عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Nov-2021

“التنمر الذاتي ولوم النفس”.. وصفة تعيق تقدم الإنسان

 الغد-ديمة محبوبة

“أنا فاشل، وغير مسؤول، أسير في طريق والحظ يسير في طريق آخر، لا أتقن شيئا وإن بدأت به لا أنجح، لن تصالحني الحياة، ليس هناك من يحبني، لا أحد يقف بجانبي”.. تلك بعض من عبارات يلوم بها الشخص نفسه ويقسو عليها، لتصب بالنهاية في دائرة التنمر الذاتي والخطاب السلبي مع النفس.
هذا الخطاب السلبي قد يكون “هداما” لا يمكن ان يبني شخصية قوية، مليئة بالعزيمة ومتصالحة مع الذات، إنما يكون سببا في الضعف والهزيمة، وعدم رؤية زوايا ايجابية تؤسس للنجاح.
ويصف اختصاصي علم النفس د.موسى مطارنة أن الخطاب السلبي مع النفس يبرمجه التفكير العقلي ويزداد مع تكراره، مبينا أن هنالك من يرسل لذاته رسائل سلبية مغلفة بلوم الذاتب والكراهية، لتؤثر بالتالي على طريقة تفكيره ورزقه ومعارفه وعائلته.
في حين أن بعض الأشخاص يرهقون أرواحهم ويسلبون كل طاقتهم، وفق مطارنة، فالشخص حينما يكون غير مقتنع أو مدرك لما لديه من نعم أو مهارات أو طاقات، فكيف سيستخدمها أو يستثمر بها.
خلدون عبدالله يتحدث عن تجربته قبل حضوره ورش التنمية البشرية، إذ كان دائما ما يقوم بلوم وجلد ذاته، يقسو عليها ويتحدث عن نفسه بسلبية، حتى أمام أصدقائه وعائلته ومحيطه، وكأنه مقتنع أنه “لا يصلح لشيء” وأي عمل سيقدم عليه سيكون عنوانه “الفشل”.
ويستذكر حينما كان يجلس مع صديقه المقرب أحد المرات، وللحظات كان يتكلم بطريقة مختلفة فيها تفاؤل وايجابية عن مشروع جديد يريد البدء به، وما ان أنهى كلامه حتى عاد إلى طبعه، فتابع قوله “أنا أصلا ما بلبقلي شي.. أنا فاشل، وما بنجح بشي”.
ذلك ما جعل صديقه يقنعه بأن يخضع لدورات متخصصة في مهارات الحياة والحاجات، وتلك التي تتحدث عن التنمية البشرية وعلوم الطاقة، وبعد جهد في الاقناع، بدأ والتزم بها وأصبح خطابه لذاته مختلفا.
مطارنة يؤكد أن الحوار السلبي مع الذات بالتأكيد سيؤدي إلى الاخفاق في الحياة، والتخوف من الدخول في أي مرحلة جديدة، لأنه يرى نفسه عاجزا عن أداء المطلوب منه.
إلى ذلك، لن يبادر بالدخول في مواقف أخرى خوفاً من إخفاق جديد، ليظل حبيسا لمشاعره التي تزداد يوما بعد يوم، فهو يرى من حوله يتقدم وينجز وهو فقط يرسل رسائل سلبية لذاته ويزداد تنمرا عليها. ويمتد الحوار السلبي أيضا، ليشمل جوانب عديدة نتيجة الإحساس بالدونية وضعف الثقة بالنفس.
مطارنة يؤكد أن من يحمل هذه الشخصية، فإنه يكون أسيرا لـ”الاستسلام”، وللمخاوف ويسمح لغيره بالاستقواء عليه وسلبه الكثير من الحقوق، لافتا إلى أن التوقف عن التنمر الذاتي هو أحد أهم حقوق النفس على صاحبها وأحد دعائم الشحصية الإيجابية السوية الواثقة وسبيلها النجاح وإدراك حدود المسؤولية تجاه النفس.
المرشدة التربوية رائدة الكيلاني تؤكد أن هذه الشخصية لا تأتي وليدة اللحظة وإنما تبدأ منذ الطفولة ويعززها الفرد ذاته إن لم يجد من يقوم سلوكه تجاه نفسه في الصغر ويشرح له بأن هذه قسوة على الذات وتعنيف لها.
لذلك، فإن الأهل أيضا أمامهم مسؤولية كبيرة بتعديل سلوك الأبناء من هذه الناحية، والتيقظ لما يقولونه ونظرتهم لأنفسهم، وللآخرين، قبل أن يكون التنمر على الذات عادة لديهم في الحياة.
ووفق الكيلاني، فإن الشخص كما يسامح الآخرين، من المهم أن يسامح ذاته، ويمنحها التوازن ويتحدث معها بإيجابية، للمضي بثقة ونجاح والتخلص من كل رواسب الماضي والتعلم من التجارب وتجاهل الانفعالات المزعجة التي تؤثر على كل مسارات الحياة.