد في الإمكان دفعه، كما قال مدير معهد المياه والبيئة والصحة التابع للأمم المتحدة دانييل تسيغالي.
 
في حالة إيران تقاطعت ندرة المياه مع سوء الإدارة، وفشلها في التغلب على مواسم الجفاف والتصحر، وهذا النموذج سيكون درساً بليغاً للدول المجاورة لها.
 
طهران لم تعد المكان الآمن للهجرات القادمة إليها من محافظات أخرى عانت انقطاعاً بالكهرباء والماء، وباتت هي الأخرى طاردة لسكانها.
 
خبراء المياه يتوقعون دخول العالم عهداً طويلاً من الجفاف، وما تشهده إيران قد يتكرر في عواصم ومدن أخرى، إذا ما تحالف تغيّر المناخ مع سوء استخدام المياه، من هنا باتت هذه الدول بحاجة إلى خريطة طريق مائية جديدة تؤمّن الاستقرار المائي والغذاء وتحفظ الطاقة.
 
انظروا اليوم إلى ما يحدث في دول آسيا من أعاصير وفيضانات وكوارث طبيعية، ألا تحمل تلك الظواهر أسئلة من نوع، هل تتحمل دول الخليج هجرة التغيير المناخي من شرق آسيا؟ أو هل ستبقى بمنأى عن تلك الهجرات؟