عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Apr-2020

دليل الجمهور الذكي لمتابعة «كورونا» - د. ياسر عبد العزيز
 
الشرق الاوسط- يرى باحثون بارزون مثل هارولد لازويل، وولبور شرام، ولازرسفيلد، أن تأثير وسائل الإعلام في الأفراد والمجتمعات يعد «حقيقة من الحقائق الثابتة»، بل إنها «تؤثر في مجرى تطور البشر»، كما يؤكد هؤلاء الباحثون أن هناك علاقة سببية بين التعرض لوسائل الإعلام والسلوك البشري.
ويتفق خبراء الإعلام الغربيون على أن التغطية الإعلامية للعمليات السياسية والاجتماعية المختلفة تلعب دوراً كبيراً في تشكيل اتجاهات الجمهور تجاه تلك العمليات، بشكل ربما يفوق تأثير بعض المؤثرات الأخرى.
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الأميركي غراهام رامسدين، أن «الدراسات العلمية أثبتت أن التغطية الخبرية للعمليات الاجتماعية والسياسية المختلفة تؤثر في اتجاهات الجمهور، وربما تقوده إلى اتخاذ قرارات، ودعم أو رفض سياسات بعينها».
وهو الأمر ذاته الذي يوضحه المفكر الأميركي بول كروغمان، بقوله: «كان يمكن للكثير من العمليات السياسية والاجتماعية والحروب أن تتخذ مساراً مختلفاً لو لم تتعرض لتغطيات إعلامية تتخذ اتجاهاً معيناً».
ولا يختلف هذا كثيراً عما توصلت إليه دراسات عديدة في علم الاجتماع من أن التعرض بكثافة للتغطيات الإعلامية للقضايا ذات الطبيعة السلبية يزيد من معدلات الاكتئاب، ويشوّش على أفكار الجمهور، ويعزّز الميل إلى اتخاذ القرارات الخاطئة، إلى حد أن بحوثاً عديدة وجدت رابطاً بين نشر أخبار القتل والانتحار بكثافة وبين ارتفاع معدلات وقوع هاتين الجريمتين.
لهذه الأسباب مجتمعة، تتزايد أهمية تقييم الأداء الإعلامي المواكب لكارثة «كورونا» من جانب، ومراجعة آليات التلقي التي يعتمدها الجمهور الراغب في متابعة الأزمة، وفهم تطوراتها وتداعياتها، وتكوين الرأي المناسب، واتخاذ القرارات الصحيحة إزاءها، من جانب آخر.
ويمكن إجمال أهم تلك السلبيات في خمس؛ أولاها كثافة التعرض بما يعزز الميل للاكتئاب والتشوش، وثانيتها عدم القدرة على تنويع مصادر المعلومات، وثالثتها الإخفاق في تحري الدقة، ورابعتها المشاركة، بوعي أو بغير وعي، في ترويج الأخبار المضللة، وخامستها عدم لعب الدور المناسب حيال مروجي الإشاعات والأخبار الزائفة.
ثمة فرصة للجمهور الذكي لتعزيز قدراته على تجاوز التداعيات السلبية لحالة التلقي السائدة في مواكبة «كورونا»، والتي يبدو أنها لا تساعدنا على الحد من مخاطر تلك الأزمة، لكن هذه الفرصة تظل رهناً بالتزام نمط تعرُّض مدروس وفعال، على النحو التالي:
أولاً: لأن الحضور الدائم على المنصات يؤطّر إلى درجة كبيرة تصورات الجمهور عن «كورونا» في سياق التشاؤم والكآبة والرهاب؛ فالأفضل أن تقنِّن حضورك، وأن توازنه مع بعض الاهتمامات الأخرى.
ثانياً: لا تقصر حضورك على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، أو وسائل «الإعلام التقليدي» فقط، أو منصات بعينها فيهما، ولكن اجعل قائمة التعرض الخاصة بك متنوعة، تعكس مصالح متباينة، وتوجهات مختلفة؛ وهو الأمر الذي سيبقيك مطلعاً ومدركاً، لأن كثيراً من هذه المنصات منحازة أو ذات توجهات معينة، والتعدد الذكي سيُقوّم انحيازاتها.
ثالثاً: دقِّق في الإفادات الواردة إليك، ابحث عن مصادرها، وابذل جهداً في تحري صدقها ووجاهة المصادر المنقولة عنها. ليس هذا ترفاً أو اختياراً، لأنك تعلم الآن أن ما تحصل عليه من معلومات زائفة قد يكون سبباً في قرارات خاطئة وتداعيات خطيرة.
رابعاً: قنِّن مشاركاتك وتفاعلاتك. لا ترسل إفادات أو مواد مصورة أو مسموعة لآخرين إلا بعد تدقيقها، والتأكد من سلامتها، ووجاهة مصدرها، وأهمية توسيع نطاق نشرها، كي لا تكون ترساً في آلة التضليل الضخمة السائدة.
خامساً: لا تكتفِ بتجاهل الأخبار الزائفة ومجهولة المصدر والدافعة إلى إشاعة اليأس والاكتئاب، بل العب دوراً إيجابياً، وفنِّدها، كي تلفت أنظار الآخرين إلى كذبها وخطورتها.