عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jun-2019

السلاح غیر التقلیدي - غانور أفرایم
معاریف
 
عشیة دخول شمعون بیرس الراحل إلى مقر الرئیس في تموز 2007 أجریت معھ مقابلة مشوقة
عن فكره في سمو عمره. في ھذه المقابلة اطلق بیرس اقوالا تصدح في رأسي بین الحین والاخر
مثل ”انتھى العصر الذي یمكن فیھ حسم الحروب بقوة السلاح فقط. في العصر الجدید الذي نعیشھ
الیوم، تتحقق الانتصارات اساسا بمعونة الاقتصاد القوي والتكنولوجیات العلیا التي تؤثر على حیاتنا“.
یتبین الآن بان الرئیس الأمیركي دونالد ترامب یتبنى ھذه النظریة على نحو واضح. كرجل أعمال
مجرب، یضع ترامب القوة الاقتصادیة قبل القوة العسكریة في كل فرصة وأزمة تقریبا. رأینا ھذا في فرض العقوبات الجدیدة على إیران، وفي تھدیدات العقوبات على الصین، روسیا، كوریا الشمالیة، تركیا ومؤخرا المكسیك. كما أن ھذا یشرح لماذا أكدت مصر، المغرب، السعودیة واتحاد الإمارات مشاركتھا في المؤتمر الاقتصادي الذي تعقده إدارة ترامب في 25 و 26 حزیران في البحرین، رغم الضغوط الشدیدة التي مارسھا الفلسطینیون علیھا من رام الله ورغم فرض المقاطعة الرسمیة من أبو مازن إلى الاجتماع وعلى إجراءات إدارة ترامب في كل ما یتعلق بخطة القرن.
یبدو أن الفلسطینیین یبررون المرة تلو الأخرى ما قالھ عنھم في حینھ وزیر الخارجیة الراحل ابان ایبان: ”الفلسطینیون لا یفوتون أي فرصة لتفویت الفرص“. أبو مازن الذي رفع علم التمرد ضد الأمیركیین، لا یبدو أنھ واع للواقع الذي یقود الیھ الفلسطینیین في ھذه الساعة الحرجة والتي تقف فیھا السلطة الفلسطینیة امام انھیار اقتصادي. من یعتبر الزعیم الفلسطیني الأكثر اعتدالا والبراغماتي اساسا، انكشف في آخر أیامھ كمن یعمل انطلاقا من عدم الفھم لمحیطھ وبدوافع أزعر في السوق. كل ھذا في الوقت الذي كف فیھ العالم العربي سوي العقل عن أن یرى في إسرائیل عدوا ویرى فیھا شریكا مركزیا في الصراع الاھم للعالم العربي – الصراع ضد الإرھاب الإیراني الذي یھدد قسما مھما من دول الشرق الاوسط.
تقترب أیام أبو مازن كرئیس للسلطة الفلسطینیة من نھایتھا. ولعل ھذا ھو السبب الذي یجعلھ یبدي
معارضة لخطوات حیویة للفلسطینیین: لعلھ یأمل بذلك ان ینزل عن خشبة المسرح مع صورة
الزعیم الصلب والمخلص للكفاح الذي لا ھوادة فیھ ضد إسرائیل.
لقد قرر ترامب بحكمة ان یبدأ عرض خطة القرن خاصتھ بالفصل الاقتصادي، الذي یفترض أن یؤدي إلى تحسین مھم لاقتصاد السلطة وبشكل عام للدول العربیة، من خلال تجنید المال واقامة المشاریع. وحقیقة أن كل الدول العربیة التي دعیت الى المؤتمر ستصل – تثبت أن سلاح الاقتصاد لترامب ناجع جدا بالفعل، باستثناء مع الفلسطینیین الذین ما یزالون عالقین في مكان ما ھناك مع فكر أشوه. لو كانت لھم قیادة براغماتیة، ذكیة، تنظر إلى البعید، لكانوا أول من جاء إلى البحرین.
كان ھذا شرعیا من ناحیتھم أن یجادلوا ھناك، یعارضون ھذا البند أو ذاك، یحاولون تغییر الخطط.
ولكن حقیقة أنھ على خلفیة الضائقة الفلسطینیة لا یسمع الیوم صوت سوى واحد یدعو إلى إعادة
احتساب المسار في ضوء الواقع الجدید الذي نشأ في الشرق الأوسط – یجب أن تقلقنا.
یمكن التحفظ من ترامب وسلوكھ، ولكن عندما تعرض الإدارة الأمیركیة خطة اقتصادیة مع افق
لكل دول المنطقة، فسیكون ھذا خطأ آخر في سلسلة الاخطاء التاریخیة للفلسطینیین إذا لم یأتوا
لعرضھا.