عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Mar-2020

اليسار الإسرائيلي لم يتحرر من قيود الصهيونية - جدعون ليفي
 
الإنجاز المثير للانطباع والمفرح للقائمة المشتركة يرافقه -أيضا- القليل من خيبة الأمل: السقف الزجاجي للمصوتين اليهود لها لم يتم كسره.
عشية الانتخابات ظهر في أوساط معينة أنه من كثرة المصوتين اليهود فإن أيمن عودة سيكون رئيس الحكومة وأحمد الطيبي وزير الخارجية.
هكذا هو الأمر عندما نكون نعيش في فقاعة. في الواقع كانت الصورة بائسة أكثر. القليل من اليهود صوتوا للقائمة. وتصعب معرفة كم العدد بالضبط بسبب المدن المختلطة. قدر الطيبي العدد بعشرة آلاف يهودي فقط صوتوا للقائمة المشتركة. وقدر عوفر كسيب بأن مقعداً تقريبا جاء من أصوات اليهود. وعلى أي حال، رغم الزيادة في العدد يدور الحديث عن أقلية ضئيلة.
يصوت العرب لأحزاب صهيونية أكثر مما يصوت اليهود للقائمة المشتركة. صحيح أنه في جفعتايم ضاعفت المشتركة قوتها، لكن الحديث يدور عن 316 صوتا مقابل 179 صوتا، أقل من 1 في المئة في مدينة لليسار يعيش فيها 48500 صاحب حق اقتراع.
أيضا رمات هشارون أظهرت تطرفا، 149 صوتا مقابل 74 صوتا في الانتخابات السابقة. هذا جيد، لكنه تقريبا لا شيء. الكيبوتسات التي هي معاقل اليسار، تميزت أيضا.
في رمات هكوفيش سجلت زيادة بأربعة مصوتين، وفي رمات هشوفيط سجلت 10 أصوات مقابل صفر صوت في الانتخابات السابقة. هذا امر مشجع، لكنه مثير لأفكار قاسية.
ازاء يمينية «أزرق - أبيض» وشحوب «العمل» – «غيشر» – «ميرتس» كان يمكن التوقع بأن يعطي يهود اكثر، من الذين يعتبرون انفسهم يساريين، اصواتهم لعودة والطيبي؛ فأين خيارهم الآخر؟ أورلي ابكاسيس؟ تسفي هاوزر؟ هؤلاء هم من انتخبوهم. اعرف عددا من الإسرائيليين الذين ترددوا كثيرا في التصويت للقائمة المشتركة، وتحدثوا عن اجتياز الروبيكون وعن نهاية العالم. وفي اللحظة الأخيرة خانتهم يدهم وصوتوا لغانتس أو بيرتس. وقالوا إنهم لم يكونوا قادرين. ما الذي أعاقهم؟ إنهم يؤيدون العدالة والمساواة والسلام لدولتين، ويوجد لهم من كل هذه الملذات في المشتركة، لكنهم وجدوا مبررات لأنفسهم: «بلد» هي قومية اكثر من اللزوم، و»راعم» متدينة اكثر من اللزوم، والطيبي بليغ اكثر من اللزوم، وعودة جذاب اكثر من اللزوم. وآخرون ممن صوتوا للمشتركة بعد تردد كبير، تحدثوا عن مشاعر الخروج من الصندوق.
لا ينبع هذا الخوف بالضرورة من اعتبارات عنصرية. أخافت عربية القائمة بدرجة أقل بكثير من مجرد كونها غير صهيونية، جريمة لا تغتفر.
التصويت لحزب لا يرفرف فوقه علم الصهيونية خطوة مؤلمة، وتقريبا مستحيلة. وهذا نتيجة 100 سنة من التلقين، الذي تقريبا لا مثيل له. وباستثناء كوريا الشمالية لا توجد أي دولة لها ايديولوجيا مسيطرة بهذا القدر، إلى درجة أنه يمنع الانحراف عنها أو التشكيك فيها. وباستثناء إيران لا توجد أي دولة الدين فيها إجباري. وفي إسرائيل الصهيونية هي دين وهو إلزامي.
اليهودي الذي يصوت للمشتركة لا يزال يعتبر شخصا خائنا، أو على الاقل شخصا تشوش لديه شيء ما.
في طفولتنا، هكذا رأينا نشطاء «ركاح» و»ماتسبين»، وابتعدنا عنهم مثلما نبتعد عن المجذومين. كانت مكاتب «ركاح» في تل أبيب تشبه مقرا سريا ومخيفا لجيش العدو، الذي يحظر مشاهدتك قربه.
أتذكر المرة الأولى التي زرته فيها. لقد أصبت بالذعر، وقد كانت تلك حبال البلوغ لدولة في المهد.
ولكن عندما تكون الدولة قوية ومزدهرة وتلغي أيديولوجيا قانونية وتحولها إلى غير شرعية فإن شيئا ما يكون مشوشا في ديمقراطيتها.
الصهيونية رؤية مثل غيرها من وجهات النظر، يمكن أن نرى فيها جوانب جيدة أو قبيحة. وهي ليست دينا اذا شككنا فيه يتم اعتبارنا كفاراً، ولكن ممنوع أن تكفر بالصهيونية. لماذا؟ لأنها غير واثقة من نفسها. وهي تعرف أنها تسببت بكارثة مخيفة لشعب آخر.
وهي تعرف أنه تحت البساط الذي تسير عليه تشتعل نار الظلم والشر. ولو أن الصهيونية كانت واثقة من عدالتها لكانت وضعت نفسها محل اختبار مثل أي رؤية أو وجهة نظر أخرى، ولكان مسموحا التشكيك فيها.
إسرائيل 2020 لا تزال غير مستعدة لذلك. وسينهض يسار حقيقي هنا فقط عندما ننفطم من الإدمان على الصهيونية ونتحرر من قيودها.
«هآرتس»