المراهنون على «بنيامين غانتس».. سيخسرون؟*محمد خروب
الراي
ذهبت معظم وسائل الإعلام العربية بعيدا في التهليل, لخبر إنسحاب عضو حكومة الطوارئ/مُجرم الحرب/ بنيامين غانتس, رئيس حزب المعسكر الوطني, إضافة إلى الجنرال غادي آيزنكوت (الوزير"المراقب» في حكومة الطوارئ, ورفيقه في الحزب والمراقب هو الآخر الوزير/حيلي تروبير, المنتمي لحزب معسكر الدولة، الذي أعلن استقالته أسوةً بغانتس وآيزنكوت).
سر هذا الاهتمام العربي يكمن في تفسير رغائبي, يروم من بين تمنيات أخرى, الإيحاء بأن الإئتلاف الفاشي الذي يقوده مُجرم الحرب/ نتنياهو. في طريقه إلى التفكًك وأن الذهاب إلى إنتخابات مبكرة لكنسيت العدو, لا تعدو كونها مسألة وقت ليس إلا, محمولة على ضغوط الشارع/أهالي الأسرى الصهاينة, وعلى تماسك المعارضة التى توسّع طيفها, بعدما رشحَ أن جدعون ساعر وأفيغدور ليبرمان «رفضا» عرضَ نتنياهو, «الحلول» مكان غانتس وايزنكوت في حكومة الطوارئ/مجلس الحرب.
وحتى تتضح الأمور أكثر, فإن التوقف عند الكلام المسموم الذي أطلقه غانتس, في معرض إعلان إنسحابه من مجلس الحرب, يكشف من بين أمور أخرى, طبيعة هذا الجنرال الفاشي الذي قال في حمالته الإنتخابية الأولى, بعد إنتهاء (فترة التبريد), التي تُفرَض على الجنرالات الصهاينة في الجيش والأجهزة الأمنية والإستخبارية, عدم الإنخراط في العمل السياسي, إلا بعد مرور ثلاث سنوات على خلع بزّاتهم العسكرية.
غانتس الذي فتحتْ له المحكمة الجائية الدولية في عهد المدعية العامة السابقة/ فاتو بن سودا, تحقيقاً في جرائم الحرب التي شنها على قطاع غزة في العام/2014, عندما كان رئيساً لأركان الجيش النازي الصهيوني, وسُميت «الجرف الصامد", وما يزال الملف مفتوحاً, لكن كريم خان وضعه على الرف حتى الآن, قال غانتس مُتفاخراً: في أول فيديوهات ترويجية لحزبه، متباهيا بـ"إنجازاته» العسكرية في غزة، وتباهى، في تسجيلات مصورة، بعدد المُسلّحين الفلسطينيين الذين قُتلوا، والأهداف التي جرى تدميرها تحت قيادته في حرب عام 2014 التي شنها العدو ضد «حماس» وقطاع غزة، مشيراً لِـ"مقتل 1364 إرهابياً» في القطاع الذي «أُعيد إلى العصر الحجري». متابعا القول: صوِّتوا لي: (أنا أكثر شراسة من نتنياهو لكنني نظيف). وعاد لتكرار هذا الخطاب في الحروب اللاحقة. ويتحمّل جزءاً أساسياً في حرب الإبادة الجماعية والتجويع المتواصلة أيضاً، والتي ما زالت تتسبب بسفك دماء الفلسطينيين، كما يُردد الخطاب الصهيوني العنصري. القائل إنه «على إسرائيل أن تبقى مسؤولة عسكرياً عن قطاع غزة، إلى حين انتخاب قيادة فلسطينية مُلائمة».
هذا بعض «إرث» المُجرم الذي باتت إستقالته الخبر الرئيس فىي معظم وسائل الإعلام العربية, دون التوقف عند ما قاله في مؤتمره الصحفي لإعلان هذه الإستقالة, إذ هي «الشروط» نفسها التي قالها غانتس في 18 أيار الماضي، مُهدداً نتنياهو بالاستقالة من الحكومة في (حال عدم وضع خطة حتى الثامن من حزيران الحالي، تتضمن «ستة أهداف رئيسية»، أولها إعادة الأسرى الصهاينة في قطاع غزة، والقضاء على حركة حماس, ونزع سلاح القطاع، وفرض سيطرة إسرائيلية وتحديد «بديل» سلطوي في غزة، بالإضافة إلى إعادة سكان مستوطنات الشمال إلى منازلهم حتى الأول من أيلول المقبل، فضلاً عن «التقدم في التطبيع»، وكذلك خطة تجنيد «الحريديم"/ أي المتزمتين دينياً. ولم يزد عليها أول أمس سوى «دعوته إلى إنتخابات برلمانية مبكرة».
هذا هو غانتس مُجرم الحرب الذي «كان» حصان الرهان الرابح لإدارة بايدن قبل أشهر معدودات, لكنه/البيت الأبيض بذل جُهداً مُعلناً من أجل «ثنيِ» غانتس عن الإستقالة, بعد «تحرير» أربعة أسرى صهاينة, قارفَ خلالها الشريكان الصهيوني والأميركي مجزرة وحشية رهيبة, سقط خلالها «ألف فلسطيني» مدني بين شهيد وجريح, معظمهم من الأطفال والنساء. ومواصلة واشنطن أكاذيبها عبر «نفي» مشاركتها في مجزرة مخيم النصيرات, رغم كل الشواهد والدلائل والتسريبات, وما تكشفه وسائل إعلام أميركية عن تلك المشاركة مُتعددة الأوجه.
أين من هنا؟
لافتة كانت دعوة غانتس, إلى مجرم الحرب/يوآف غالنت/وزير حرب نتياهو, للقفز من سفينة الأخير الجانحة, داعياً إياه إلى تقديم استقالته بشكل غير مباشر بقوله: «أنت قائد شجاع، والقيادة هي فعل الصواب»، مُضيفاً: «في هذا الوقت، القيادة والشجاعة لا تكمنان فقط في قول ما هو صحيح، وإنما القيام بما هو صحيح». فهل يُقدم غالانت على خطوة كهذه؟.
من السذاجة الإعتقاد انه يفكر في ذلك, لأنه ـ وهو الطامح لخلافة نتنياهو في رئاسة الليكود ـ رغم وجود عدد لا يُستهان به من خصوم نتنياهو ومنافسيه داخل هذا الحزب الفاشي, لا يتردّدون في الإعلان عن ذلك, وفي مقدمتهم يولي أدلشتاين رئيس الكنيست ووزير التعليم السابق, كما نير بركات رئيس بلدية القدس المحتلة وأبرز منافسي نتنياهو, إلا أنه/غالانت يُراهن على تمرد يقوده مع بعض المُؤثرين داخل الحزب, لإجراء انتخابات على رئاسة الحزب حال إنهيار إئتلاف نتنياهو الحالي, سواء بإنسحاب حزب شاس/ برئاسة أرئيه درعي, أو «مالت» كتلة يهدوت هاتوراة إلى صف المعارضة, وأفقدت الإئتلاف غاليته الحالية (64 صوتا من أصل 120) هي مجموع أعضاء الكنيست الصهيوني.