عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2019

بکفي فشك؟! - صالح عبدالکریم عربیات
الغد- زمان كانت الاعراس بسیطة جدا وكانت سھرة الشباب تختصر على طبلة وقربة ومطرب یعمل في الصباح في حسبة الخضار وفي المساء یروج نفسھ على انھ سیدحر إیھاب توفیق من على الساحة الفنیة!
لم نكن نعرف المشاجرات الا في الاعراس وعلى طابور الخبز، لذلك عند اقتراب نھایة سھرة اي عریس كان یحضر احد السكرانین ویطلب من المطرب تحیتھ على المایكرفون، طبعا ھناك تعلیمات مسبقة من العریس للمطرب بمنع التحیات، والسكران حین جاء الى العرس لم یلتزم بكل قوانین المرور وقطع كل الإشارات حمراء حتى یلتزم بتعلیمات العریس. وحین یكرر السكران الطلب ویرفض المطرب المسكین تلبیة طلبھ كان یقوم بتناول زجاجة مشروبات غازیة ویضعھا في منتصف رأسھ. حین یشاھد عازف القربة ھذا المنظر الدموي یترك القربة ویقفز عن الحیط. اما عازف الطبلة فبعد انتھاء الحفلة یتم العثور علیھ فوق معرش العنب.. فیسارع الموجودون للفصل بین المطرب والسكران ومن ثم یطلب والد العریس فورا بفصل شك الكھرباء فیغادر الموجودون وینتھي الخلاف، ویعود صاحب القربة للعزف بعد شھرین من كل حفل بعد ان یقوم طبیب العظام بفك الجبصین عن قدمیھ.
ما ان طفى والد العریس شك الكھرباء انتھت المشكلة ونادرا ما كان یتم طلب دوریة النجدة للسكران الا اذا رفض مغادرة العرس قائلا لھم: انا العریس!
لم نكن في بلدنا نشاھد مشاجرات حقیقیة الا في الاعراس وكانت تنتھي دون الحاجة لاستدعاء دوریة نجدة بل فقط بإطفاء شك الكھرباء!
ماذا تغیر في بلدنا لدرجة ان تحرق مدینة من اجل فتحة طمبون سیارة. الرصاص الذي استخدم
یكفي لافتتاح الاندلس مرة اخرى. حالة تثیر الرعب والخوف من ھذا الانتشار الكثیف للأسلحة فھو منتشر في الأردن اكثر من انتشار التلفزیون الأردني!
لا اعرف ماذا خرجت جامعاتنا ومدارسنا طوال كل تلك السنوات وماذا زرعت فیھم من قیم حب الوطن والمحافظة علیھ، فما ان یسمع الشاب عن مشاجرة تخص احد من معارفھ الا وتناول الكلشن وركض مستثنیا القنوة والقشاطة وموس الكباس والحزام أدوات القتال التقلیدیة في معارك الأردنیین الذین لم یعودوا یستخدمونھا، فلم نعد نسمع عن فلان انفشخ او انضرب موس كباس او انكسر بل بعد كل مشاجرة في الأردن ھناك ضحایا وجرحى اكثر من ضحایا وجرحى زلزال!
مسألة تبادل إطلاق العیارات الناریة مع قوات الأمن او في المشاجرات بدأت تتكرر وأصبحت ظاھرة خطیرة، وواضح ان الفشك في الأردن اصبح اكثر من السكر الفضي.. لذلك لم تعد المقابر تتسع مزیدا من الوجع والدمع والقھر!
حین یموت اي أمیركي في اي معركة تشكل لجان تحقیق وتتألم علیھ أمیركا اكثر من تألمھا على
فقدان طائرة حربیة، بینما نحن بالمجان أصبحنا نفقد أعز الاحباء والاصدقاء في معركة طابور خبز، او اختلاف بسیط على سعر خاروف، او لیش بتزمر؟!
نحن البلد الوحید في العالم الذي یقدم ضحایا بالمجان، وقد آن الأوان ان یوقف شلال الدم الذي یسیل...فقد فشلت كل مدارسنا وجامعاتنا بتخریج جیل یغزو عالم التكنولوجیا والإنترنت بل خرجت لنا من ھم على استعداد ان یغزو علیك اذا انعطفت بسیارتك ولم تعطھ غماز!
وفشلت كل القوانین الساریة بردع حملة السلاح وأصبح انتشار السلاح اكثر من انتشار الواتس اب.. وفشل الاعلام والمراكز الثقافیة والشبابیة بالتوعیة بخطورة استخدام الأسلحة حیث صرفنا على حملة تنظیم النسل اكثر ما كان یمكن ان نصرفھ بحملات توعویة حتى لا ینقطع نسلنا جمیعا!
الكل فشل، ترید ان ترى أردن خالیا من الفشك ومن القتل ومن الالم فقط اتركوا صكوك الصلح ومن وجھ فلان ومن فناجین القھوة ودعوا القانون یأخذ مجراه.. بعدھا لن تسمع حتى عن مقتل دجاجة في الأردن