عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Dec-2025

هل ضغط ترامب على ستارمر لحظر منظمة "العمل من أجل فلسطين"؟

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
جون مكفوي؛ ودانية العقّاد* - (كونسورتيوم نيوز) 5/12/2025
أثار الكاتبان جون مكفوي ودانية العقّاد السؤال حول تدخُّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب للضغط على كير ستارمر لحظر مجموعة "العمل من أجل فلسطين". وقد طُرحت المحادثات بين الزعيمين خلال بحث الطعن القانوني الذي قدّمته المجموعة ضد قرار حظرها أمام المحكمة العليا البريطانية مؤخرًا.
 
 
رفض مكتب مجلس الوزراء البريطاني محاولات موقع تعقب الوثائق التي نُزعت عنها السرية في بريطانيا، "ديكلاسيفايد يو كيه"، لمعرفة ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد ناقشا مسألة حركة "العمل من أجل فلسطين" قبيل القرار البريطاني بحظرها.
وقد أُشير إلى وجود مثل هذه المحادثات بين الزعيمين أثناء نظر الدعوى القضائية المرفوعة ضد حظر المجموعة، الذي بدأ في المحكمة العليا في بريطانيا في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر).
وكان ستارمر وترامب قد تحدثا في 10 و30 آذار (مارس) بعد أن قامت منظمة "العمل من أجل فلسطين" بتخريب ملعب ترامب للغولف في تورنبيري بإسكتلندا مطلع ذلك الشهر.
وفي 31 آذار (مارس)، صرّح ترامب في منشور على منصة "تروث سوشال": "أبلغني رئيس الوزراء ستارمر في المملكة المتحدة أنهم قبضوا على الإرهابيين الذين هاجموا ملعب تورنبيري الجميل في إسكتلندا. لقد ألحقوا أضرارًا جسيمة، ونأمل أن تتم معاملتهم بقسوة".
وأضاف ترامب: "الأشخاص الثلاثة الذين قاموا بذلك هم الآن في السجن. لا يمكن السماح لأمور كهذه بأن تحدث، وأنا أقدّر جدًا عمل رئيس الوزراء ستارمر وقوات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة".
تشير هذه الرسالة إلى أن ترامب وستارمر ناقشا موضوع منظمة "العمل من أجل فلسطين"، وكذلك عمليات الشرطة البريطانية، مع استخدام ترامب عبارات مأخوذة حرفيًا من قانون الإرهاب مثل ("إرهابيون" و"ضرر جسيم") لتبرير قيام الحكومة البريطانية بردّ قاسٍ.
"اتصالات دبلوماسية حسّاسة"
ظهرت هذه المحادثات خلال المراجعة القضائية في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث شكّك محامو هدى العمّوري، الشريكة المؤسِّسة للمنظمة، في شفافية عملية اتخاذ القرار الحكومي. وأشار المستشار القانوني للناشطة العمّوري، رضا حسين، إلى أن ترامب وصف المجموعة بـ"الإرهابيين" قبل أشهر من صدور قرار الحظر.
لكن القضية ما تزال محاطة بالسرية. في تموز (يوليو)، قدّم موقع "ديكلاسيفايد" طلبًا بموجب قانون حرية المعلومات إلى مكتب مجلس الوزراء يتعلّق باتصالَي ستارمر مع ترامب، طالبًا "كل الإشارات المتعلقة بمنظمة العمل من أجل فلسطين".
وردّ مكتب مجلس الوزراء بأنه "لا يستطيع تأكيد أو نفي ما إذا كانت المعلومات المطلوبة (المتعلقة بالمنظمة) موجودة"، مستندًا إلى بند الاستثناء الخاص بالعلاقات الدولية في قانون حرية المعلومات.
ويتيح هذا الاستثناء للحكومة حجب "المعلومات السرية التي حصلت عليها من دولة أجنبية".
وفي أيلول (سبتمبر)، ثبَّت مكتب مجلس الوزراء قراره بعد طلب مراجعة داخلية.
وقال المكتب: "المعلومات المطلوبة تتعلق باتصالات دبلوماسية حساسة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة على أعلى المستويات، في شكل تبادل مباشر بين رئيس الوزراء والرئيس".
تُضيف تقارير أخرى مزيدًا من الترجيحات لاحتمال أن الرئيس الأميركي ربما مارس ضغوطًا أو حاول التأثير على الحكومة البريطانية فيما يتعلق بإنفاذ القانون ضد حركة "العمل من أجل فلسطين".
في 14 أيلول (سبتمبر)، قالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية: "بعد أن تم تخريب ملعب ترامب تورنبيري بالطلاء الأحمر على يد محتجين مؤيدين لغزة في آذار (مارس)، طلب رئيس الوزراء تحديثات بشأن المقبوض عليهم من شرطة إسكتلندا، وقدم لترامب إحاطة شخصية حول التطورات".
مثير للاشمئزاز
قال المستشار حسين للمحكمة إن حظر الحركة "منافٍ لتقاليد القانون العام" ويتعارض مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وأضاف أن "العصيان المدني بدافع الضمير له تاريخ طويل ومشرّف في هذا البلد"، معتبرًا أن المنظمة تسير على خطى جماعات الاحتجاج المباشر الممتدة عبر قرون.
وقال حسين: "إن السماح لاحتجاجات من هذا النوع بالوجود هو دليل على مجتمع متحضّر". وأضاف: "لقد استلهمت موكلتنا السيدة العمّوري من تقليد طويل من العمل المباشر، من الناشطات في حركة حقّ الاقتراع للنساء، إلى مناهضي نظام الفصل العنصري، إلى المحتجين على حرب العراق".
قدّم الشهادة لصالح العمّوري أندرو فاينستين، الخبير البارز في تجارة السلاح وعضو البرلمان السابق لولايتين في جنوب أفريقيا تحت حكم نيلسون مانديلا، والذي كان منخرطًا بفعالية في النضال ضد الأبارتهايد.
وقال فاينستين للمحكمة إن أنشطة المنظمة "مشروعة وتشبه بدرجة لافتة الأنشطة التي مارسها جنوب أفريقيون ومؤيدون لهم حول العالم دعماً للنضال ضد الفصل العنصري والعنف الحكومي قبل العام 1994".
كما استمعت المحكمة إلى دفع بأن الحكومة البريطانية كانت قد أُبلغت بأن الحركة "من غير المرجّح" أن تدعو إلى العنف، وأن مجموعة مراجعة الحظر أشارت إلى أن أي حظر سيكون "مستحدثًا وغير مسبوق". وقد اعتُقل منذ فرض الحظر أكثر من 2000 شخص بسبب حملهم لافتات تقول: "أنا أعارض الإبادة الجماعية. أنا أدعم العمل من أجل فلسطين".
مع بدء جلسات المحكمة، أشار حسين إلى الأثر المرعب الذي خلّفه الحظر على الأفراد والمنظمات خارج إطار المجموعة. وسلّط الضوء على حالة امرأة يهودية تبلغ من العمر ثمانين عامًا زارتها شرطة مكافحة الإرهاب بسبب رسالة إلكترونية وكلمات أُزيلت من أغنية كان سيؤديها كورال.
وأشار حسين إلى أن الروائية الإيرلندية، سالي روني، لم تتمكن من تسلُّم جائزة أدبية في المملكة المتحدة هذا العام بعد أن نصحها محاميها بأنها قد تتعرض للاعتقال بسبب دعمها للمجموعة.
وقال إن الحظر ترك "أثرًا بالغًا" على قدرة منظمات مثل "العفو الدولية" و"ليبرتي" على العمل.
وردّ السير جيمس إيدي، محامي الحكومة الذي ترافع عنها في جلسة المحكمة، على وصف حسين للحظر بأنه منافٍ للقانون العام، وقال: "هذا ادعاء لا يحق له الإدلاء به، وهو غير دقيق".
تغيير القضاة
تميزت العملية القانونية بإثارتها للجدل قبل أن تبدأ. فقد تم استبدال القاضي تشامبرلين، الذي كان يشرف على الدعوى وكان مقررًا أن يترأس المراجعة القضائية، بفيكتوريا شارب وكارين ستين وجوناثان سويفت.
وما يزال سبب هذا التغيير غير معروف، بينما ترفض إدارة الإعلام القضائي الردّ على استفسارات الصحافة. وقد أثار هذا الإجراء الكثير من التساؤلات، خاصة وأن سويفت كان كبير مستشاري الحكومة القانونيين في الفترة بين العامين 2006 و2014، والتي مثل خلالها وزراء الدفاع والداخلية في ما لا يقل عن تسع قضايا. وشغل أفراد من عائلة شارب مناصب رفيعة في المؤسسة البريطانية بعد تعيينات من وزراء محافظين.
وقال الطيّب علي، الشريك في مكتب "بندمانز" للمحاماة، لصحيفة "الغارديان": "إن التغيير المفاجئ وغير المبرر من قاضٍ منفرد كان يشرف على القضية إلى هيئة جديدة بالكامل مكونة من ثلاثة قضاة هو أمر مثير للقلق بشدة، خاصة مع عدم وجود أي تبرير معلن".
من المتوقع صدور الحكم في المراجعة القضائية -أو الاستئناف- ضد حظر منظمة "العمل من أجل فلسطين" كمنظمة إرهابية في كانون الثاني (يناير) المقبل.
 
*جون مكفوي John McEvoy: كبير المراسلين في "ديكلاسيفايد يو كيه"، وهو مؤرخ وصانع أفلام تركز أعماله على السياسة الخارجية البريطانية وأميركا اللاتينية. تناول في أطروحته للدكتوراه "الحروب السرية لبريطانيا في كولومبيا بين 1948 و2009"، ويعمل حاليًا على فيلم وثائقي حول دور بريطانيا في صعود أوغوستو بينوشيه.
*دانية العقّاد Dania Akkad: صحفية استقصائية حاصلة على جوائز عن تغطيتها لحقوق النساء في الشرق الأوسط، والمعارضين الخليجيين. بدأت مسيرتها في صحف يومية في كاليفورنيا، ثم انتقلت للعمل مراسلة مستقلة من سورية قبل الحرب. شغلت مؤخرًا منصب رئيسة التحرير للتحقيقات في موقع "ميدل إيست آي".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Did Trump Pressure Starmer to Ban Palestine Action?