عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Sep-2019

الرد المنضبط من ترامب علی قصف منشأتي النفط السعودیتین - بقلم: تسفي برئیل
ھآرتس
 
بصورة قاطعة وبدون اسئلة زائدة تم في إسرائیل اعتبار الھجوم على منشآت النفط في السعودیة ك ”ھجوم إیراني“. ھذا التعریف یخدم حقا سیاسة إسرائیل – التي تستھدف التأثیر على الدول الأوروبیة من اجل الانسحاب من الاتفاق النووي.
في مؤتمر صحفي عقد الاسبوع الماضي عرض السعودیون اجزاء من صواریخ وطائرات بدون طیار التي سقطت في الموقع الأكبر للنفط، ابكیك، وأدت الى انخفاض تصدیر النفط من المملكة بنحو 50 .% المتحدث بلسان وزارة الدفاع السعودیة، الكولونیل تركي المالكي، اوضح بأن بقایا الصواریخ والطائرات بدون طیار تدل على أنھا من انتاج إیران. وحسب اقوالھ، ایضا زاویة الإصابة تدل على أن مسارھا مر من الشمال إلى الجنوب، وبناء على ذلك یمكن الاستنتاج أنھا لم تأت من الیمن. ولكنھ أضاف ”نحن ما زلنا نحقق في المكان الذي اطلقت منھ بصورة دقیقة“. وحول السؤال الحاسم، ھل إیران ھي التي اطلقت الصواریخ وھل ھذه الصواریخ اطلقت من اراضیھا، لیس للسعودیین أو الأمیركیین أي اجابة. ویبدو أنھ لا یوجد رجل استخبارات یستطیع ذلك أو أنھ لا یرید في ھذه الاثناء اثبات وجود دلیل قاطع إیراني. في حین أن الحوثیین یواصلون التمسك بالروایة القائلة بأنھم ھم الذین اطلقوا الصواریخ، إلا أن إیران تنفي بالطبع أي تدخل لھا. ووزیر الخارجیة الأمیركي، مایك بومبیو، یعتبر الھجوم ”اعلان حرب“ – تصریح بعید المدى لا یستقیم تماما مع موقف السعودیة.
في زیارتھ الاربعاء الماضي للسعودیة قال بومبیو إن ”ھذا كان ھجوم إیراني“. ولكن إعلان كھذا یضع أمام الولایات المتحدة والسعودیة معضلة صعبة، یمكن أن تجبر السعودیة على شن حرب أو على الاقل الرد بصورة شدیدة على الھجوم. وبھذا تكون المسؤولة عن مواجھة یمكن أن تجر المنطقة الى حرب شاملة، كما ھدد أول من أمس وزیر خارجیة إیران، محمد جواد ظریف. في نفس الوقت السعودیة تسمع وتقرأ بحرص شدید صیغ التغریدات الملتویة للرئیس دونالد ترامب والتي بحسبھا ”الھجوم تم في اراضي السعودیة“، لذلك، السعودیون ھم الذین یجب علیھم الرد.
بالنسبة لترامب ”ھذا لا یعتبر مسا بالمصالح الامنیة والقومیة الامیركیة.
ھذه الاقوال تطرح سؤال اعتبار الدفاع عن مصادر النفط في الشرق الاوسط مصلحة امیركیة.
حرب الخلیج الاولى في 1991 التي جاءت في اعقاب احتلال العراق للكویت، استندت بصورة كبیرة على الادعاء الذي یقول إن سیطرة العراق على نفط الكویت والخوف من توسیع نفوذھم ایضا على حقول النفط في السعودیة تھدد المصالح الامیركیة.
الآن یبدو أن النفط لم یعد جزء من ذرائع الحرب المشروعة التي ستجبر الولایات المتحدة على شن حرب. ترامب اوضح بأنھ حقا سیساعد السعودیة، لكنھ كتب ایضا أنھ لم یتعھد لھم بأي شيء. ”یوجد لدینا خیارات متعددة، لكننا الآن لا نختار الخیارات“، قال. إن اسھامھ في الجھود الحربیة طرحھ ترامب باعلانھ أنھ أمر بفرض عقوبات اخرى على ایران، بدون أن یفصل نوعھا وحجمھا.
وبالنسبة للرد العسكري الواسع، اوضح ترامب للسعودیة بأنھ ”اذا قررنا القیام بفعل شيء ما فان السعودیة یجب علیھا أن تكون مشاركة جدا، وھذا یشمل دفع الثمن. ھم یعرفون ذلك جیدا“. اقوال ترامب بقدر ما تعكس سیاسة ولیس فقط رد تلقائي، ترسم مخطط الاستراتیجیة الامیركیة لنشاط عسكري ضد ایران بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام. وحسب ھذه السیاسة تدخل امیركي مباشر في الحرب ضد الحرب العدوانیة الموجھة ضد حلفائھا لیس اوتوماتیكي. سیكون مشروط كما تم التوضیح للسعودیین بأن الدولة التي ستھاجم ھي التي ستقرر الرد وتقوده. وإذا اقتضى الأمر ستكون الولایات المتحدة مستعدة للمساعدة مقابل الدفع.
وفي الشأن الاسرائیلي إن طرح الھجوم كشأن سعودي ولیس كمس بالمصالح الامیركیة، فان اقوال بومبیو التي تقول إنھ یأتي إلى السعودیة من اجل أن یسمع من السعودیین ”بأي شروط ھم مستعدون للمواصلة“ وتغریدات ترامب یجب أن تثیر القلق ایضا في اوساط متخذي القرارات في إسرائیل.
ھل إسرائیل یمكنھا حقا الاعتماد على أن الولایات المتحدة ترى في مھاجمة إسرائیل مسا مباشرا بالمصالح القومیة والامنیة الأمیركیة، بحیث تجبرھا على أن تقود حربا ضد ایران أو أي دولة عدوانیة اخرى؟ أو أنھا ستقول بارتیاح إن ”ھذا شأن اسرائیلي“ وأنھا ”ستكون مسرورة للمساعدة“.
صحیح في ھذا الوقت مكانة إسرائیل في أمیركا وطیدة وقویة وثابتة اكثر إلا انھ لا یوجد لإسرائیل أي ضمانات لتخلید مكانتھا كمدللة امیركیة.
إن سلوك الولایات المتحدة ازاء السعودیة یمكن كما یبدو أن یعزز من ھو متحمس من امكانیة التوقیع على اتفاق دفاع مع الولایات المتحدة. حلف كھذا من شأنھ على الاقل على الورق أن یضمن بأن تقف الولایات المتحدة الى جانب إسرائیل، لكن إسرائیل یمكن ایضا أن تجد نفسھا في مكان تركیا، التي رغم كونھا عضوة ھامة في الناتو، لم تنجح في اقناع اوروبا أو أمیركا بشأن شن حرب على سوریة عندما ھوجمت على أیدي قوات كردیة وسوریة. الى جانب ذلك، حلف دفاع مع الولایات المتحدة من شأنھ ایضا أن یقید إسرائیل، اذا قررت أن تھاجم بنفسھا ایران وحتى ھجماتھا المفاجئة على اھداف ایرانیة في سوریة والعراق. ومن الأمور الباھرة في ھذا السیاق ھو المراسلات عبر تویتر التي جرت ھذا الاسبوع بین السناتور لندسي غراھام والرئیس وفیھا قال غراھام بأن الرد على اسقاط الطائرة الامیركیة بدون طیار اعتبر في نظر الایرانیین كضعف. ”من السھل جدا المھاجمة ولكن اذا سألتم لندسي فاسألوه كیف أن الدخول الى الشرق الأوسط انتھى وكیف انتھت الحرب في العراق“، قال ترامب في رده.
مع موقف كھذا یصعب التقدیر بأن ترامب سیشجع السعودیة على أن تھاجم بنفسھا ایران – بسبب الخوف من أن رد كھذا من شأنھ أن یجر واشنطن الى أن تتجند لمساعدتھا وتتورط في حرب یرید ترامب من البدایة الامتناع عن الدخول فیھا. الحذر السعودي من انكشاف دلیل قاطع ایراني یمكن أن یكون مفھوما على خلفیة الاعتراف بأنھا من شأنھا أن تجد نفسھا لیس فقط بدون شراكة أمیركیة عسكریة، بل ایضا في خلاف شدید مع حلفائھا من دول الخلیج. دولة اتحاد الامارات التي فعلا سحبت جزءا من قواتھا في الیمن وحسنت علاقاتھا التجاریة مع ایران، تعارض كل عملیة عسكریة من شأنھا المس باقتصادھا، الكویت لا تسوي خطھا مع السعودیة، قطر غارقة في انقسام عمیق مع المملكة وتجري تعاونا وثیقا مع إیران ولیس ھناك أي دولة عربیة اقترحت على السعودیة مساعدة عسكریة في حالة قررت شن حرب ضد إیران. ولكن ایضا غیاب رد یدخل السعودیة وأمیركا في مشكلة. الھجوم سواء نفذ من قبل إیران أو من قبل ملیشیات شیعیة من داخل الاراضي العراقیة أو من قبل الحوثیین، یوضح جیدا طبیعة التحدي العسكري الذي یقف امام من سیقرر مھاجمة إیران. لا یوجد لإیران حقا سلاح جو ھام ولا قوات بحریة وبریة یمكنھا أن تواجھ القوات الامیركیة، لكن ھي قادرة على ضرب اھداف استراتیجیة مثل منشآت نفط وقواعد عسكریة وصھاریج نفط وسفن عسكریة، وادارة حرب استنزاف غیر متناظرة بدون حسم وبتكلفة منخفضة نسبیا.
ازاء الاعتبارات الأمیركیة والسعودیة العلنیة، یصعب أكثر تقدیر كیف أن ھجوما تكتیكیا واستراتیجیا سیخدم إیران في تطلعھا لرفع العقوبات، وخاصة على ضوء حقیقة أن ھذه من شأنھا أن توحد ضدھا الاتحاد الأوروبي والولایات المتحدة. إیران رفضت اقتراح فرنسا في أن تضع تحت تصرفھا خط اعتماد مؤقت بمبلغ 15 ملیار یورو كقرض یمكنھا من مواجھة الازمة الاقتصادیة حتى یتم العثور على حل سیاسي. ایران اعلنت بأنھ لن تعقد أي مفاوضات مع الولایات المتحدة طالما أن العقوبات ساریة المفعول. التخطیط للقاء بین ترامب وروحاني على ھامش الجمعیة العمومیة للأمم المتحدة في ھذا الشھر لم یعد ایضا على الاجندة. في موازاة ذلك، إیران أعلنت أنھا ستواصل تخفیض التزاماتھا بالاتفاق النووي، ھي بالفعل لم تعط تفصیلات، لكنھا من شأنھا أن تصل ال نقطة فیھا باقي حلفاءھا سیضطرون الى الانضمام الى العقوبات. وفي اسوأ الحالات حتى مھاجمة منشآتھا النوویة. ھل ایران لا تقرأ جیدا الخارطة السیاسیة والسیاساتیة، أو أنھا مأسورة داخل روایة داخلیة التي تؤید موقف صمود ضد ”الدول الخائنة“ الى جانب الشعور بالقوة القومیة التي تستند الى الایمان بأن كل العالم ضدھا، والذي یملي سلوكھا. ھذه الروایة تظھر في تصریحات زعمائھا طوال السنوات وفي كتابات كتاب الاعمدة في وسائل الاعلام، ولكنھا تغیب تقریبا تماما عن التحلیلات وأوراق المواقف الغربیة التي تتناول الاستراتیجیة التي یجب اتباعھا ازاء إیران، التي تتركز على القدرات العسكریة لإیران، وعلى مواقع سیطرتھا في الدول العربیة وعلى مشروعھا النووي. النتیجة ھي أن روایة غربیة بسیطة قابلة للاستیعاب و“منطقیة“ ھي تلك التي تحدد السیاسات تجاه إیران، وھي ایضا یمكن أن تشعل الحرب القادمة.