عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Mar-2019

شربل داغر: القصيدة العربية تبنت علاقة مختلفة مع الوزن والبيت والقافية

 

عمان -الدستور - عمر أبو الهيجاء - فاز الشاعر والناقد اللبناني د. شربل داغر حديثا بجائزة الشيخ زايد للكتاب، عن كتابه «قصيدة النثر» وهو الكتاب الرابع له في سلسلة قام فيها بمراجعة واسعة للشعر العربي المتأخر، ابتداء من القرن التاسع عشر.
ويؤكد د. داغر، خلال تصريح صحفي لـ»الدستور» أنه يرى من خلال هذه المراجعة في كتابه معاينة الحراك الشعري، والتأكد من تغيراته البنائية. وهو ما ظهرَ في ثلاثة كتب سابقة: «القصيدة العصرية»، و»كيان النص»، و»القصيدة المنثورة»، مشيرا إلى أنه في الكتاب «قصيدة النثر»، أراد من المراجعة استخلاص «أطوار» هذا الشعر. وهو ما تعين في أربعة، فقام بدراسة كل واحد منها دراسة طاولت الجانب التاريخي، والتحقق من مدونة كل طور، ثم أخضع قصيدة كل طور إلى تحليل يشمل مستويات القصيدة المختلفة. وقال: لقد بان، في الدرس، أن التجديدات المختلفة للشعر العربي المتأخر عرفت المسار عينه، لكنها تعينت في تجارب وأنواع شعرية متعددة، منها ما بقي في نطاق العروض، من دون أن يكون موافقًا للمنظور العروضي القديم. ومنها ما خرج تمامًا على العروض، من دون أن ينقطع عن تجديدات قديمة وسابقة في علاقات الشعر بالنثر، هذا ما سعيت إليه منذ كتابي الأول في الشعرية: «الشعرية العربية الحديثة: تحليل نصي»، إذ تحققت فيه من أن القصيدة العربية خرجت على المنظور العروضي (إلا في الشعر العمودي المستمر بالطبع)، وتبينت علاقات مختلفة مع الوزن والبيت والقافية، إذ باتت هذه مختلفة في قصيدة التفعيلة، عدا خروجها على وحدة البيت واستقلاله، وقيامها على ترابطات باتت تتخطى السطر الشعري إلى غيره.
 
وأضاف د. داغر: حاولت ألا أسقط موقفًا من خلال الكتاب على قصيدة النثر، ومن شعريتها، بل أبقيت هذه المسألة للفحص في طول الكتاب، بلوغًا إلى موقفي الأخير منها في خاتمة الكتاب، وزاد الاهتمام في السنوات العشر الأخيرة بهذه القصيدة، ولكن من دون أن تنعم - إلا في أحوال جزئية – بالتحقق من مدونتها؛ وهو ما باشرت به قبل أي أمر آخر. إذ لا يستقيم البحث على قواعده السلمية من دون الارتكاز إلى مدونته السليمة. وهو ما قمت به قبل ذلك في كتابي عن القصيدة المنثورة، حيث كشفت عن عشرات الشعراء العرب المجهولين أو المغيبين من هذا التاريخ. وهو ما استكملته في الكتاب الفائز، بل عملت خصوصًا على تمييز هاتين القصيدتين عن بعضهما البعض على الرغم من تواصلهما الأكيد.
وعن المختلف في هذا الكتاب، قال: ما يختلف به كتابي عن غيره، هو أنني لم أتخذ موقفًا مسبقًا – إيجابيًّا أو سلبيًّا – من هذه القصيدة، بل تعاملت معها كإنتاجات نصية قيد الدرس. كما أجريت على هذه الإنتاجات قراءة شملت مستويات تعبير هذه القصيدة المختلفة، فما اكتفيت – كما في كتب عديدة – بتناول جوانب بعينها من دون غيرها في تشكيلات هذه القصيدة وتجلياتها. هكذا انبنى الكتاب في قسمين، في ثمانية فصول، مع «مدخل» منهجي متوسع، وخاتمة ضافية عن استخلاصات الدرس. تناول القسم الأول التحقق من المدونة، ودرس التجارب الشعرية الأولى فيها، ما تعين في نمطَين بينين منذ المحاولات الأولى فيها، بين محمد الماغوط وأنسي الحاج: بين قصيدة تستطيب الغنائية واليومي والنزعة «الضدية» والغنائية الجريحة، وبين قصيدة تعمل على الاستبطان والتكثيف وتأكيد الفردية في «عالم الداخل». 
ويضيف: كما انصرفت، في القسم الثاني، إلى استكشاف الخطاب الموازي لهذه القصيدة: في الخطاب الفلسفي والسياسي العربي، من جهة، في فترة ما بين الحربين العالميتين، وفي الخطاب الغربي، بين نظريات الشعر ونظريات الجمالية. ذلك أن هذه القصيدة انبنت في سياق تجديدي شامل، شديد الانفتاح والتفاعل مع شعريات غربية، لكنه مقيد، في الوقت عينه، بحدود محلية، واستجابات مختلفة للتجدد؛ ما جعل قصيدة أنسي الحاج «نافرة» وصادمة في هذا السياق. ولكن ما جمع بين هاتين التجربتين هو أن هذه القصيدة أكدت كونها: قصيدة الحضور، من جهة، والقصيدة الأشد تجذرًا في شعريات العالم، من جهة ثانية.