عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2023

مُزيِّفو التاريخ: ثقافة العنصريّة وأوهام «فائِض القوّة»؟*محمد خرّوب

 الراي 

هل نبدأ بكتاب أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب الروفيسور شلومو صاند الموسوم «إختراع الشعب اليهودي", الصادر باللغة العبرية في العام 2009 والمُترجَم إلى اللغة الفرنسية, الذي يقول: إنه ليس هناك وثائق تاريخية تثبت طرد الرومان للشعب اليهودي في أي وقت من الأوقات، حيث أنه يُضيف من المستحيل لوجيستيّاً في ذلك الوقت ترحيل مئات الآلاف من مكان لآخر. مُستطرِداً.. اليهود المُعاصرون لا ينحدرون من أصول اليهود القُدامى, الذين عاشوا في أرض إسرائيل القديمة، ولا يوجد ما يُسمى «العِرق» اليهودي، واليهود لا ينتسبون لمنبع واحد، با?ضبط مثل المسلمين والمسيحيين المعاصرين؟.
 
هذا بعض ما يقوله مؤرخ يهودي «ليس مُعادٍ للسامية", فيما يمضي تحالف الفاشيين الذي يقود دولة العدو الصهيوني قدماً في تطبيق خطة ضم الضفة الغربية المحتلة, بعدما نجح في زرعها بمئات المستوطنات اليهودية ومئات آلاف المستوطنين، على نحو لم يعد يُقيم وزناً لبيانات الشجب والإدانة, وبخاصة تلك المحمولة على «قلق» العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن التي رعت (على سبيل المثال) اتفاقي أوسلو, مُحتكِرة لنفسها رعاية «عملية السلام", بل وأسهمت في «شلّ» الرباعية الدولية خصوصاً عندما جاءت بتوني بليررئيس الحكومة البريطانية الأسبق (شري? بوش الإبن في غزو العراق) ليقوم/بلير (وقبله الأميركي/دينيس روس) بطيّ صفحة الرباعية, بعدما منحا تل أبيب ضوءاً أخضر لمواصلة إزدرائها لكل قرارات الأُمم المُتحدة وتنكّرها للاتفاقات والتفاهمات التي وقَّعتها مع الجانب الفلسطيني.
 
هنا تأتي تصريحات زعيم حزب الصهيونية الدينية المُتطرف/سموترتش في عاصمة النور/باريس, من على منصة تُظهر عليها خريطة «إسرائيل العُظمى»، التي يعمل الفاشي وتياره على تحقيقها، لتضيء على طبيعة المشروع العنصري الاستيطاني الاستعماري الصهيوني, الذي لم يتغيّر فيه شيء منذ نجح ثيودور هيرتزل بجمع شتات الصهاينة في مؤتمر بازل/سويسرا عام 1897, سوى في اللعب على المُصطلحات والتذاكي واغتنام الفرص المُتاحة لفرض الأمر الواقع. تطبيقاً لـ"النظرية» التي كرَّسها بن غوريون عندما قال بعد إعلانه قيام الكيان الغاصب على أرض فلسطين: «ليس ?ُهماً ما يقوله الغوييم (الأغيار) بل المهم هو ما يفعله اليهود».
 
ولم يكن مُفاجئاً والحال هذه أن يُكرّر/سموترتش أقوال غولدامائير بأنه ليس هناك «شيء» اسمه الشعب الفلسطيني، لكنه/سموترتش بإعادة «التذكير» بالعبارة ذاتها، أراد القول بالصوت والصورة أن إسرائيل العظمى (التي يحلم بها الفاشيون الصهاينة) لا تضم فقط فلسطين التاريخية، بل الأردن والجولان السوري المُحتل وأجزاء من السعودية.
 
نفيّ أو رفض رسمي صهيوني وخصوصاً من رئيس الائتلاف الفاشي/نتنياهو, لم يصدر حتى الآن، رغم الاتصال الذي أجراه مستشار الأمن القومي الصهيوني/تساهي هنيغبي بدوائر رسمية أردنية, لكن ذلك – في ما نحسب – لا يُبدد الشكوك بل يثير المزيد منها, خاصة إزاء الأسباب التي تقف خلف صمت نتنياهو, وعدم صدور بيان رسمي بإسمه يُدين تصريحات سموترتش, وأن الخريطة التي ظهرت على «منصة باريس» ليست جزءاً من برنامج حكومته.
 
ثم يأتي قرار الكنيست الصهيوني بـ"إلغاء» فقرات من «قانون فك الارتباط بقطاع غزة» الذي تمت المصادقة عليه عام2005, والقاضي بإخلاء مستوطنات غزة و"أربع مستوطنات في شمالي الضفة المحتلة»، ليذكر بـ"صخبٍ» المعنيين بالأمر في المنطقة العربية وبخاصة في سلطة الحكم الذاتي برام الله بأنّ ائتلاف الفاشيين يعلن بصراحة أن لا اتفاقات أو عهود أو مواثيق أو تفاهمات باتت مقبولة عليه مع الفلسطينيين (الذين ليسوا شعباً كما قال سموترتش) وأن أرض إسرائيل الكاملة/فلسطين التاريخية, هي التي حدّدها «قانون القومية/2018 حيث حق تقرير المصير في?ا هو لـ"الشعب اليهودي» وحده, وليس أي «مُقيم» فيها. وتبعته وزيرة الاستيطان/أوريت ستروك (من حزب سموترتش).. قائلة/ومُهددة: بأن المستوطنات التي انسحب منها جيش الاحتلال في قطاع غزة/عام 2005، هي «جزء من أرض إسرائيل، وسيأتي اليوم الذي نعود فيه إليها».
 
ليس ثمّة ما يمكن أن يكون أكثر بلاغة ودقة من الوصف الذي أطلقته «حركة السلام الآن» الإسرائيلية, عندما وصفت قرار إلغاء بعض بنود فك الارتباط/2005 من قِبل الائتلاف اليميني الديني بأن الأخير «يُنفّذ إنقلاباً توراتيّاً خطيراً يُعمّق الاحتلال».
 
في الخلاصة: في ظل كل ماسبق هل يمكن الرهان على دور أميركي أو أوروبي, لـِ"عقلنة» أو كبح الموجة الاستيطانية الصهيونية الفاشية, التي يبدو أنها ازدادت شراسة وتأثيراً في دولة العدو, خاصة لجهة تنفيذ مشروعها الاستيطاني الاستعماري الذي يتجاوز فلسطين التاريخية، ام ان على الجميع في المنطقة أن يُعيدوا ترتيب أوراقهم, والتوقّف عند اللغة المُتعلثمة والخجولة التي يستخدمها المعسكر الغربي في تعاطيه مع حكومة نتنياهو الفاشية، وبخاصة اكتفاء العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن وبروكسل/الاتحاد الأوروبي كما لندن وباريس وبون, بضخ ال?زيد من الكلام والأوصاف ذاتها, دون أي تلويح بعقوبات أو مُقاطعة أو سحب سفراء. أما حكاية استدعاء سفير الاحتلال في واشنطن لجلسة «توبيخ", قد لا تعدو كونها ذرّ للرماد في العيون. وعلينا تذكّر كيف نجح «هتلر» في تسويق خطابه وايديولوجيته النازية قبل أن يأخذ العالم إلى الهاوية.