عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-May-2020

ليلة القدر المباركة في زمن كورونا - د. محمد طالب عبيدات

 

الدستور- ليلة القدر المباركة قدرها عند الله تعالى بخير من ألف شهر، وهي ليلة تتضاعف فيها الحسنات وفيها الرحمة والمغفرة والعتق من النار؛ ونلمس السكينة في الطبيعة وعند الناس؛ وتزامنها هذا العام مع جائحة كورونا أعطى فرصة للناس للتعبّد في منازلهم وفي سكينة عالية بالرغم أن في القلب غصّة بسبب البعد عن دور العبادة درءاً للوباء وبعداً عن إيذاء الآخرين كنتيجة للاختلاط وعدم التمكّن من ضمان المسافة الآمنة بين المصلين ومقيمي الليل والمستغفرين بالأسحار.
 
ليلة القدر في زمن جائحة كورونا لها خصوصية كبيرة من حيث أن الجرعة الإيمانية والروحانية قد ازدادت عند الناس وروحية العطاء عندهم باتت في عنان السماء طمعاً بالعفو والرحمة والمغفرة والعتق من النار؛ فالجميع يضرع إلى الله تعالى حباً وتقرّباً وإيماناً طمعاً بعودته كيوم ولدته أمه؛ وسورة القدر معجزتها أن كلماتها ثلاثون بعدد أجزاء القرآن الكريم، وأحرفها 114 بعدد سور القرآن الكريم، وكلمة «هي» فيها والدالة على ليلة القدر ترتيبها 27 كمؤشر على أن ليلة القدر في الليلة السابعة والعشرين؛ ورغم عدم ثبوت ذلك قطعاً؛ فهنالك العديد من الاجتهادات والأقوال في ذلك؛ والله تعالى أعلم.
 
العبادة والطاعات في ليلة القدر تكافئ أكثر من حوالي 83 عاماً، وهذه الفترة ذاتها مقدار تقريبي لما يعيشه الإنسان؛ ولذلك فمن أقام ليلة القدر إيماناً واحتسابا فقد غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر؛ فالليلة تكافئ عمر الإنسان وهذه جائزة وتحفيز لبني البشر؛ فالحسنة في ليلة القدر تُضاعَف لأكثر من 30 ألف حسنة، والركعة تساوي ثلاثين ألف ركعة؛ وهذا أيضاً حافز من نوع آخر لغايات تعظيم روحية العطاء والمساهمة في كبح جماح السيئات لتمكنها الحسنات؛ وهذا حافز لا يقدّر بثمن؛ والصدقة فيها بثلاثين ألف صدقة، والحسنة بعشر أمثالها، وكأننا نتصدق بثلاثمائة ألف صدقة بالمرة الواحدة؛ وهذه أيضاً أضعاف مضاعفة لغايات كثيرة الناس على عمل الصدقات حيثما وأينما كانت خدمة للناس وقضائهم العادلة..
 
وعبادة ساعة واحدة فيها تكافئ عبادة 8 سنوات متواصلة، وعبادة دقيقة فيها تكافئ عبادة 50 يوماً متصلاً؛ وهذا إغراء ما بعده إغراء لغايات تكثيف العبادة في هذه الليلة وبث روحية الإيجابية وجبر الخواطر عند الناس؛ وصلة الأرحام أيضاً لمرة تكافئ صلتنا لأرحامنا بواقع 30 ألف مرّة؛ حتى وإن كانت عن بُعد بسبب جائحة كورونا وبقاء الناس في بيوتها حفاظاً على سلامتهم وصحتهم؛ فالاتصال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يكفي ويُحسب للناس في موازين حسناتهم وصلتهم لأرحامهم وعطاءهم.
 
مطلوب الاجتهاد بالعبادات في هذه الليلة حتى مطلع الفجر للظفر بالجائزة؛ والعبرة هنا ليست بالكم بقدر ما هي بالكيف وروحية التعزيز للاجتهاد بالعبادات؛ ولذلك فالاجتهاد باستخدام كل الوسائل المتاحة كلها طرق تؤدي للجائزة؛ وندعو الله مخلصين أن يتقبّل صيامنا وقيامنا وطاعاتنا، وأن تطغى حسناتنا على سيئاتنا، وندعوه تعالى أن يرحمنا ويغفر لنا ويكون رمضان عتقاً من النار للجميع؛ ومن يريد أن يتحقق ذلك كله فالأولى أن يخلص الدعاء والعبادات للظفر بالجوائز القيمة بعدئذ؛ وندعوه جلّت قدرته أن نُدرك ليلة القدر وأن يُعيننا على قيامها، وندعوه بعظيم جلاله أن يُحسن خلقنا وتعاملنا مع الآخرين لأن الدين المعاملة؛ فكثيرون يخسرون عباداتهم بسبب سوء معاملاتهم مع الآخرين؛ وندعوه تعالى وبحرقة أن يُشفي مرضانا ويدخل الجنة موتانا ويقضي حاجاتنا ويُطهّر أنفسنا، وندعوه من القلب أن يختم بالصالحات أعمالنا ويرزقنا الفردوس الأعلى من الجنّة؛ آمين.
 
وأخيراً؛ بدأنا نشعر بسرعة انقضاء أيام رمضان الخير بالرغم من وجد الجائحة، وبدأ زائرنا المحبوب يهُمّ بالرحيل، والمطلوب الاستزادة بالطاعات والإلحاح بالدعاء لنأخذ أرقى مرتبات الجوائز، وليلة القدر جائزة ربّانية للناس للعفو والمغفرة والعتق من النار وكسب الحسنات، والمطلوب تركيز الدعاء في هذه الليلة ليغفر الله لنا جميعاً وليخلّصنا من جائحة كورونا.
 
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا