عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Feb-2020

صدور الطبعة الثالثة من كتاب “إليوت في العربية” لـ محمد شاهين

 

عزيزة علي
 
عمّان –الغد-  صدر عن دار العائدون للنشر والتوزيع/ عمّان، الطبعة الثالثة من كتاب “إليوت في العربية: ثلاثة نماذج، دراسة مقارنة” للأكاديمي والناقد د. محمد شاهين. ويشتمل الكتاب على قراءة مقارنة بين الشاعر ت. إس. إليوت من جهة، وكلّ من الشعراء العرب بدر شاكر السيّاب وصلاح عبد الصبور ومحمود درويش.
يقدم شاهين، وهو أستاذ الأدب الإنجليزي في عدد من الجامعات، مقاربات معمّقة في تجارب الشعراء الثلاثة العرب والشاعر الإنجليزي، ويرصد أبرز مواقع وأعماق تأثر الشعراء الثلاثة بإليوت. ولعلّ عناوين الدراسات تؤشّر على عمقها وجدّتها، حيث يقدم ابتداء لمحة موجزة عن حجم حضور إليوت في العربية وعمق تأثيره في الشعر العربي.
ويتناول شاهين علاقة عبد الصبور وإليوت وما يسمّيه “تأثير المحاكاة”، بينما يخصّ السيّاب بفصل عن تأثير المعاناة بين ظاهر المحاكاة وعمق المعاناة، ويخصص لمحمود درويش فصلا للمقارنة بين “قصيدة “جدارية” محمود درويش وقصيدة إليوت الشهيرة “بروفروك”: مواجهة الانفصال بالاتّصال”.
من تقديمه لهذه الطبعة، قال “ننظر إلى تعامل محمود درويش مع مصدر التأثر، مقارنة بغيره، على أنه خارج المحاكاة المباشرة، إذ إن محمود درويش يتمثل بداية روح النص الخارجي قبل أن يحدد أبعاده داخل نصه الشعري الذي يتكامل، من خلال التقاطع وما يعطيه لاحقا من نص آخر من عنده، ليصبح نصا جديدا تكاد تضيع فيه معالم المصدر الظاهرية التي اشتق منها التأثر.
في هذه الحالة يتبنى محمود درويش تعليق إليوت على صديقه الشاعر باوند “اكتسب هذا التعليق شهرة خاصة بين النقاد”، إذ نعت إليوت صديقه باوند بـ”الصانع الأمهر”. بالمثل نعت محمود درويش الشاعر أمل دنقل في قصيدته التي رثاه فيها أنه-أي أمل دنقل “الصانع الأمهر”، وهي صفة تبناها محمود درويش في أكثر من مناسبة، بل أنه في اعتقادي جعل منها منظورا رئيسا ظل يسعى إلى تحقيقه عمليا في شعره”.
في كلمة على غلاف الكتاب يقول المؤلف إن ما يسعى إليه في هذه الكتاب هو أن المقارنة والمقاربة تتخطى في حدودها مجرد العثور على المصدر الأصلي، كدليل للوصول إلى التعرف على القيمة الفنية للمقارنة أو المقاربة التي تنتج عادة من خلال نوع من التقاطع بين القصيدة وملابساتها، أي أن التأثير أو التأثر، كما سيرد في هذا الكتاب، ليس بالضرورة عملية تطابق بين أصل وما يشتق منه لاحقا، إذ إنها في أغلب الأحيان صدى أكثر من كونها صوتا، أو هي ظلال يلقى بها الأصل على ما هو مشتق.
وبهذا يصبح البحث في استقصاء الأصل أو ما يسمى ملابسات القصيدة أمرا مسيرا، كما هي الحال عند “كلوليردج”، وغيره من الشعراء الذين يطفى صوتهم الشعري على قضية التطابق التي تبدو مقربة أكثر منها مجدية، وذلك من خلال التحولات التي تمر بها العملية الإبداعية والتي تبعدنا عن ظاهرة المحاكاة، بمعنى أن التقارب يمكن أن يقع خارج التطابق مع الأصل كما يوضح وولتر بنجامين في مناسبات عدة أبرزها “فن المترجم”، مقالة اكتسبت شهرة خاصة من خلال خطابها الذي يدعو المترجم إلى التوجه صوب الصفات العامة المشتركة بين اللغة المترجم منها وتلك المترجم إليها، بدلا من تقصى التطابق مع الأصل الذي ينكر بنجامين وجوده بداية. وينسجم رأى بنجامين هذا مع أطروحة المنظرين المحدثين التي تقول إن عملية الإبداع الكتابي تتلخص في “أننا نعيد كتابة ما كتب غيرنا من قبلنا وهذا لا يعني ابدأ المقصود هو الرجوع إلى المحاكاة. أما إدوارد سعيد فقد أوجز عملية الإبداع في مترادفتين كثيرا ما يحلو لي شخصيا الإشارة إليهما وهما الاستيعاب أولا ثم إعادة الاستيعاب”.