عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jan-2020

إلقاء اللوم على الغير.. ذريعة يختبئ خلفها المهزوزون!

 

ربى الرياحي
 
عمان –الغد-  هزات كثيرة وانتكاسات يتعرض لها الإنسان عبر محطات حياته المختلفة، قراره بأن يكون ذاته ويخرج من مشكلاته بأقل الخسائر يحتم عليه أن يتحرر من لوم غيره والتوقف عن تحميل من حوله السبب في تعاسته.
هذا النوع من الناس يحاولون تبرير ما هم فيه من ضعف واستسلام راغبين في التنصل من مسؤوليتهم تجاه أنفسهم والاختباء خلف ذريعة واحدة وهي أن تعاستهم مرهونة بشخص أو مكان أو غير ذلك، لذا فإن على الجميع بدون استثناء صناعة السعادة بعيدا عن تلك الأفكار السلبية المرهقة التي تستنزفهم من الداخل وتمنعهم من تطوير ذواتهم والمضي نحو حياة أكثر تفاؤلا وأملا.
تعاسة وألم ورغبة بالانسحاب من الحياة، هي مشاعر سيئة يكنها العشريني ثائر أحمد تجاه أخيه الذي يعتبره السبب الأول في تعاسته وضعفه هو ولأنه لم يستطع تقبل ما حدث معه قرر أن يبحث عن من يلقي اللوم عليه ويحاسبه على ذنب لم يقترفه بقصد، بل كان رغما عنه.
ثائر تغير كثيرا بعد تعرضه لحادث سير، فقد أصبح شخصا انهزاميا مستسلما يخاف من كل شيء ويرفض أي مبادرة من شأنها أن تخرجه من حالته.
اعتقاده بأن أخيه السبب لكونه كان يقود السيارة يجعله ناقما عليه لا يريد محادثته أو التقرب منه، مبررا ذلك كله بأن رؤيته له تذكره بألمه وبأنه لم يعد قادرا على المشي بمفرده.
ثائر أراد أن ينفث غضبه من خلال تحميل كامل المسؤولية لأخيه وتجريمه بدون أدنى محاولة لأيجاد الأعذار هو لم يفكر نهائيا بالتخفيف عليه، بل كانت ردة فعله عكسية تماما حتى أنه نقله للمحيطين به بدون أن يشعر.
وتستنكر ليندا سامي معاداة أختها لصديقتها المقربة، إذ تستغرب جدا من موقفها ومن إصرارها على لومها واتهامها لصديقتها بأنها السبب في وصولها إلى ما هي عليه اليوم من تعاسة ووجع واحباط. وتضيف تشجيعها على الزواج من أخيها رغم معرفتها بسلوكه كان بداية لإنهاء صداقتهما التي استمرت مدة خمسة عشر عاما، لافتة إلى أنها تشعر بالحزن على ما آلت إليه أختها فهي لم تعد كما كانت باتت غريبة حتى عن نفسها.
وتبين أن مشاعر اللوم والبحث باستمرار عمن تلقي عليه أسباب خيبتها وحزنها، أمران يجعلانها تأبى النظر إلى الجانب الممتلئ من الكأس، كما أنها تفضل الاستسلام والابتعاد عن كل مظاهر الفرح والتفاؤل وخاصة بعد طلاقها وتحملها لمسؤولية ابنتها.
إحساسها الدائمة بأنها ضحية وأنه ليس هناك ما يسعدها يدفعها إلى الوقوف في مكانها وعدم استعادة الأمل الذي كان يحرضها على الحياة والبدء من جديد.
أسامة جابر هو الآخر يستسلم لفكرة أنه يعيش بتعاسة دائمة ولا سيما في وظيفته التي بالنسبة له هادمة لأحلامه وطموحاته، هو يرى أن وجوده في هذا المكان لا يليق أبدا بتطلعاته الكبيرة وأمانيه الممتدة. شعوره بأن عمله لم يعد يضيف له شيئا يزيد حتما من تقاعسه واستسلامه وحزنه يجعله غير قادر على تطوير نفسه والتغيير نحو الأفضل.
أسامة ولأنه يخشى أن يصبح بلا وظيفة، يفضل أن يبقى في مكانه حتى لو كان ذلك سيفقده الرغبة في صناعة مستقبل يرضيه زاخرا بالنجاحات والإنجاز، خوفه من أن يندم يرغمه على التعايش مع التعاسة لكن دون أن يتوقف عن لوم من حوله.
ويذهب الاخصائي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إلى أن وجود أشخاص مهزوزين ضعفاء في المجتمع وتحديدا ممن يبحثون عن ذرائع يبررون بها تعاستهم واستسلامهم وانسحابهم المتعمد من الحياة، هؤلاء يصرون على أن شعورهم بالحزن والألم سيبقى لن يزول أبدا، وبالتالي يؤذون أنفسهم ومن حولهم لكونهم غير قادرين على تقبل واقعهم ومحاولة تلوينه بأبسط التفاصيل التي من شأنها أن تدخل البهجة إلى قلوبهم وتجعلهم أكثر أيجابية.
ويلفت إلى أن السعادة قرار يجب على الجميع اتخاذه حتى يستطيعوا التقدم وملاحقة أهدافهم والاستمرار بهمة عالية وروح قوية ومتفائلة لا يعرف الحزن لها طريق قادرة على الصمود والوقوف بصلابة في وجه أي محنة قد تعصف بها.
ويبين أن هناك أسبابا عدة تسهم في أيجاد هذا النوع من الأشخاص، أهمها التنشئة الاجتماعية غير السوية والتقليد الأعمى للأصدقاء وضعف الوازع الديني، مؤكدا أن الحل لتحرير هؤلاء الأشخاص من تعاستهم ولومهم المستمر للآخر هو إعادة تهيئة لأفكارهم ومنحهم الوقت والدعم ليغيروا من أنفسهم ويقتنعوا بأن الإرادة بإمكانها أن تثبط كل العراقيل حتى لو تأخرت النتائج.
ويقول الاخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة أن الإحساس الدائم بالتعاسة ولوم الآخر وتحميله مسؤولية كل ما يحدث، أمور جميعها تؤثر بشكل كبير على أشخاص يفتقدون لأبسط مهارات الحياة ليس لديهم الوعي الكافي للتعامل مع التجارب والمشكلات بالطريقة الصحيحة.
ويلفت إلى أن مثل هؤلاء يتصفون بالأنانية والانهزامية ويضعفون أمام نكسات الحياة لا يقوون على مواجهة الحقيقة أو حتى تقبل الواقع كما هو والسعي لتغيير وتطوير ذواتهم، مبينا أن تخليهم عن سعادتهم والإصرار على الظهور بدور الضحية سببان يجعلانهم ينظرون إلى الحياة بسوداوية مع الاختباء خلف ذرائع واهية غير مقنعة يحررهم ربما من إحساسهم بالمسؤولية حتى لو بشكل وهمي، ولكن مع ذلك، يبقون مطالبين باستعادة أماكنهم الحقيقية والبدء من جديد.
ويبين أن وصولهم لفكرة أن الحزن والفرح والنجاح والفشل كلها قرارات ذاتية لا علاقة لأحد بها هم وحدهم من يعرفون كيف يعيشونها بقوة وإرادة وقدرة على مواجهة الحياة والتعامل معها بواقعية وتفاؤل.